السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تبرير أخطاء

تبرير أخطاء
5 أكتوبر 2009 00:38
على الرغم من أننا أصحاب القول بأنَّ المؤمن لا يلدغ من الجحر الواحد مرتين، الا أنَّنا أقل الشعوب استفادة من أخطائنا، حتى لا نقع فيها مرة أخرى، وأكثر الشعوب وقوعاً في ذات الأخطاء، لكأنَّ اسطوانة التاريخ باتجاهنا صارت مشروخة، وتكرر ذاتها باستمرار. في معركة أُحد وقعنا في خطأ استراتيجي استغله خالد بن الوليد، ومنذ ذلك التاريخ ونحن نسمع ونقرأ حول الدروس المستفادة من معركة أُحد، وما زلنا حتى الآن نتلقى هذه الدروس مع أننا لم نستفد منها قط. وقد وقعنا بذات الأخطاء (ترك الموقع لاسترجاع الغنائم). ولعلَّ أفدحها هو ما حصل في معركة سان بواتيه (بلاط الشهداء) بين قوات الأمويين والفرنسيين. المعركة التي أوقفت الزحف العربي تماماً، لأنهم ارسلوا من يصرخ بأن غنائمنا تتعرض للنهب. فتركنا مواقعنا القتالية، وخسرنا المعركة الفاصلة. ولا شك أنَّنا خسرنا الكثير من المعارك فيما بعد، وسوف نستمر في خسارة معارك قادمة، لأنَّنا نقع في ذات الخطأ. هذا هو الفارق الأساسي بيننا وبين الغرب بكامل تلويناته.. أقصد الحضارة الحضارة الغربية برمتها، التي اعتادت الوقوع في الأخطاء الجسمية، لكنها لا تلون أخطاءها ولا تزوقها ولا تبررها، بل تعترف بها أولاً. تعترف الحضارة الغربية بأخطائها، وتتحدث عنها، وتتناقلها وسائل الإعلام وتتحول إلى أفلام ومسلسلات وروايات وأعمال فنية، فيتم هضمها واستيعابها ومناقشتها وفضحها تماماً، فلا يقعون فيها مرة أخرى. لكأنهم (يطعّمون) أنفسهم ضدها فيشفون. لذلك فإن تلك المجتمعات قابلة للتطور أكثر منا، بينما نعيش نحن في دهاليز الماضي التليد، دون أن نعترف بأخطائنا، ونحول الماضي الى (تابو) مقدس نعيش في ضلاله وظلاله وندعو للعودة اليه، للخلاص من أوضاعنا الحالية البائسة، فلا نحيا الماضي.. ونخسر الحاضر والمستقبل معاً، مثل الغراب الذي اراد تقليد مشية الحمامة ففشل، وحاول العودة الى مشيته الأصلية فاكتشف انه نسيها! الغرب يؤنسن نفسه، وينأى بذاته عن أخطائه الفادحة، بينما نحن منهمكون في تبرير أخطائنا، أو في الحديث عن مؤامرة عالمية يشترك فيها العالم بأسرة من الأسكيمو حتى بطاريق الجنوب. قد لا نعدم، مثل غيرنا من الشعوب الضعيفة، من يتآمر علينا ويسعى لاستغلالنا، فهذا وضع طبيعي، للأسف، في هذا العالم. لكنَّ الجزء الأكبر من المسؤولية نتحمله نحن جيلاً بعد جيل، لأنَّنا لا نستفيد من أخطائنا ولا نعترف بها. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©