الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القارة السمراء...آفاق اقتصادية واعدة

القارة السمراء...آفاق اقتصادية واعدة
7 أكتوبر 2009 01:25
إليكم بعض الأخبار السارة وغير المتوقعة بالنسبة للعديد من الأميركيين، فعندما تُسرب معلومات عن آفاق استثمارية واعدة إلى وسائل الإعلام، عادة ما تسارع الأموال لاستغلال تلك الفرص والاستفادة منها أينما تواجدت، لكن الأمر يختلف عندما يتعلق الأمر بأفريقيا جنوب الصحراء، بحيث تتغاضى الشركات والمستثمرون الأميركيون عن الفرص المتاحة أمامهم في القارة السمراء، وما لم تبادر الأموال الذكية بالدخول إلى القارة الأفريقية والاستثمار في القطاعات الناجحة والمدرة للأرباح قبل استعادة الدورة الاقتصادية العالمية لعافيتها فإن الفرص ستضيع وربما لن تتاح مرة أخرى كما هي الآن. فوتيرة الإصلاحات الاقتصادية المساندة للسوق شهدت تسارعاً ملحوظاً خلال هذا العقد أكثر من أي وقت مضى منذ حصول البلدان الأفريقية على استقلالها في النصف الأخير من القرن العشرين، وهي تعكس التزاماً جاداً ومتواصلا من قبل الحكومات الأفريقية بتلبية احتياجات رجال الأعمال المحليين والمستثمرين الأجانب لإدراك المسؤولين الأفارقة بأن الطريق الأسرع لتحقيق الازدهار والرخاء لشعوبهم تكمن في جذب المزيد من الاستثمارات وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام. ومع أن وسائل الإعلام الغربية دأبت على حشر أفريقيا في صورة نمطية لا تخرج عن مشاكل الحروب والأمراض والفقر والفساد، فضلا عن هيمنة قضايا الغذاء والطاقة على التغطية الإعلامية للقارة، إلا أن قراءة متأنية بين السطور وعنوانين الصحف تكشف عن إحدى أكثر البيئات الاستثمارية جاذبية في العالم، حيث نمت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في أفريقيا بحوالي 60 في المئة خلال العام 2007 لتصل إلى 27 مليار دولار، فيما ارتفع التدفق الإجمالي لرؤوس الأموال صوب القارة بثماني مرات منذ العام 2002. وغني عن القول إن النمو الاقتصادي الذي يغذيه الاستثمار في أفريقيا سيساهم مساهمة فعالة في الخروج من الركود العالمي واستعادة الاقتصاد الدولي لعافيته ما سيؤثر بالطبع على حياة الفرد الأميركي كما حياة الأفارقة، هذا الواقع الجديد والفرص المتاحة في القارة السمراء لم تغب عن أعين المستثمرين في العديد من مناطق العالم الذين هبوا للاستثمار والانتفاع من الفرص المطروحة، وفي هذا السياق تبرز الصين كإحدى أهم المستثمرين في القارة الأفريقية متجاوزة الولايات المتحدة في حجم استثماراتها، كما أن الكويت مثلا عرضت 3.4 مليار دولار لشراء شركة الاتصالات «سيلتيل»، فيما أعلن بنك روسي مضاعفة استثماراته في أفريقيا إلى مليار دولار على الأقل، كما قررت شركة «سوسومار» الفرنسية بناء معمل لتكرير السكر في مالي، حيث تتوقع الشركة تحقيق عائد يصل إلى 58 في المئة. ولا تقتصر الفرص الاستثمارية على قطاعات بعينها، بل تمتد إلى مختلف الأنشطة الاقتصادية مثل الزراعة والصحة والبنى التحتية وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة والاتصالات، فضلا عن النسيج. فهل المستثمرون الأميركيون واعون بهذه المتغيرات التي تشهدها أفريقيا ومدركون للفرص المتاحة أمامهم؟ فقد أطلقت أربعون دولة أفريقية إصلاحات شاملة منذ عقد التسعينيات بإقرار سياسات تشجع على الأعمال، وإقامة أنظمة قضائية قوية، فضلا عن تحسين معايير العمل واحترام حقوق الملكية الفردية، ناهيك عن التخفيف من الديون التي استفادت منها الدول الأفريقية وساهمت في تحسين وضعها المالي، وفيما وصل معدل التضخم خلال الثمانينيات 19 في المئة انخفض اليوم بفضل السياسات المالية إلى 7 أو 8 في المئة، هذا في الوقت الذي أدت فيه السياسات إلى ضبط نسبة عجز الموازنة، بل وتحقيق فائض مالي بلغ 2 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي. ورغم ما تنشره الصحافة عن السودان وزيمبابوي والكونجو، استفادت معظم الدول الأفريقية من ازدهار الديمقراطية ومكاسب الاستقرار بانبثاق حكومات من صناديق الاقتراع واحترام الانتخابات وفقاً لشهادة المراقبين الدوليين، حيث صوت في السنة الماضية لوحدها أكثر من 54 مليون أفريقي في 19 انتخابا رئاسيا وبرلمانيا، والنتيجة أن النمو الاقتصادي الحقيقي تجاوز في بلدين من أصل خمسة بلدان أفريقية ثلاث مرات ما حققه الاقتصاد الأميركي من نمو خلال السنة الجارية وبوتيرة تضاهي ما حققته دول شرق آسيا خلال الثمانينيات، كما أصبحت اقتصادات العديد من الدول من السنغال إلى بينين مروراً بالكونجو الديمقراطية أكثر تنوعاً، إذ من المتوقع أن تبلغ نسبة النمو الاقتصادي في المنطقة 5.6 في المئة خلال السنة الجارية. لكن ذلك لا يعني أنه تم تذليل جميع العقبات التي تعيق تدفق الأموال على القارة واستفادتها من الاستثمارات الأجنبية، فما زالت ندرة الكهرباء والأيدي الماهرة تعيق التقدم، فضلا عن هشاشة الاستقرار في بلدان تمزقها صراعات ما بعد الحروب. وفي هذا الإطار يمكن للمستثمرين والشركات الأميركية الراغبة في اختبار السوق الأفريقي الاستفادة من خدمات برنامج المساعدات الأميركية الموجه لأفريقيا لوضع البرامج التي تخدم مصلحة المواطنين الأفارقة والمستثمرين على حد سواء. ولا بد من الإشارة إلى الجهود المبذولة حالياً من قبل الحكومات الأفريقية لتسهيل إجراءات الاستثمار مثل العمل بنظام الشباك الوحيد والتخفيف من القيود على عملية تسجيل الشركات وغيرها. والحقيقة أن ما تشهده أفريقيا جنوب الصحراء من إصلاحات تؤهلها لاستقبال الاستثمارات الأجنبية والاستفادة منها، ليست سوى الفصل الأول من قصة لم تكتمل فصولها بعد، وهي تشبه في الكثير من جوانبها ما عاشته آسيا قبل ثلاثة عقود. ألونزو فولجام مسؤول كبير في الوكالة الأميركية للتطوير الدولي (USAID) ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©