الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خفض قيمة العملة المحلية أمام الدولار «حديث الشارع» في مصر

خفض قيمة العملة المحلية أمام الدولار «حديث الشارع» في مصر
17 يوليو 2016 13:33
عبدالرحمن إسماعيل (القاهرة) أثارت تصريحات المسؤول الأول عن السياسة النقدية المصرية، طارق عامر محافظ البنك المركزي، والتي ألمح فيها إلى خفض جديد قادم لقيمة الجنيه أمام العملة الأميركية حالة من الجدل، بل والارتباك في أوساط قطاع الأعمال. وتباينت آراء رجال الأعمال وخبراء الاقتصاد في مصر بين مؤيد وضاغط في ذات الوقت على البنك المركزي لتحرير سعر الصرف، بدعوى إيجاد حل لندرة الدولار في الأسواق، بدلاً من استنزاف الاحتياطي النقدي للبلاد، مقابل آخرين لديهم مخاوف من أن تؤدي الخطوة المقبلة في خفض يتوقع أن يكون كبيراً في العملة المصرية، إلى انفلات معدلات التضخم التي قاربت حالياً من 15%، وفقاً لآخر إحصاءات جهاز الإحصاء المصري، مما سيؤدي إلى قفزات جديدة في أسعار السلع، لم يعد يتحملها محدودو الدخل. ولم يفلح أكبر خفض في تاريخ العملة المصرية أمام العملة الأميركية اتخذه عامر في مارس الماضي، بعد أربعة أشهر من توليه منصبه، كمحافظ للبنك المركزي بنسبة 14%، في وضع حد للفجوة السعرية بين سعر الدولار في البنوك، والذي استقر عند 8,88 جنيه، وبين سعره في السوق الموازية، والذي يتداول حالياً بأكثر من 11 جنيهاً، كما لم تفلح الشهادات الدولارية ذات العائد المغري التي طرحتها البنوك المصرية في أوساط المصريين بالخارج، في توفير حصيلة دولارية تعزز من الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد، والذي يقدر بنحو 17.5 مليار دولار. تجارة العملة وبحسب استطلاع لـ«الاتحاد» لآراء عدد من الخبراء المصرفيين والاقتصاديين وأصحاب شركات صرافة، تعاملت الأوساط المصرفية ومضاربون على العملة مع تصريحات عامر بشأن اعترافه بأن سياسة الدفاع عن الجنيه أمام الدولار طيلة السنوات الماضية من قبل المركزي المصري كانت قراراً خاطئاً، وأنه لم يعد مقبولاً الاستمرار في هذه السياسة، بأن البنك المركزي في طريقه إلى اتخاذ قرار جديد بخفض قيمة العملة خلال الفترة المقبلة. وبات السؤال الذي يشغل بال الكثير من المصريين الذين تحول الكثير منهم إلى «تجار عملة».. كم ستكون نسبة الخفض المقبلة؟ هل ستكون بذات النسبة السابقة التي تمت في مارس 112 قرشاً بنسبة 14%، بحيث يتخطى سعر الدولار رسمياً في البنوك حاجز الجنيهات العشرة، ليكون هو السعر العادل كما تحدده مؤسسات مالية، أم يكون أكبر بكثير، بحيث يقارب سعر السوق الموازية الذي يقترب من 12 جنيهاً للدولار، كما تثار تساؤلات أخرى عن المستفيد والمتضرر من خفض قيمة العملة؟ وهل خفض قيمة العملة هو العلاج السحري لأزمة الدولار في مصر؟ وائل عنبة رئيس مجلس إدارة شركة الأوائل للاستشارات المالية، قال إن خفض قيمة العملة أصبح واقعاً في السوق حالياً، بعد تصريحات محافظ المركزي المصري، وأن الشغل الشاغل الآن للكثيرين هو نسبة الخفض المتوقعة، وهل ستكون بذات النسبة السابقة التي تمت في مارس الماضي بنحو 14,5% أم أقل أو أكبر، بحيث تصبح قيمة العملة المصرية أقرب للسعر العادل، وأقرب أيضاً للسعر المتداول به في السوق الموازية. وأضاف: «كي تكسر السوق الموازية لابد أن يكون سعر الدولار رسمياً في البنوك أعلى منه في السوق الموازية، لكنه سيهبط كثيراً بعد ذلك بسبب تراجع الطلب على الدولار، وهو السيناريو الذي حدث قبل سنوات عدة، عندما تحرر السعر رسمياً ووصل سعر الدولار إلى 7,25 جنيه، ثم عاد وظل يتداول لفترة طويلة عند 5,50 جنيه». السعر العادل ويقترح الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، وكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث الاقتصادية، على المركزي المصري، ضرورة التوصل إلى سعر عادل للعملة المصرية، بحيث يكون سعراً وسطياً بين السعر الرسمي في البنوك، والسوق الموازية، وليس كما هو الحال مقوماً بأكثر من قيمته الحقيقية. وحددت تقارير مالية صادرة عن مؤسسات مالية مصرية ودولية منذ بداية العام الحالي، السعر العادل للعملة المصرية بين 9.5 و10 