الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحلم والواقع تحت السيطرة

الحلم والواقع تحت السيطرة
30 يوليو 2008 23:40
أربعة ممثلين ومطرب ومطربة هم أبطال العرض المسرحي ''تحت السيطرة'' الذي انتجه مسرح الشباب في مصر وشارك في المهرجان القومي الاخير للمسرح المصري ومن تأليف حمدي نوار واخراج عصام سعد، وهو عرض درامي غنائي يبحث في جذور الخوف بالعالم الثالث والعلاقة مع السلطة ويدعو الى التحرر من الخوف الشخصي والجماعي· تستعرض مسرحية ''تحت السيطرة'' الانماط الديكتاتورية عبر مراحل التاريخ من خلال شخصية الشاويش ''خواسك'' الذي قدم دوره الممثل وائل شاهين وهو الرجل الطيب الذي يحاول ان يؤكد للمواطن ''واكد'' بطل العرض الرئيسي الذي يقوم بدوره الممثل حكيم المصري إنه ليس شخص ''هباب'' الذي يراوده في احلامه ويقهره ولكن الحلم يختلط بالواقع فيصبح الحلم والواقع وجهين لحياة واحدة فيتعامل ''واكد'' مع الشاويش ''خواسك'' على انه ''هباب'' الذي قهره وسرق ارضه وعرضه ومستقبله· وامام سيطرة الخوف على ''واكد'' لا يجد الشاويش ''خواسك'' مخرجا سوى انتحال شخصية ''هباب'' ويبدأ ممارسة كل ألوان القهر عليه بتلذذ في الوقت الذي يقف فيه المواطنان ''مسعد'' و''سعيد'' متفرجين على ما يحدث رافعين شعار ''يا عم احنا مالنا·· احنا فينا اللي مكفينا'' وأدى الدورين الممثلان سامح عبدالسلام ومحمد غزي لتتحول الساحة المسرحية الى حوار متصل بين المواطن المقهور ''واكد''، والشاويش ''خواسك'' الذي يجسد نموذج الحاكم المستبد في مراحل تاريخية مختلفة حتى يصل الى الطغاة الحاليين الذين يحتلون اجزاء من عالمنا العربي بحجة محاربة اعداء الديمقراطية والارهابيين ويتحدثون باسم الرب كوكلاء عنه· وتركز المسرحية على فكرة الخوف التي تسيطر على عقول الناس وتدفع بجلاديهم وحكامهم للسيطرة عليهم ويقولون ''خوفنا بيسمع جلادنا''· ومع هذا لايستسلم ''واكد'' أمام الحاكم ويبثه شجونه وأوجاعه ويستمع إلى أفكار الحاكم المدمرة الذي يقول لـ ''واكد'': الخوف دايما بيحركنا لو ظهر واحد بس حر، الحرية وباء زي الطاعون في أي مكان· ولهذا ينفجر الحاكم في وجه المواطن ''واكد'' ويسأله: شايف إيه في وجوه الرعية؟ فيقول له شايف ابتسامة تفاؤل لبكرة وحرية على الابواب، ويطالب الحاكم المواطن بأن يمحو هذه الحرية وإلا قتله ولا يستسلم المواطن ويعلن في ختام المسرحية ان ''الحرية ما تنمحيش بأستيكة الذل والشعوب حاتفضل حرة'' فيرد عليه الحاكم: ''الخوف لازم يغزو كل الناس علشان نقضي على الحرية لان طول ما الخوف عايش جوه ضمير الناس عمرها ما حاتعرف انها حرة!''· ويتخلل حوارات ابطال المسرحية فواصل غنائية حية يؤديها المطربان باسم عيد عبدالعزيز وهبة عصام ببراعة، وتلامس الاغاني أوجاع الناس وتحضهم على المقاومة وعدم الاستسلام واليأس: ''قوم اتحرك شوف الخوف ازاي بيذلك·· قوم اتحرك''· وقد أبرز ديكور المسرحية الذي قدمه احمد شوقي رؤيته الفنية من خلال منظر عاصمة المتناقضات الصارخة التي تجمع بين الفقر المدقع والثراء الفاحش فالابطال والمطربون يتجمعون فوق واسفل كوبري وامامهم الابراج العالية التي يسكنها الاثرياء الذين لا يعرفون شيئا عن