الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المشاركة العسكرية في ليبيا... عزوف ألماني

4 ابريل 2011 22:09
في وقت يتولى فيه حلف الناتو القيادة الكاملة للمقاتلات التي تراقب الأجواء الليبية، يبرز بوضوح غياب عضو كبير في التحالف الغربي: إنه ألمانيا. فقد اختار أكبر بلد من حيث عدد السكان وأكبر اقتصاد في أوروبا الإحجام عن المشاركة في العملية لتشكيكه في أهداف التدخل المسلح وفعاليته؛ ذلك أنه بينما تقوم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بفرض منطقة حظر الطيران وتصر على رحيل القذافي الرجل القوي في ليبيا، تضغط ألمانيا في اتجاه نهاية للنزاع متفاوض بشأنها والنأي عن الحملة العسكرية. ولكن القرار يأتي تحت انتقادات متزايدة في الداخل من أولئك الذين يخشون أن تكون برلين بصدد إدارة ظهرها لشركائها التقليديين واحتضان شركاء جدد مثل روسيا والصين، اللذين يعارضان أيضاً استعمال القوة في ليبيا. ويقول المنتقدون إن ألمانيا تكبدت خسارة فادحة من حيث مصداقيتها على الساحة العالمية وإنها تواجه خطر الانجراف نحو نزعة انعزالية لا تقدر على تحمل تبعاتها. وفي هذا السياق، انتقد وزير دفاع ألماني سابق بقرار بلاده القطع مع حلفائها القدامى باعتباره "خطأ فادحاً ذا أبعاد تاريخية". غير أنه في يوم الجمعة، أعاد وزير الخارجية الألماني "جيدو فيسترفيلي"، الذي كان يقوم بزيارة رسمية إلى الصين، التأكيد على رغبته في تسوية دبلوماسية في ليبيا حيث قال من بكين: "إن المشكلة الليبية لا يمكن حلها بالوسائل العسكرية. لا يمكن أن يكون ثمة سوى حل سياسي، وعلينا أن نبدأ العملية السياسية". رأي شاطره نظيره الصيني. وقد شكل "فيسترفيلي"، وهو زعيم الحزب الصغير المؤيد للشركات في الائتلاف الحكومي الألماني، هدفاً رئيسياً للانتقادات التي أثارها موقف برلين من ليبيا. فمنذ أن تولى منصب رئيس الدبلوماسية الألمانية في أواخر 2009، حوَّلته بعض الأخطاء التي استأثرت بتركيز كبير من قبل وسائل الإعلام وشخصيته سريعة الغضب إلى واحد من أحد أكثر السياسيين افتقاراً للشعبية. ويقول بعض المحللين إن "فيسترفيلي" لا يكن وداً كبيراً لمنظمة حلف شمال الأطلسي والعلاقات التقليدية لألمانيا خلافاً لوزراء الخارجية السابقين؛ وإنه يميل إلى تبني رؤية أضيق للمصالح الوطنية لألمانيا والسعي إلى تحقيقها، حتى وإنْ كان ذلك يعني استعداء أصدقاء قدامى. وهذا يعني، على سبيل المثال، علاقات أوثق مع روسيا وموقفاً أكثر تراخياً أحياناً تجاه إيران، وكلاهما موقفان يتأثران باعتبارات تجارية. وفي حالة ليبيا، يقول بعض المحللين إن الكره السائد في ألمانيا لاستعمال القوة العسكرية مثَّل الدافع القوي لـ"فيستر فيلي". وهناك قصة تروج من بعض الوقت ولكن الحكومة الألمانية نفتها جملة وتفصيلاً، وتفيد بأن فيسترفيلي كان يريد في الواقع التصويت الشهر الماضي ضد قرار الأمم المتحدة الذي يرخص باستعمال القوة من أجل حماية المدنيين الليبيين. ولصدمتها وخوفها من ردة الفعل السلبية الأكيدة التي كان من شأن مثل هذا التصويت أن يثيرها لدى الحلفاء، يقال إن المستشارة الألمانية لم تسمح لوزيرها في الخارجية بذلك. وفي نهاية المطاف، امتنعت ألمانيا عن التصويت، ما يعني فعليا أنها انحازت إلى روسيا والصين بدلاً من الحلفاء مثل الولايات المتحدة وفرنسا. غير أن حقيقة أن العديد من المراقبين يصدقون القصة إنما يبرز إلى أي مدى يُعتقد أن فيسترفيلي مستعد لتجاهل العلاقات القديمة. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول "جورج فوربريج"، وهو محلل في صندوق مارشال الألماني في برلين "هذه هي المرة الأولى... التي تقف فيها ألمانيا بعيداً تماماً عن كل من الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الكبرى"، مضيفاً "إنه تطور مقلق لأنه يمكن أن يُبعد ألمانيا عن الشركاء الذين كانوا خلال الخمسين سنة الماضية يعتبرون من الأشياء المسلم بها". وبالمقابل، يصف المؤيدون ذلك بأنه استقلال صحي لبلد كان راضياً لسنوات بالسير على خطى الدول الغربية الأخرى بخنوع، كنوع من التكفير عن مسؤوليته في الحرب العالمية الثانية. وللإنصاف، فإن كره "فيسترفيلي" لمشاركة عسكرية ألمانية تطابق آراء العديد من مواطنيه، إذ تُظهر استطلاعات الرأي أنه إذا كان العديد من الألمان يتفقون مع فكرة تدخل عسكري في ليبيا، فإنهم لا يريدون أن يشارك فيها بلدهم. ولكن هذا الموقف، الذي يعزى جزئياً إلى نزعة مترسخة إلى السلم خلال مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ينتج ضغوطاً خاصة به. وفي هذا الإطار، يقول فوربريج: "إن ألمانيا مازالت تبدو غير مؤهلة للدور الدولي الذي كثيراً ما تتطلع إليه"، مضيفاً "فألمانيا تطمح إلى أن تصبح عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي؛ ولكنها في الوقت نفسه تُظهر من خلال قرارات مثل هذا أنها لا ترغب في تقاسم المسؤوليات التي ينطوي عليها ذلك القرار". وعلى الرغم من أنها تنتمي إلى "الناتو"، عمدت ألمانيا مؤخراً إلى سحب المئات من الموظفين العسكريين المتمركزين في البحر الأبيض المتوسط، وذلك حتى لا يشاركوا في عملية ليبيا. ولكن حتى تُظهر أنها لم تتخل كلياً عن حلفائها القدامى، وافقت برلين بالمقابل على إرسال مزيد من الجنود إلى أفغانستان للتعويض عن خفض عديد الجنود الأميركيين هناك. هنري تسو - برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©