الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زكي الصدير: الكتابة محو قبل أن تكون إثباتاً

زكي الصدير: الكتابة محو قبل أن تكون إثباتاً
30 يوليو 2008 23:19
تتباين التجارب الشعرية ويذهب كل شاعر في البحث مع اللغة عن عوالمه وجمالياته الخاصة، الشاعر التواق إلى البحث عن فضاءات جديدة قادرة على الغوص في النفس الإنسانية وتمزيق تلك الحجب، والشاعر المنشغل بأدواته ومكنوناته وذاكرته التي تختزل وتكثف وتشير، تختلف تلك العوالم من شاعر إلى آخر ويبقى الشعر مكاناً آمناً للكلمات·· في حوار مع الشاعر السعودي زكي الصدير الذي أصدر أولى دواوينه الشعرية تحت عنوان ''جنيات شومان''، يكشف رؤاه ويتحدث عن اللغة، والمتلقي في مجموعته الشعرية الأولى· ؟ ''جنيات شومان'' هو عنوان ديوانك الأول، نلاحظ اتكاءك على مفردات ربما اصبح استخدامها نادراً وغير مستعمل (طرماح ـ قلوص ـ أشنات) وتوظيفك للكثير من معطيات الموروث·· كيف تنظر إلى اللغة، واللغة الشعرية خصوصا؟ ؟؟ إن المتتبع للموروث اللغوي يجد أحياناً ضالته من حيث هو يبحث عن ضالة غيره، هكذا أجدني مع شومان· فلقد وجدت فيه مساحة حرة للكتابة، وأفقاً رحباً في الاشتغال، وشومان هو أبو الجن في الموروث الأسطوري العربي، ومن الممكن ـ لو أردنا ـ أن نجعله المعادل الموضوعي لآدم إذا ما وضعنا المعادلات الأسطورية هنا· ؟ ولماذا هو دون غيره؟ ؟؟ هو دون غيره لكونه المركز الذي لا سقف فوقه· من الممكن أن يُعاود أو يُرجَع إليه في سلسلة الارتباط الوجودي الأسطوري، ولأنه يسكنني إيماني بأن الكتابة محو قبل كونها إثباتاً، لذا فرصد الأسئلة هو وظيفة الشاعر الأولى، البحث القلق والتتبع اليومي لما هو غير عادي أو غير مقروء· ؟ وماذا عن دلالة (شومان) في النص والعنوان؟ ؟؟ لقد مات المؤلف منذ زمن رولان بارت، والقارئ هو ذلك الكائن الجديد الذي يعيد إنتاج دلالة النص بطريقته هو، بتصوري إن شومان يسكن جميعنا، وعلاقتنا به علاقة غير شرعية، لكنها موجودة تحت الأقنعة التي نرتديها أحياناً· ؟ في ''جنيات شومان'' نجد قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة، وأبياتا من الشعر العمودي وتلك الومضات الخاطفة والمكثفة هل هناك رسالة ما خلف هذا المزيج من الأشكال الفنية في ديوان واحد؟ ؟؟ قلقي في هذه التجربة ''جنيات شومان'' كبير جدا، التقنية التي يتقوّم النص بها ليست ذات اشتغال واحد، فقد يبدأ النص بالنثر ليمر بالتفعيلة ثم العمودي والنبطي لينتهي بالنثر من جديد، حاولت ألا أتقيدَ بقيود العمارة الهندسية الكلاسيكية في النص الواحد، الأمر الذي جعلني في حالة ترقب لما قد يضيفه القارئ للنص من صناعة دلالة جديدة أثناء فعل التلقي أو الإصغاء، وكل ما أخشاه هو الارتباك الذي قد يصيب القارئ لحظة التنقل بين الاشتغالات في فضاء النص· ؟ كيف اخترت اسم الكتاب وكيف تعاملت مع الأسطوري في تجربتك؟ من هو شومان؟ ؟؟ شومان هو متكأ الغواية التي نهرب من خلالها لنا، هو محاولة الخروج من عنق زجاجة الممنوع التي تخنقنا، فنبحث في اللغة عن انزياحات من الممكن أن نمارسها دون خشية جلاد اللغة أو الجسد· ؟ تقول في ديوانك ''ثقيلة هي الجدران·· ثقيلة كذنب'' ترى أي جدران ثقيلة تتحدث عنها؟ ؟؟ لعل تجربة المعتقل التي عشتها طيلة ست سنوات كان لها ذلك الانعكاس في بناء القصيدة النفسي، ففيها ذلك الاستشراف والتكهن ونكهة السحر التي تفرضها طبيعة الجدران الثقيلة مثل ذنب· إنني عبر هذه التجربة أتوسل باللغة أياً كانت عصرنتها في سبيل نقل العدوى الشعرية من القصيدة للمتلقي· ؟ في قصائدك نجد صوت الشاعر الكاهن والعراف والمتنبي والمستشرف هل يمكن للقصيدة لديك أن ترى وتتنبأ لهذا العالم؟ ؟؟ أن تصدر منتجا يخصك هذا يعني أنك تخوض مغامرة، إنها حالة القلق تجاه اللغة، ولعل التجارب حين تنضج تستجيب لك حين تتزاحم معها تجارب أخرى، تصبح مأزومة بالأولى، إنني أتخلص من ذاكرتي لأنشئ ذاكرة جديدة فيما بعد· ؟ عوالم النص ألا تخشى عدم وصولها إلى القارئ كما تأمل؟ ؟؟ إن جاز لي القول فالديوان يتقاسمه عالمان عالم الداخل المتمثل في الذات، وعالم الخارج المتمثل في اللغة والآخرين، ومن هنا يأتي معمار القصيدة في ''جنيات شومان''، فالذات هي المتكأ الشعري الذي ينطلق الشاعر منه للآخر عبر اللغة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©