أوجاعهم· ومسرحية ''تحت السيطرة'' للمؤلف حمدي نوار مليئة بالافكار والقضايا التي تتجاوز الخطوط الحمراء وكما يقول المؤلف انه أراد ان يقول ان الحلم يتشابه مع الواقع، وقد يتداخل معه فلا نستطيع معرفة هذا من ذاك، واحيانا ينسحب الحلم على الواقع فيصبح كل شيء مختلطا يصعب فهمه وادراكه· واضاف ان مسرحية ''تحت السيطرة'' محاولة جادة لتعرية احلامنا من واقعنا وقد يضحك المشاهد من العرض أو لايضحك، وقد يفهم أو لا يفهم ولكن المهم ان يكون له دور وألا يكون فاعلا مرفوعا من الفعل، وهذا ما ارادت المسرحية ان تعبر عنه بطريقة مبسطة خالية من التعقيد والغموض· واستطاع المخرج عصام سعد ان يوظف كل العناصر في تقديم عرض سهل وممتع على مستوى المضمون والشكل رغم ان العمل هو التجربة الثانية له كمخرج· ويقول انه سعيد بتجاوب الجمهور مع العرض المسرحي ''تحت السيطرة'' الذي جاء قويا ومتناغما على مستوى النص ثم قناعته كمخرج بهذا النص وبلورته في شكل مسرحي· واضاف ان الانسان كثيرا ما يشعر بانه في حاجة الى التعبير عما يدور بداخله من أزمات اما عن طريق الواقع أو الحلم أو الاثنين معا والمسرحية تهدف الى مطالبة المشاهدين بان يفصلوا بين الواقع والحلم حتى يجدوا ضالتهم· وقد اجتهد الممثلون في تجسيد شخوص المسرحية بأداء متوافق ومتوازن يبرز معالم كل شخصية وبخاصة وائل شاهين الذي استطاع ان يتنقل بين دور الشاويش الطيب وادوار الحكام الطغاة ومعه حكيم المصري في دور المواطن ''واكد'' وكل من سامح عبدالعزيز في دور''مسعد''، ومحمدغزي في دور ''سعد''· كما ان اداء المطربين جاء متوافقا مع مضمون المسرحية· وقال الممثل حكيم المصري انه استمتع بالعمل في مسرحية ''تحت السيطرة'' لانها حدوتة سياسية تتحدث عن مجموعة من الشباب الذي يتعرض لضغوط عديدة تضطرهم الى الهروب خارج الوطن وتتوالى الاحداث بالمسرحية وتتعرض لبعض الامراض الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يتعرض لها الوطن مغلفة في اطار التيمة الرئيسية للعرض وهي تيمة الخوف الذي اذا تخلصنا منه سنقدر على مواجهة متاعبنا· واضاف انه قام بدور ''واكد'' المواطن الغلبان المقهور الذي تدفعه ظروف البطالة والحرمان والمعاناة الى الخوف الشديد الذي يعتريه في كوابيسه لدرجة ان الحلم عنده يختلط مع الواقع ويتخيل ان شخص ''هباب'' الذي يطارده في احلامه هو الشاويش ''خواسك'' بل انه لا يقتنع بكونه الشاويش وكأن خوفه من السلطة ـ في كافة اشكالها ـ صور له الشاويس الغلبان على انه الحاكم المتسلط الذي يخشاه برغم انه تحداه في نهاية العرض· وقال الممثل وائل شاهين الذي قام بدور الشاويش ''خواسك'' ان كل المشاركين في ''تحت السيطرة'' ابطال فالعرض بطولة جماعية تتضافر كل الجهود به للوصول الى فكرة ان التخلص من الخوف ضرورة لمواجهة متاعبنا ومشاكلنا· مضيفا ان شخصية الشاويش ''خواسك'' التي انطلق منها الى تقليد شخصيات الحكام الطغاة شخصية غير نمطية وغريبة على مسرحنا العربي وقد افادته الشخصية في تطوير مهاراته التمثيلية وشعر معها بانه داخل لعبة مسرحية استمتع بها كثيرا وارضى من خلالها قدراته الابداعية كممثل·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©