الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل وتداعيات ضرب «أسطول المساعدات»

إسرائيل وتداعيات ضرب «أسطول المساعدات»
1 يونيو 2010 23:53
الإدانة الدولية الشاملة للهجوم الإسرائيلي المروع على أسطول يحمل المساعدات لغزة، سيعقد جهود إدارة أوباما من أجل تحسين علاقاتها المتوترة مع القدس، ومن المرجح أن يصرف نظر تلك الإدارة عن الدفع باتجاه فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي. وتوقيت الهجوم سيئ للغاية لإسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء. فقد كان من المقرر أن يلتقي أوباما برئيس الوزراء الإسرائيلي يوم أمس الثلاثاء في واشنطن، كجزء من جلسة "لتبادل الاعتذار والتراضي"، علاوة على أن الأمم المتحدة كانت تعد العدة لبدء المداولات النهائية بشأن إيران خلال الأسابيع المقبلة. أما الآن، فإن محادثات البيت الأبيض قد ألغيت، كما كانت الأعمال الإسرائيلية موضوعاً للنقاش في جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي يوم الاثنين، علاوة على أن الإدارة تواجه صعوبة متزايدة في تبني موقف متوازن، في الوقت ذاته الذي تزداد فيه عزلة إسرائيل الدولية عمقاً. وعلى النقيض من البيانات القوية الصادرة من المسؤولين الأوروبيين، والعرب، والأممين، والمظاهرات العفوية التي اندلعت من أثينا لبغداد، كان رد البيت الأبيض على الهجوم الذي وقع الاثنين الماضي هو الاكتفاء بالقول إن أوباما قد أجرى محادثة هاتفية مع نتنياهو الذي أعرب خلالها عن "أسفه العميق على الخسائر في الأرواح" وعلى أهمية معرفة كافة الحقائق والظروف المحيطة بالأحداث المأساوية التي وقعت صباح الاثنين. بعد ذلك بساعات، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً قالت فيه إن الولايات المتحدة" لا تزال تشعر بقلق عميق بسبب معاناة المدنيين في غزة... وأنها سوف تستمر في الاتصال مع الإسرائيليين على نحو يومي، لتوسيع نطاق، ونوع، البضائع المسموح بدخولها لغزة". قبل هجوم الاثنين، كانت إسرائيل تقف على أرضية دبلوماسية مهتزة، بعد اتهام حكومتها باستخدام جوازات سفر مزورة لتنفيذ عملية اغتيال أحد قيادات "حماس" في دبي، وقيام بريطانيا بطرد دبلوماسي إسرائيلي في مارس الماضي، وإقدام أستراليا على إجراء مماثل الأسبوع الماضي. والحادث الأخير ألحق ضرراً لا يمكن إصلاحه في علاقات إسرائيل بتركيا، لأن عددا كبيرا من ركاب السفن التي هوجمت كانوا من الأتراك. ففي الأمم المتحدة، حث وزير الخارجية التركي مجلس الأمن الدولي على إدانة الغارة الإسرائيلية، وإجراء تحقيق رسمي لمحاسبة المسؤولين عنه. وقال "نامق تان" السفير التركي لدى الولايات المتحدة (عمل سفيراً لبلاده في إسرائيل من 2007 ـ 2009) إن الهجوم سيكون له تأثير بالغ الضرر على العلاقات التركية -الإسرائيلية، وأنه يجب أن يلقى إدانة من كافة الدول، لأن القافلة البحرية كانت تبحر في المياه الدولية وكانت تضم مدنيين في مهمة إنسانية. وقال السفير التركي إن البيان الأميركي الصادر "لم يكن كافيا"، وأنهم "كانوا يتوقعون رد فعل أقوى من ذلك". ويشار إلى أن وزير الخارجية التركي "أحمد داود أوغلو" وصل إلى واشنطن لمناقشة موضوع إيران مع وزيرة الخارجية الأميركية، ومن المتوقع أن يتصدر موضوع الغضب التركي جراء الهجوم على السفن المتجهة لغزة أجندة المباحثات. وقال "دانييل ليفي" المفاوض الإسرائيلي السابق في مباحثات السلام، والذي يعمل حاليا لدى مؤسسة" أميركان فاونديشن" بواشنطن "إن هذه ليست المرة الأولى التي تلحق فيها إسرائيل الضرر بنفسها". وأضاف "ليفي" إن إسرائيل" تدعي دوماً أنها تريد من العالم أن يركز على إيران ولكن الحال ينتهي بها للقيام بأشياء تجعل الجميع يركزون عليها هي". وبالإضافة للتركيز على الغارة التي شنتها إسرائيل على سفن القافلة، فإن الأمر المحتمل هو أن يتركز الاهتمام أيضا على الوضع الإنساني في قطاع غزة الذي يعاني من حصار إسرائيلي خانق، منذ أن استولت "حماس" على السلطة فيه منذ ثلاث سنوات. وعلى رغم أن إدارة أوباما قد ضغطت بهدوء على إسرائيل من أجل تخفيف القيود على التجارة مع القطاع، فإنها لم تناقش أبداً سياساتها في القطاع بشكل عام، فضلا عن أن المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط "جورج ميتشيل"، لم يقم أبدا بأي زيارة للقطاع خلال المرات العديدة التي قام خلالها بزيارة إسرائيل والمناطق الفلسطينية لإجراء مباحثات. ومن دون اهتمام عالي المستوى في الإدارة، فإنه كان من المحتم أن يتدهور الوضع الإنساني في القطاع وهو عبارة عن شريط ساحلي ضيق يختنق بسكانه البالغ عددهم المليون ونصف المليون نسمة. هـذا الوضع قد يتغير الآن. ففي هذا السياق أدلى "روبرت مالّي" مدير مكتب الشرق الأوسط لـ"مجموعة الأزمات الدولية" بتصريح قال فيه إن الأحداث الدامية التي وقعت الاثنين الماضي كانت نتيجة حتمية لتجاهل" الجرح الذي لم يندمل في غزة". في نفس السياق أيضا قالت" كاثرين اشتون" رئيسة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في معرض إدانتها للأعمال الإسرائيلية:" إن الاتحاد الأوروبي لا يقبل استمرار سياسة الإغلاق فهي سياسة غير مقبولة وتأتي بنتائج عكسية، ونحن نسعى إلى إيجاد حل دائم للوضع في غزة". ويقول المراقبون إن الأمر المؤكد هو أن ذلك الحادث بتداعياته العديدة سيعزز من وضع "حماس" في قطاع غزة، ويضعف القيادة الفلسطينية العلمانية في الضفة الغربية، التي يعتقد على نطاق واسع أن رئيسها عباس، وعلى الرغم من إدانته للهجوم على القافلة ووصف ما حدث بأنه" مجزرة"، سيتعرض لضغوط جديدة ومتزايدة من أجل إيقاف المفاوضات مع إسرائيل. إيران أيضاً كانت من ضمن المستفيدين من ذلك الهجوم. فمن المعروف أن تركيا التي تحتل مقعداً من المقاعد الدورية في مجلس الأمن الدولي، كانت تشعر بتشكك عميق تجاه المحاولة التي تقودها الولايات المتحدة في مجلس الأمن لفرض عقوبات جديدة على طهران، ومن المؤكد الآن أن اهتمام المجلس سيتحول عن هذا الأمر بعد الهجوم الإسرائيلي. جلين كيسلر محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©