السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«التفنيش» هل يؤدي إلى الانتحار؟!

«التفنيش» هل يؤدي إلى الانتحار؟!
5 أكتوبر 2009 00:33
عصفت الأزمة الاقتصادية رياحها في الآونة الأخيرة على مختلف القطاعات الحيوية بمجمل دول العالم، مخلّفة وراءها انهيارات ضخمة ومشاكل مالية وتنموية كبيرة، من خلال الخسائر المادية والمعنوية التي لا تعد ولا تحصى، مشاريع كبيرة كانت قيد الإنشاء تم إيقافها بسبب غياب التمويل، فلا أموال ولا سيولة تذكر بعد الأزمة، كما تصاعدت موجات التوتر الاقتصادي العالمي حاملة معها مظاهر اجتماعية خطيرة، جرّاء إقالة عمال تجاوزت أعدادهم الملايين في بعض المؤسسات والشركات الكبرى، على مستوى العالم بأسره. أما عن آخر ما تناهى إلى الأسماع عن مظاهر الإقالة التعسفية بسبب الأزمة المالية، فهو ذلك الخبر الغريب المتعلّق بإقدام أكثر من 24 موظفاً على الانتحار منذ بداية العام الماضي، وهم من العاملين السابقين في إحدى أكبر شركات الاتصالات بالعالم، شركة فرانس تيليكوم الفرنسية، التي تضُّم ما يزيد على الـ 100 ألف موظف، ولعل آخر حالة انتحار هي التي أثارت ضجة كبيرة وسط المجتمع الفرنسي، حيث وصلت موظفة في الشركة ( تبلغ من العمر 32 عاماً) كعادتها عند بداية ساعات الدوام الرسمي، لتفاجأ بمغلّف وضع على مكتبها، وعندما فتحته كانت الفاجعة: رسالة إقالتها موقعة ومختومة من قبل المدير العام للشركة، فتعالت صيحاتها وصراخها بين زملائها الموظفين، لتتوجه بعدها مباشرة إلى مكتب المدير حاملة الرسالة، وما هي إلا دقائق قليلة حتى خرج الأخير مصفرّ الوجه، متلعثم اللسان، طالباً الشرطة وسيارة الاسعاف، لقد انتحرت تلك الموظفة على مرأى منه، حيث ألقت بنفسها من نافذة مكتبه!! أثار الخبر الدهشة لغرابته، وكان حافزاً لاستطلاع آراء بعض الموظفين العرب في أبوظبي، وكان السؤال: إذا تمت إقالتك من عملك، فماذا كنت ستفعل؟ وقد تباينت أجوبة المستجوبين الذين ردوا على السؤال بتهكم وفق أسلوبهم الخاص.. الله يحمينا محمد الطنيجي (43 عاماً، موظف في إحدى شركات البترول بالدولة) علق قائلا: «والله لو أنا كنت مكان أولئك، لما أقدمت على الانتحار، وهذا هو وجه الاختلاف بيننا، فنحن كمسلمين نرى في الإقدام على الانتحار معصية كبيرة، ويكفينا ما ارتكبناه من ذنوب لحد الآن.. فأنا عن نفسي، لو «تفنّشت» لأخذت سيرتي الذاتية، وقرعت أبواب شركات البترول الأخرى، أو المؤسسات ذات الصلة بطبيعة عملي، الحمد لله لدي خبرة في المهنة، وأغلب الظن أنني سأجد مبتغاي». الطلاق والهجرة ! من جانبه سعيد البادي (30 عاماً، موظف إداري) أطلق جواباً مضحكاً على السؤال، حيث قال:»الله لا يقدّر ويفنشوني، لكن إذا تقررت إقالتي من وظيفتي، وحالياً على عاتقي ديون المنزل وأقساط السيارة، فسأطلّق زوجتي، وأترك ابني مع أهلي ليكملوا تربيته، أما أنا فسأهرب من الدولة، وأغلق خط هاتفي، حيث أنني أستطيع تدبر أمري بمفردي، لكن إعالة أسرتي من دون وظيفة أمر مستحيل»!! وعن الوجهة التي سيسافر إليها في حالة إقالته، أجاب: «والله بلاد ربنا واسعة، ونحن الإماراتيين محبوبون في كل بلد، من المحتمل أن أهاجر إلى لندن، حيث درست، ولديَّ أصدقاء كثر بريطانيون، وعرب، وأكيد أنَّ أحداً