الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تركيا وإسرائيل: درس شرق أوسطي

1 ابريل 2013 21:42
ترودي روبن محللة سياسية أميركية الأسبوع الماضي، ذكَّرنا أوباما، للحظة وجيزة، بالفرق الذي مازال بإمكان الولايات المتحدة إحداثه في الشرق الأوسط عندما تقود من الأمام. أقصدُ هنا نجاح أوباما، خلال زيارته لإسرائيل، في حمل هذه الأخيرة وتركيا على العودة إلى طريق العلاقات الطبيعية بينهما، ذلك أن العلاقات التي كانت وثيقة ذات يوم بين القوتين قُطعت في عام 2010 بعد أن قتلت القوات الإسرائيلية تسعة نشطاء أتراك على سفينة المساعدات الإنسانية «مافي مرمرة»، التي كانت تحاول خرق الحصار الإسرائيلي لغزة. وقد طرح هذا الخلاف بينهما عقبة استراتيجية، لأي جهود إقليمية للتعاطي مع برنامج إيران النووي أو الحرب الأهلية في سوريا. فتركيا كانت تريد اعتذاراً من إسرائيل، التي كانت في حاجة لخطوة مماثلة من الأتراك. وقد فشلت ثلاث سنوات من المحادثات السرية بين الدبلوماسيين الإسرائيليين والأتراك في إنتاج أي تقدم، إلى أن كثف أوباما ضغطه على إسرائيل، (وفعل وزير الخارجية الأميركي الشيء نفسه في أنقرة). وفي هذا السياق، يقول «آلون ليل»، وهو رئيس سابق لبعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في أنقرة، إن الاعتذار يعود مباشرة إلى ضغط أوباما ونجاح زيارته إلى إسرائيل، مشدداً على أنه «لولا وجود أوباما في القدس، لما حدث ذلك». أما أنا، فسأذهبُ إلى ما هو أبعد من ذلك وأقول إن إنجاز أوباما الدبلوماسي يكشف أن أي أمل في استقرار إقليمي مازال يتطلب استعداداً أميركياً للقيادة. ولنتأمل في ما يلي تاريخ القطيعة بين تركيا وإسرائيل. فالعلاقات بين البلدين بدأت في الفتور بعد الغزو الإسرائيلي لغزة في عام 2008. ثم أتى الهجوم لينهي الجهود الشخصية لرئيس الوزراء التركي الرامية إلى استئناف مفاوضات السلام بين إسرائيل وسوريا، وقد أخبرني في حوار معه عام 2009 بأنه شعر بغضب أكبر بسبب رفض إسرائيل السماح لتركيا بإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وهكذا، أثار مقتل نشطاء سفينة «مافي مرمرة» حفيظة أردوغان الذي ألح على اعتذار وإنهاء الحصار. وفي هذه الأثناء، غضب الإسرائيليون لكون الزعيم التركي لم ينتقد يوماً الهجمات بواسطة القذائف التي تشنها «حماس» على المدن الإسرائيلية من غزة. غير أنه في الكواليس، واصل الدبلوماسيون الإسرائيليون والأتراك – الواعون بالأهمية الاستراتيجية لعلاقاتهما السابقة – محاولات التفاوض. ولم تفض الجهود المتكررة لدبلوماسيين أميركيين تروم إنهاء النزاع إلى أي نتيجة - إلى أن قرر أوباما ممارسة بعض الضغط. والشيء نفسه فعله كيري في أنقرة، حيث ضغط على أردوغان من أجل التخلي عن استعمال لغة نارية حول الصهيونية وتليين مطالب إضافية على إسرائيل. وفي الوقت الذي كان يغادر فيه أوباما إسرائيل، قام نتنياهو أخيراً بالمكالمة من مقطورة على مدرج مطار بن جوريون، ونتيجة الحث المتكرر لأوباما، تسنى إغلاق هذه القضية أخيراً، وإن كان مازال من الضروري التفاهم حول مزيد من التفاصيل قبل أن يقوم الجانبان بتطبيع علاقاتهما الدبلوماسية). بيد أن الجهود التي بذلها أوباما لتحقيق اختراق في العلاقات الإسرائيلية- التركية تثير أسئلة محيرة حول مقاربته الأكبر تجاه الشرق الأوسط. فاللافت أن جهود أوباما لإصلاح العلاقات بين إسرائيل وتركيا كانت قائمة على الأمل في أن يستطيعا توفير دعامة استراتيجية لمنطقة تغرق في مزيد من الفوضى. وبالمقابل، اختار أوباما «القيادة من الخلف» في سوريا (ناهيك عن العراق وعملية السلام) حيث أوكل مهمة مد الثوار السوريين بالمساعدات العسكرية إلى دول عربية، ما أدى بالضرورة إلى تقوية العناصر الإسلامية المتشددة داخل البلاد على حساب غير الإسلاميين. وفي هذه الأثناء، أخذت سوريا تنهار، وأخذت تداعيات الحرب تزعزع استقرار لبنان والعراق وتركيا والأردن - ويهدد إسرائيل. والواقع أن أقوى حلفاء أميركا الأوروبيين والعرب -إضافة إلى تركيا- يبحثون عن مؤشرات للزعامة الأميركية بشأن سوريا، لكن أوباما يبدو مشلولاً، ذلك أن المحاولات الأميركية لتشجيع حل دبلوماسي للأزمة السورية أثبتت أنها غير واقعية. مثلما أن الجهود الأميركية لدعم قيادة مدنية سورية معتدلة وشاملة لجميع الأطياف فشلت في توفير الدعم الضروري. وعليه، فإذا كان هدف أوباما إصلاح العلاقات الإسرائيلية - التركية هو المساعدة على إرساء الاستقرار في المنطقة، فسيتعين أن يكون ذلك جزءاً من مخطط استراتيجي أكبر يراعي الصورة الأكبر، وخاصة سوريا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©