الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أيتام في حضرة والديهم

1 ابريل 2012
دخل أحد الصحابة مسجد رسول الله صلى عليه وسلم في غير وقت الصلاة، فوجد غلاماً لم يبلغ العاشرة من عمره قائماً يصلي بخشوع. انتظر الصحابي حتى انتهى الغلام من صلاته، وجاء إليه وسلم عليه، وسأله: «يا بني ابن من أنت؟»، فطأطأ الغلام رأسه، وانحدرت دمعة على خده، ثم رفع رأسه، وقال: «يا عم، إني يتيم الأب والأم»، فرق له الصحابي، وقال له: «يا بني لا تحزن، أترضى أن تكون ابنا لي؟»، فسأله الغلام: «هل إذا جعت تطعمني؟»، قال: نعم، فقال الغلام: «هل إذا عريت تكسوني؟»، قال: نعم، فقال الغلام: هل إذا مرضت تشفيني؟، قال الصحابي ليس إلى ذلك سبيل يا بني. فسأله الغلام: هل إذا مت تحييني؟، أجابه الصحابي: «ليس إلى ذلك سبيل»! قال الغلام: فدعني يا عم للذي خلقني فهو يهدين، والذي هو يطعمني ويسقين، وإذا مرضت فهو يشفين، والذي يميتني ثم يحين، والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين. فسكت الصحابي ومضى لحاله وهو يردد: «آمنت بالله من توكل على الله كفاه». يقيناً هناك أسباب تعلو على قدرة البشر. وقد لا يعيش مرارة اليتم إلا اليتيم نفسه الذي فقد أحد أبويه، أو الاثنين معاً لأسباب تعلو على قدرة فهم واستيعاب البشر، والاستبصار بحالة اليتم ومعرفة كوامن اليتيم الداخلية أمر ليس هيناً. ويكفي اليتيم فقدان الإحساس بالأمن والأمان والدفء والاستقرار النفسي والعاطفي. لقد كانت الحكمة الإلهية التي يعجز البشر عن فهمها واستيعابها، أن يبعث رسول الأمة، وسيد الخلق، وخاتم الرسل والأنبياء، وشفيع المسلمين يوم القيامة والحساب، نبياً ورسولاً يتيماً. لذلك نراه عليه الصلاة والسلام ينكسر للأيتام أيما انكسار، ويحنو عليهم أيما حنو. يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنّة كهاتين ـ ويشير بإصبعيه، أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بالسبابة والوسطى». وفي حديث آخر، يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا بكى اليتيم سقطت دمعتهُ في يد الله، فيقول الله من أبكى هذا اليتيم الذي واريت أباه بالتراب». والآيات القرآنية التي تناولت مكانة اليتيم والتحذير من الجور على حقوقه كثيرة، وعالجت الشريعة الإسلامية الغراء هذا الحق، ورعى المنهج القرآني إشباع الحاجات المعنوية لليتيم كالإحسان إليه والعدل معه بشكل صريح وواضح، فالحق يقول: «وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلاّ الله وبالوالدين إحساناً وذوي القربى واليتامى والمساكين...». لكن.. ربما نتوقف أيضاً عند الأيتام الذين يعانون مرارة اليتم في وجود والديهم. كثيراً ما نرى أطفالاً يفتقدون حق الرعاية والاهتمام والتربية والنصح والتوجيه في ظل غياب أب شغلته الدنيا بزيفها، أو بمغرياتها، أو بمشاغلها وضغوطها ومشكلاتها. هنا تصبح المشكلة الإنسانية والأخلاقية أشد وطأة، وأكثر مرارة؛ لأن الأب حاضر غائب، أو يعيش مغيباً، ويترك أطفاله يعانون مرارة الوحدة والضياع والحرمان المادي والمعنوي، ويخرجون إلى المجتمع والحياة محملين بمشكلاتهم وإضراباتهم وانحرافاتهم، ليس بسبب سوى غياب وغفلة ولي الأمر عنهم. إنها مجرد دعوة للانتباه في يوم اليتيم لمن استغرق في غفلته! المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©