الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مريم الساعدي: القصة بالنسبة لي هي ممارسة الحياة الأجمل والأصدق

مريم الساعدي: القصة بالنسبة لي هي ممارسة الحياة الأجمل والأصدق
31 مارس 2013 23:40
مريم جمعه فرج (دبي)- يبدو البحث في المكتبات التجارية، عن إبداع كتابنا الشباب، شبيها بالرحلة الشاقة؛ حيث عدد غير قليل من هؤلاء الكتاب تصدر أعمالهم عن دور نشر خارج الإمارات، وقد لا تتوفر إلا في مكتبات المؤسسات الثقافية الكبرى، وبنسخ قليلة أحيانا. غير أن هذه الرحلة المتعبة ربما آن لنا أن نرى نهاياتها، مع مشاركة هؤلاء المبدعين السنوية في معارض الكتب، وعروضها المغرية في مجال النشر والتوزيع والكثير مما يدعم التجارب الجادة. والواقع أن هذه التجارب تقدم نفسها بتلقائية. فأنا لم ألتقي القاصة والكاتبة مريم الساعدي مباشرة، تسلل إلى مسامعي هذا الاسم عبر الأصدقاء، من قرائها المعجبين بالتجربة الشابة. وكانت مجموعتها القصصية «نوارس تشي جيفارا» قد بدأت التحليق سنة 2012. ولم يكن الوصول إليها سهلا. هذه المجموعة من منشورات دار أثر، المملكة العربية السعودية. وفي وقت لاحق، يناير 2013 أعلن عنها ضمن القائمة القصيرة لفرع «المؤلف الشاب» للدورة السابعة لجائزة الشيخ زايد للكتاب. «أبدو ذكية» وبالمقارنة بمجموعتها القصصية «أبدو ذكية» سنة 2009 الصادرة محليا عن «دار العالم العربي للنشر والتوزيع» وهي عمل جميل يحتوي في نهايته على قصة طويلة، ـ نوفيلا ـ، بعنوان «في سبيل الرواية»، فإن النوارس تحلق في فضاءات الواقع وبشاعرية دون أن يؤدي ذلك إلى اختلال توازنها. هذا ما طرحته كسؤال على مريم الساعدي والتي أجابت قائلة «أعتقد أني حاولت في، «أبدو ذكية»، فقط أن أكون على الورق. هي فترة انشغلت فيها بفكرة وجودي المادي على الأرض. تنتابني أفكار من نوع «هل أنا هنا حقا؟» هل هذه أنا أم أحد سواي؟ وما الدليل على ذلك؟ وأعتقد أنها، وإن كانت أفكاراً ذاتية، لكنها تلامس ذوات آخرين أيضاً، فنحن نتشابه. هذا العالم يبدو لي مثل طاحونة، وكلنا حبات قمح. فأحاول أيضاً الخروج من المطحنة والتشكل على هيئة إنسان، وهي عملية شاقة جداً صدقيني». تستطرد «في «نوارس تشي جيفارا»، أظنني انتقلت إلى مرحلة التعامل مع الواقع « كما هو» ، وبدوت أكثر تصالحا مع كوني حبة قمح في مطحنة، حتى اتخذت حبات القمح هيئات بشرية بالألفية». وأنت تسردين تفاصيل الحياة في مجتمع الألفية بحيوية، حتى أن أبعد تاريخ تعطينه، ربما بشكل أكثر وعيا من غيره هو تاريخ غزو العراق للكويت؟! تقول الساعدي دون مواربة «أنا أسرد ما أعرفه. ما أراه أمامي، ما سمعت به، ما شعرت به. أكره ادعاء المعرفة، ولأني أدرك أنني لكي أخرج من إطار « الحالي» و» المعروف» إلى كتابات أكثر غورا في حقبة زمنية ماضية أحتاج لعمل أبحاث تاريخية جادة، لكي ألم بشكل الحياة في تلك الحقبة فأعبر عنها بالحساسية التي ترضيني، فالأدب كتاب تستدعي أن تعيش الحالة، ولكي تعيشها يجب أن تكون عارفا بها تماما، وبصراحة لا أملك الوقت حاليا لذلك، فأتعامل مع ما أعرف لكي أقول ما أريد قوله بأكبر قدر ممكن من الصدق. «مريم