جنيهات، وهو ما جعل مستثمرين دوليين يترددون كثيراً في دخول السوق المصري للاستثمار فيها، في ظل وجود سعرين للصرف بينهما فجوة سعرية تصل إلى 30%، إضافة إلى عجز الشركات الدولية العاملة في مصر عن تحويل أرباحها التشغيلية إلى مراكزها الأم في الخارج بالدولار، لصعوبة الحصول عليه من البنوك الرسمية. وترى علياء المهدي أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن خفض قيمة الجنيه بات أمراً واقعاً في ظل الأوضاع التي يمر بها الاقتصاد المصري، مضيفة: «يتعين على السلطات النقدية اتخاذ حزمة من الإجراءات للحد من الدولرة (التحول من العملة المصرية إلى الدولار)، وذلك برفع أسعار الفائدة على الإيداعات بالعملة المحلية، بحيث تغري حملة الدولار لبيعه وعدم اكتنازه. وأوضحت أن الطريقة الوحيدة للحد من التضخم، تتمثل في تقليل السيولة في الأسواق والقضاء على الدولرة من خلال إجراءات غير تقليدية. مستفيدون ومتضررون وفي المقابل، يرى الدكتور أحمد أبو السعود أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الاقتصادية، أن خفض قيمة العملة ليس حلاً سحرياً في ظل تفاقم الوضع الاقتصادي، وانحسار التدفقات الدولارية من مواردها الأربعة الرئيسية السياحة، والصادرات، وعبور قناة السويس، وتحويلات المصريين بالخارج. وأضاف: «الخفض الكبير الذي جرى في مارس، لم يثبت جدواه حتى الآن، بل على العكس ازدادت أزمة ندرة الدولار في السوق المصري تعقيداً، حيث عاد السعر في السوق الموازية من جديد ليقارب 12 جنيهاً، ولم تفد إلى مصر تدفقات دولارية ذات قيمة كبيرة، كما روج لقرار خفض قيمة العملة في مارس الماضي، الأمر الذي يستدعي التأني في أية قرارات جديدة لخفض الجنيه. وأفاد بأن هناك قطاعات عدة مستفيدة من خفض العملة المصرية، في مقدمتها المضاربون وتجار العملة الذين يشكلون ظاهرة غريبة، حيث تمكن هؤلاء من تحقيق ثروات طائلة خلال العامين الماضيين من وجود فارق كبير في سعر الصرف بين السعر الرسمي والسوق الموازية، كما أن المصدرين أيضاً من المستفيدين، إذ يحقق هؤلاء أرباحاً جيدة من ارتفاعات الدولار في السوق المحلية، بعد تكوين حصيلة دولارية من تصدير منتجاتهم للخارج. وأضاف أن المصريين الذين يعملون في شركات عالمية داخل مصر ويتقاضون رواتبهم بالدولار، يحققون أيضاً مكاسب من قفزات الدولار في السوق، وكذلك الحال بالنسبة للمصريين العاملين في الخارج والذين يستفيدون أيضاً عند تحويل أموالهم إلى البلاد بالدولار مقابل الجنيه. وأفاد بأن المستثمرين الأجانب في البورصة المصرية مستفيدين من خفض قيمة الجنيه أمام العملة الأميركية، إذ أصبح بإمكان المستثمر الأجنبي بعدد محدود من الدولارات شراء كميات كبيرة من الأسهم المصرية، وإن كان سيدفع جنيهات مصرية أكثر عند تسييل أسهمهم وتحويلها قيمتها بالدولار من داخل مصر إلى بلاده. لكن في المقابل، فإن الفئات المتضررة من خفض قيمة العملة، بحسب أبو السعود يأتي في مقدمتها المصريون محدودو الدخل وهم أكثر الفئات تضرراً بسبب ارتفاع أسعار كل أنواع السلع، سواء كانت محلية الصنع أو مستوردة، نتيجة ارتفاع الدولار، خاصة أن مصر تستورد 90% من احتياجاتها الاستهلاكية. وأوضح أن المستوردين أيضاً سيعانون كثيراً من خفض قيمة العملة، لأن المستورد سيكون مضطراً إلى دفع سعر أعلى بالجنيه للحصول على الدولار، بهدف تدبير حاجته من الأموال للاستيراد من الخارج، وإن كان بمقدوره أن يقلل تكلفته من خلال تحميل فارق السعر على ثمن السلعة التي سيرتفع سعرها بالضرورة. ويتوقع اقتصاديون، في حال إقدام المركزي المصري على خفض جديد في قيمة العملة، أن ترتفع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية ربما تكون الأعلى تاريخياً، وهو ما يجعل الحكومة المصرية مترددة إلى حد كبير في الإقدام على خطوة كبيرة أبعد لعلاج أزمة الدولار، والتي يرى اقتصاديون صعوبة اتخاذها في المرحلة الصعبة الحالية، وتتمثل في تعويم كامل للعملة المصرية، بمعنى أن يتخلى البنك المركزي تماماً عن سياسة التعويم المدار حالياً، ويترك سعر الصرف يحدده السوق حيث قوى الطلب والعرض.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©