الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بدايات نقدية

بدايات نقدية
30 يوليو 2008 23:20
لا أعرف متى انجذبت إلى مجال النقد الأدبي على وجه التحديد في مستهل عمري، كل ما أذكره أنني عندما وصلت إلى نهاية المرحلة الثانوية أخذت أنجذب إلى هذا المجال بسبب كثرة ما قرأته من أعمال أدبية، وما تركته هذه الأعمال في نفسي من انطباعات سعيت إلى تدوينها، ربما تقليداً للمقالات النقدية التي كنت أقرأها للنقاد الكبار في ذلك الوقت، خصوصاً الذين كانوا ينشرون كتاباتهم النقدية في الصحف والجرائد السيارة في مصر أواخر الخمسينات ومطالع الستينات، وذلك مثل لويس عوض الذي كان يكتب في الملحق الأدبى لجريدة الأهرام، وهو الملحق الذي كان يشرف عليه، وجعل منه مدرسة تعلم منها جيلي، وإلى جانب الأهرام كانت ''الشعب'' التي انتظم محمد مندور في الكتابة فيها مع أحمد عباس صالح، وذلك قبل أن تتوقف ''الشعب'' وينتقل مركز الثقل إلى ''الجمهورية''، إضافة إلى المصور وغيرها من المجلات الأسبوعية· وأذكر أن العمل الأدبي الذي فرض عليّ أن أفارق حال الانطباعات العفوية التي كنت أكتبها في كراريس المدرسة، وأنتقل إلى حال من التحليل الأولي الذي يدل على سذاجة، لكنه لا يخلو من جهد، ومحاولة اجتهاد هذا العمل كان رباعية فتحي غانم ''الرجل الذى فقد ظله'' وكانت تنشر مسلسلة في مجلة ''صباح الخير'' بأجزائها الأربعة· وأذكر أنني كنت أكتب رؤيتي لكل حلقة تنشر على حدة، منتظراً اكتمال كل الحلقات، كي أجمعها معا، في كراس اشتريته خصيصاً لهذه المحاولة التي بدأتها دون أن أدري أنها سوف تصبح أهم ما في حياتي وأقرب الأدوار أو الوظائف إلى عقلي وقلبي بعد ذلك بسنوات عديدة، وقد قضيت شهرين أو أكثر في هذه المحاولة إلى أن فقدت حماستي، خصوصاً مع إدراكي أن نشر حلقات الرباعية سوف يستغرق وقتاً طويلاً، ولم يكن لدى ذلك المراهق الذي كنته الصبر على الكتابة الأسبوعية لأشهر عديدة، فزهدت في المحاولة بعد أن ضاعت الحماسة التي صاحبت أعداد الشهر الأول، خصوصاً أني كنت مفتوناً بشخصيات الرواية ولم أكن أعرف، بالطبع، أن عدداً من شخصيات الرواية الخيالية يوازي شخصيات الواقع الحقيقية في دنيا الصحافة، وأن يوسف البطل الانتهازي الذي أزاح أستاذه هو صورة مجازية لرئيس تحرير الأهرام محمد حسنين هيكل الذي كان، ولا يزال، أشهر كتاب الصحافة في مصر، وأنّي لي أن أعرف ذلك، فقد كنت لا أزال داخل المدار المغلق لمدينة المحلة الكبرى، ولم أكن قد عرفت أضواء القاهرة، بعد، أو دخلت جامعتها التي فتحت أمامي عوالم عديدة لم أكن أعرفها في الحياة الثقافية والأدبية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©