والحظ السعيد» وبقراءة المزيد من أعمال مريم الساعدي القصصية، التي تحتويها مجموعاتها الثلاث، وأولاها» مريم والحظ السعيد» 2008، صادرة عن «دار ملامح للنشر» القاهرة، يحيلك ذلك إلى شكل للتعبير موجود في أعمال العديد من كتاب القصة القصيرة المعاصرة، التي تدرج تحت عنوان القصة الجديدة. ربما القصة التي تفرضها حياتنا الراهنة لمناقشة إشكالية ذواتنا، بواقعية وجمالية غير تلك التي تعودنا عليها- ثمة إرهاصات من هذا النوع ربما تطورت بمرور الوقت- وكما أنها تقدم المضمون، فهي تؤكد من حيث الشكل مفعول أدواتها الخاصة. لغة السرد المتعددة المستويات، الشاعرية، التكرار والترادف، الإسترسال، الحوار المؤسس على التهكم والتحريض على الوعي، وما يحدثه ضمير المتكلم من حساسية لدى القارئ تجاه ذاته نفسها. في قصة «معلمات، عن شعائر لا حياة» من مجموعة «مريم والحظ السعيد» مثلا، تعلق على صديقاتها «بدون حق» متغيرات. ليس الوزن أو التغضنات.. شيء أكبر.. شيء أخطر.. شيء ينتزع الحياة .. بدون ميتات .. كلهن ميتات .. « ما الحياة إلا متعة الاختيارات ؟!». إلا أن المقارنة بين ملامح القصة الجديدة وبين قصة مريم الساعدي في النهاية، مرهونة باقتناعها هي. الكتابة تقول الساعدي «الكتابة بالنسبة لي تحرر. فعل حرية. أكره أن أنصاع لأشكال الكتابة التقليدية لكي أقدم نصاً قصصياً. القصة بالنسبة لي هي «ممارسة الحياة» والحياة الأجمل والأصدق هي التي تتعالى على الأسوار والقواعد والمفروض وما يجب أن يكون. «لم أتقصد» الاشتغال على مفهوم القصة الجديدة «كل ما يحصل أنني فقط أحاول الإمساك بأهداب «الحياة الجديدة» التي تحاول تجاوز المتآكل والمستهلك والمهترئ، لكي أمارس فيها وجودي الحقيقي كما هو دون رتوش على الورق. أكره الرتوش؛ هي تجعلني زائفة ومقنعة ومليئة بالشوائب وهذا خانق. أنا أعيش مرة واحدة، لماذا أعيش وأنا أحاول أن أتشكل وفق القالب المنصوص عليه مسبقا؟ من سيمنحني حياة أخرى لأعيش كما أشعر؟ هل تسيرين براحة إذا ارتديت ثوب اختك الضيق أو الفضفاض؟ أؤمن أن لكل فرد ثوبه الخاص وهو تفصيل إلهي. لا يحق لكائن بشري تمزيقه وإلباسك زيا موحدا من محل ملابس مستعملة عبر التاريخ». المرأة وبعد فإن وجهة النظر هذه، ربما حرضت على السؤال عن المساحة التي تحتلها المرأة لديها. وفي «كائن مختلف» حيث تقول الساعدي «أردت دوما أن أكتب أشياء مهمة تخاطب الإنسانية، والمستقبل والتاريخ. لكن، حين بدأت أنشر أقصوصاتي، صار الجميع ينصحني بأن أكتب عني. اكتشفت لاحقا أنني مختلفة، أو هكذا يراني العالم». وأوضحت الساعدي وجهة نظر مهمة في هذا السياق فتقول «لا أعتقد أني أعبر عن هموم المرأة على وجه الخصوص. أنا أعبر عن نفسي وصدف فقط أني امرأة. من ناحية أخرى نعم أنا أنحاز للضعيف والمهمش والمضطهد وكثيراً ما تجد المرأة في هذه الفئة» وتضيف «الإشكالية في قضية المرأة الآن أنها استساغت أن تكون في الفئة المهمشة، أقنعوها أن هذا مكانها فصدقت، وراحت تبشر به وتدعو الأخريات للانضمام لـ «جنة السلامة من الأذى باتقاء فعل الحياة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©