الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«المكتبة في الليل» بيت القارئ العالمي

«المكتبة في الليل» بيت القارئ العالمي
1 يونيو 2017 00:55
عصام أبو القاسم (الشارقة) عندما تنهي قراءة كتاب «المكتبة في الليل» للكاتب الأرجنتيني ألبرتو مانغويل (1948)، ومهما كانت صلتك بخزائن ومحافظ الكتب، قريبة أو بعيدة، في الماضي والحاضر، في البيت أو في الأماكن العمومية، في بلدك أو في بلدان العالم، ستكتشف أن معرفتك بهذا العالم المدهش لا حد لضآلتها وهشاشتها! إن المكتبة، التي نتصورها كمبنى تتوزع في نواحيه مقاعد ومناضد القراءة وقد أحيطت بأرفف وصناديق تخزين وعرض الكتب؛ هي في منظور مانغويل: سلطة وأسطورة وورشة عمل، وهي وطن وهوية ومكان وشكل وطيف، وهي أكثر من كل ذلك. فاتحة هذا الكتاب الفريد، الذي يصعب تلخيصه، صورة لقطعة حجرية أثينية نُقش عليها ما ينص على أوقات الافتتاح والإغلاق في مكتبة إغريقية؛ وهذه الصورة العريقة هي واحدة من صور ورسومات عديدة لمكتبات وكتّاب شغفوا بالمكتبات وقراء وأصحاب مبادرات مكتبية، من مواقيت مختلفة في سيرة الزمان ومن خرائط مكانية في كل أنحاء العالم، تضمنها هذا الكتاب لتزيد ثراء مادته ثراءً بالإثباتات والوثائق المنظورة، ولتؤكد سعة مؤلفه ورحابة مشواره في هذا المجال. «في طيش فتوتي، حين كان أصدقائي يحلمون بمآثر بطولية في حقول الهندسة والقانون.. كان حلمي أن أصبح أمين مكتبة»، هكذا كتب مانغويل في مقدمته لهذا الكتاب (2005)، ويبدو أن حلمه تحقق أخيراً وعين رئيساً للمكتبة الوطنية في الأرجنتين (2016)، لكن، لعل ما يبدو أعلى وأرسخ مكاناً ومكانة من هذا المنصب إصداره لهذا الكتاب وكتابه الآخر الذي صدر في ترجمة عربية للمترجم ذاته تحت عنوان «يوميات القراءة.. تأملات قارئ شغوف في عام من القراءة» 2013م. في لغة هي مزيج من الشعر والنثر والوصف، تتخللها الأمثولات والاقتباسات متعددة المصادر والأزمنة، والوثائق والصور، تتوالى صفحات الكتاب، لتأخذك من الصفحة الأولى في رحلة مشوقة إلى عالم واسع من الأسرار المكتبية، عمائرها وأشكالها الهندسية وجغرافياتها وتواريخها وطرائق عملها، إلخ. من الميقات الذي يناسبه للقراءة (الليل)، إلى طريقته في تصنيف ورص الكتب في الأرفف، يبدأ مانغويل حديثه، ويمضي فاتحاً صفحات كتابه على العديد من المعارف المتصل بهذا الحقل. وهو ينطلق في كل سطر من كتابه ( 270 صفحة من القطع المتوسط) من الخاص ـ أي من شأن مانغويل ومكتبته- إلى العام والأكثر عمومية، ومن اليومي والحاضر إلى الماضي السحيق، كما أنه يبرع في توظيف حصيلته أو ما اختزنته ذاكرته من قراءاته الثرية، في سطور كتابه، مقتبساً الرؤى والتعبيرات، مذكراً بها ومحاوراً مفاهيمها ودلالاتها. وبقدر ما يشعر المرء بالأسى لأن المطبعة العربية لم تصدر كتاباً مماثلاً، لكن لعل مما يثير الغبطة أن هذا الكتاب يضيء في صفحات عديدة منه على السيرة الغراء للعرب مع ديوان القراءة. في آخر صفحة من كتابه، يسأل مانغويل عن قيمة تقصيه وبحثه في مكتبته؟ أما إجابته فلقد اختزلها في كلمة: السلوان!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©