منهم سيستقبلني للعيش معه، من هناك سأبدأ حياة جديدة، وإن وفّقت في جمع المبلغ المستحق علي دفعه، سأرجع إلى موطني». أما علي السويدي (37 عاماً، موظف في إحدى الوزارات) فلم يعط للموضوع أهمية كبيرة، مفسّراً ذلك بأنَّ له أعماله الخاصة، وبأن وظيفته الحالية لا تشكل مصدر دخله الوحيد، وإنما هو يحتاجها في المستقبل لتأمين تقاعده. الكل بالكل توجهنا إلى النسوة العاملات قصد معرفة ردود أفعالهن في حالة إقالتهن من وظائفهن الحالية، فتباينت الأجوبة، حيث أوضحت فاطمة الكتبي (28 عاماً، سكرتيرة المدير في إحدى الشركات الخاصة بأبوظبي) قائلة: «لن أقال من عملي مهما حصل ومهما تأزم الوضع، فأنا الكل بالكل هنا، حيث أقوم بكل ما يتوجب على المدير القيام به، أحرر عقود الصفقات، وأحجز له مقاعد سفره وإقامته في الفندق، وأضبط مواعيده مع الزبائن، ناهيك عن الرد على مكالماته وإيميلاته الخاصة بالعمل... وإن حدث وأقالني فهو الخاسر الأول والأخير». أما عايشة المهيري (33 عاماً، معلمة لغة انجليزية بإحدى المدارس الخاصة بمنطقة المشرف) فقد تشاءمت من السؤال، لأنه لو حدث وأقيلت فقد يسبب ذلك مشاكل جمة لها ولعائلتها، حيث أنها تهدف من وراء عملها بالتدريس إلى مساعدة زوجها، الموظف البسيط، في مصاريف الأسرة وإعالة أفراد عائلتها، خصوصا أنهما قد سجلا ابنيهما للتعلّم بمدارس خاصة، مما يستوجب أقساطاً مرتفعة الدراسة والنقل، والمأكل والمشرب والملبس، «كل تلك المصاريف قسمناها، أنا وزوجي ووضعنا ميزانية محددة لكل شيء، فإن أقالوني من وظيفتي لا قدّر الله، سنضطر إلى الاقتراض... ولكن إلى متى سنظل تحت وطأة الديون، وماذا سنعطي كضمانات»؟ مصروف شهري.. وزوج مسؤول بدورها آمنة الفلاحي (25 عاما، مدخلة بيانات في إحدى المستشفيات الحكومية) ابتسمت قبل أن ترد على السؤال قائلة: «صراحة لا يهمني كثيراً أمر إقالتي، فمصروفي الشهري ثابت وأبي وإخوتي لن يقصروا، أما عن عملي فهو مجرّد تسلية، ومثلما نقول (زيادة الخير خيرين)، فأنا حاليا مخطوبة، وفي القريب العاجل سأتزوج، وعلى زوجي أن يتحمل مسؤولية إعالتي وتوفير متطلباتي، لذا لن يحدث هذا الأمر أي فرق أو تغيير في حياتي». ماذا عنك يا صاحب القرار؟؟ ولأن حادثة الانتحار الأخيرة بشركة فرانس تيليكوم وقعت من مكتب المدير العام الذي أصدر قرار الإقالة، استطلعنا آراء مديري بعض المؤسسات الصغيرة والكبيرة هنا بالدولة... فكانت أجوبتهم كالتالي: مصبح السويدي (57 عاماً، مدير شركة مقاولات): «أنا عن نفسي، لن أتخذ أي قرار بالإقالة بل سأترك الخيار للموظفين، حيث أعقد اجتماعاً نتناول فيه مردودية إنتاج كل موظف، والذي يحصل على أقل نسبة سنقيله مع إعطائه كافة حقوقه المادية أي نهاية الخدمة، وستدفع الشركة كافة المستلزمات التي عليها وفق عقد العمل الذي وقعته مع هذا الموظف». أما درويش المهيري (53 عاما، صاحب شركة عقارات) فضحك قائلاً: «يا بنتي أول شيء سأقوم بفعله، هو إحضار المقاول وإغلاق كل النوافذ عندي بالشركة، حتى إن حدث وأصدرت قرارات متعلقة بالإقالة، فإني أضمن بهذا عدم انتحار أيّ موظف عندي في مقر الشركة، وبهذا أكون قد وفرت على نفسي تعليقات الصحفيين وتحقيقات الشرطة»!
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©