الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آيسلندا وحرية التعبير

5 ابريل 2011 21:23
هل لديك قصة صحفية منتقدة ولكنك لا تستطيع نشرها بسبب الرقابة الحكومية في بلادك؟ انشرها في آيسلندا إذن. ثم ماذا عن موقع إلكتروني ينشر مواد سرية أو نارية أو تشهيرية ربما؟ يمكنك أن تضعه على خادم إنترنت هنا في آيسلندا دون خشية تحرش قانوني أو ضغط رسمي حتى تكشف عن مصادرك. فقد أعطى المشرِّعون هنا إشارة الضوء الأخضر لمخطط طموح لتحويل هذه الجزيرة المتواضعة في شمال الأطلسي إلى ملاذ دولي لحرية التعبير، الأمر الذي سيجعل آيسلندا تتزعم الانفتاح الإعلامي في العالم، ولكن سيدفعها أيضاً نحو مكان مجهول. الهدف، حسب المؤيدين، هو تشجيع الشفافية ليس في آيسلندا فحسب، وإنما في عالم مترابط على نحو متزايد؛ حيث يقول "روبرت مارشال"، وهو عضو في البرلمان الآيسلندي، الذي يُعد الأقدم في العالم ويحاول إعادة تأسيس آيسلندا بعد أزمتها الاقتصادية المذلة قبل عامين ونصف العام: "علينا أن نحاول دفع الحدود إلى أقصى ما يمكن"، مضيفا "إننا نرغب في الذهاب إلى أقصى حد يمكننا الذهاب إليه لخلق بيئة جيدة لعمل الصحافيين وحماية حرية التعبير". إنها رؤية طوباوية تقريباً للتدفق الحر للمعلومات، رؤية تشبه من نواح عدة فلسفة موقع "ويكيليكس". ولا غرو في ذلك، إذ من بين الأشخاص الذين استشيروا من قبل المشرِّعين الذين يتولون صياغة "المبادرة الإعلامية الحديثة لآيسلندا"، كان هناك جوليان أسانج، مؤسس "ويكيليكس" المثير للجدل. ولكن ومثلما اكتشف "أسانج" نفسه، فحتى أحسن النوايا يمكن أن تكون لها عواقب غير مقصودة، وأحياناً غير مرحب بها. ويواجه المحامون الحكوميون والمحللون المكلفون بتحديد سبل تحويل المبادرة إلى قانون سلسلة من الأسئلة المعقدة، وبخاصة تلك التي تتعلق بالأمن القومي. فإذا أراد صحفي صيني، مثلاً، نشر تحقيق في الفساد بين زعماء سياسيين كبار، أو إذا قررت "فالون جونج"، الطائفة المحظورة من قبل بكين، أن تطلق موقعها الإلكتروني في آيسلندا، ألن يعرِّض ذلك ريكجافيك لغضب الصين. وفي هذا السياق، يقول جون فيلبرج جودجونسو، مدير الشؤون القانونية في وزارة التعليم، التي كلفت بتطوير المبادرة: "إن أمن المصالح الوطنية لآيسلندا يمكن أن يكون في خطر"، مضيفاً "ومن ثم يجوز طرح السؤال: هل سيغيِّر ذلك علاقاتنا الخارجية؟". وبشكل عام، سيتعين تعديل المادة 13 من القوانين الحالية من أجل تحويل المبادرة الإعلامية إلى حقيقة. ويقول "جودجونسون" إن فريقه قد يحتاج سنة أخرى ليضع حزمة تشريعية أمام المشرعين. هذا وقد ظهرت فكرة جعل آيسلندا ملاذاً للإعلام وحرية التعبير عقب الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي عرفتها البلاد نهاية 2008، عندما انهارت بنوك آيسلندية خلال الأزمة المالية العالمية وكادت البلاد تعلن إفلاسها. غير أنه بعد تبدد حلم آيسلندا في أن تصبح ملاذاً للخدمات المالية الدولية، اقترح شخص ما أن تحول البلاد نفسها بدلاً من ذلك إلى ملاذ للإعلام والمعلومات؛ إذ يأمل المؤيدون لهذه لفكرة أن تشجع بيئة إعلامية ليبرالية الشركات الإعلامية الأجنبية على أن تتخذ من آيسلندا مقراً لبعض عملياتها. وفي هذا السياق، يقال إن مجلة إخبارية ألمانية وشبكة تلفزيونية أميركية قد عبرتا منذ الآن عن اهتمامهما بالفكرة. ويشار إلى أن البرلمان الآيسلندي الجديد الذي يميل إلى "اليسار"، وافق في يونيو الماضي بالإجماع على المبادرة الإعلامية الشاملة. مبادرة يرتقب أن يكون من السهل نسبياً تطبيق بعض أحكامها ومقتضياتها، مثل حماية المصادر والمحذرين من وجود انتهاكات واختلالات، وتقليص قدرة الحكومة على منع النشر، وتشديد المعايير لإثبات القذف والتشهير. ولكن قلة قليلة فقط من المؤيدين للمقترح كانت تتوقع إلى أي حد يمكن أن تكون الحرية معقدة؛ ويعترف هؤلاء بأنهم قد لا يحصلون على كل ما يريدون، في النهاية، حيث يقول المشرع مارشال: "لقد كان من الضروري ثني القوس، إذا جاز التعبير، إلى أقصى حد ممكن لرؤية ماذا سيحصل نتيجة لذلك". وحتى إذا جاءت المبادرة دون الشكل الذي أريد لها في البدء، يقول جودجونسون، إلا أن المسؤولين هنا مازالوا يتوقعون أن يكون لدى آيسلندا أفضل مناخ إعلامي في العالم، مضيفاً "وذاك ليس أمراً سيئاً، في نهاية المطاف!". هنري تشو ريكجافيك - آيسلندا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©