الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سيزا قاسم والقراءة

سيزا قاسم والقراءة
30 يوليو 2008 23:20
يقدم الخطاب النقدي نفسه بصيغة التقويض لنفسه، أو بصيغة يعي فيها نفسه، مثلما تجر سيزا قاسم قارئها إلى لعبة التأويل، وتفرض عليه أن يتأمل مماحكات الخطاب وتلفيقاته، ففي مقالتها: ''ميرامار والنكتة: خواطر''، تقول: ''هل نتوصل دوما إلى تأويل صحيح؟ وما معنى تأويل صحيح؟''، إنه سؤال في غاية الأهمية· يتجلى بوضوح لنا في نص سيزا قاسم هذان الصوتان، الصوت الأول يدعى بأن هناك تأويلا صحيحا، والصوت الآخر يشاكس ويقوض الصوت الأول، فيظل القارئ الفعلي أو التجريبي في وهج السؤال: التأويل الصحيح والتأويل الخاطئ، وينحسر صوت سيزا قاسم لما تنتقل إلى قراءة ميرامار، وكأن شيئا لم يحدث، ولم تلقِ سيزا بالقارئ في دوامة القراءة، وهكذا يظل القارئ بعد أن ينتهي من قراءة المقالة، لا يدري هل هذا التأويل صحيح أم أنه إساءة للفهم والقراءة، وهل أوّلت سيزا قاسم حقا ميرامار، أم كانت تأويلاتها خواطر فحسب!· ويمكن أن يلاحظ القارئ أيضا أن سيزا قاسم حينما كانت في عنفوان القراءة، تكشّف لها النص، فتتوهم بأنها تقبض على الدلالة، وتصفها بالصحة، ثم تكتشف فداحة هذا الوصف، وهي لأجل أن تشرك القارئ في العملية النقدية، تترك له هذا السؤال، وتلح على نشره دون أن تقوم بشطبه، والتخلص منه، إنها تسجل أيضا اعترافا بغاية الأهمية لتهرب من وهم صحة القراءة، وتضع القارئ على الحالة الجدلية التي يكون فيها المؤلف الضمني في عملية القراءة، فيتحول خطابها إلى عملية جدلية بين هذا المؤلف والقراءة· وما تفعله سيزا قاسم ليس إلا تشكيكا وبثا للريبة في تأويلها نفسه، وطعنا في القراءة نفسها، فتتحول القراءة إلى فعالية متصلة بالنص من جهة ومنفصلة عنه من جهة أخرى، وهو ما يردنا إلى الحوار القصير الذي دار بين جاك دريدا وروبرت كروسمان، سنة ،1975 يسأل كروسمان دريدا: ـ هل النص الذي يكتبه القارئ يختلف عن النص المكتوب بواسطة المؤلف؟ ـ نعم· ـ هل يشترك النصان···؟ ـ نعم ترى فيما يشترك النصان ميرامار وخاطرة سيزا قاسم؟ لا أستطيع هنا أن أهجر فكرة إساءة القراءة، هل سيزا قاسم كانت تسيء القراءة، وبذلك تسيء فهم ميرامار؟!، وهل لقراءتها علاقة بميرامار؟ وهذان السؤالان لا يمكن الإجابة عنهما إلا بكلمة واحدة، كلمة جاك دريدا: نعم، و''لكن هل هناك فعلا شيء اسمه فهم خاطئ أو قراءة خاطئة··· أم أن هناك فهما فقط؟ وكل فهم هو فهم صحيح'' كمال يرى كمال أبوديب·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©