شركات إلكترونيات يابانية تتحالف لمواجهة المنافسة

لطالما ظلت كبريات شركات الإلكترونيات اليابانية مثل ''سوني'' و''ماتسوشيتا'' و''هيتاشي'' و''توشيبا'' مصدر فخر واعتزاز للصناعة اليابانية وهي تتنافس مع بعضها البعض لإنتاج وتصنيع كل شيء ابتداءً من رقائق الكمبيوتر وحتى الأجهزة التلفزيونية· أما وبعد أن أصبحت هذه الشركات تواجه منافسة شرسة من المصنعين في أماكن أخرى مثل كوريا الجنوبية والصين وتايوان فقد اتجهت الشركات اليابانية لاتخاذ الخطوة التي لم تكن منتظرة حتى وقت قريب والتي تهدف للعمل في إطار من التعاون والتحالف مع بعضها البعض· إذ يقول يوتاكا هارادا كبير الاقتصاديين في معهد ديوا للبحوث في طوكيو ''ان اليابان لديها عدد كبير من كبريات الشركات العاملة في مجال الإلكترونيات بحيث أصبحت السوق تشهد فائضاً في المنتجات والخدمات''· وبقيمة بحوالي 50 تريليون ين ياباني أو 465 مليار دولار أميركي التي تحققت من المبيعات في العام الماضي، فإن شركات الإلكترونيات اليابانية بما فيها الشركات المزودة لخدمة تكنولوجيا المعلومات تشكل أكثر من خمس السوق العالمية التي يبلغ إجمالي حجمها 228 تريليون ين،بحسب إحصائيات جمعية الصناعات الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات في اليابان· إلا أن هذه الحصة تراجعت في السنوات الأخيرة لأسباب تعود جزئياً الى بروز الشركات العملاقة في كوريا الجنوبية مثل ''سامسونج'' و''إل جي''· وفي الوقت الذي استمرت فيه شركات الإلكترونيات في أجزاء أخرى من العالم تركز على التخصص في مجال بعينه - باستثناء شركات عملاقة مثل ''فيليبس إليكترونيكر'' و''سيمنز'' و''جنرال إليكتريك'' - فإن عدداً يصل الى 10 شركات إليكترونيات يابانية ظلت تتطلع الى حصة سوقية عبر سلسلة من خطوط الإنتاج التجارية المتنوعة· وجاءت النتائج لتتمثل في المزيد من عمليات استنساخ نفس الأجهزة وإهدار الوقت والمواد والمزيد من الانقسام والتشظي في الأسواق وبشكل أدى في نهاية المطاف إلى إلحاق الأضرار بجموع المستهلكين كما يشير المحللون· لذا فقد آثرت بعض الشركات الخروج مبكراً من السوق· ففي فبراير الماضي عمدت شركة سوني إلى بيع مصنعها لإنتاج الرقائق متناهية الصغر لشركة توشيبا بصورة أمضت إلى نوع من التحالف بحيث أصبحت هذه الشركة المنافسة تنتج الآن الرقائق الخاصة بجهاز ألعاب ''بلاي ستيشن ''3 الخاص لشركة ''سوني'' وفي الماضي لم يكن من المتخيل مطلقاً الارتباط بمثل هذه العلاقة وبخاصة بين شركتين ظلت تتنافسان بشراسة حتى في مجالات أخرى· وهناك اسطوانة ''بلو راي'' ظلت تحقق النجاح تلو الآخر بوصفها جيلا جديدا متقدما من أنواع الـ''دي في دي'' ظلت تنتج بتعاون ما بين شركتي ''سوني'' و''ماتسوشيتا''· أما الأهم من ذلك فإن ارتفاع تكاليف الاستثمارات الرأسمالية بدأ أيضاً يدفع الشركات نحو البحث عن شركاء يتقاسمون معهم التكاليف ومخاطر الاستثمار· فإجمالي الاستثمارات المطلوبة لبناء آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا لمصنع لاشباه الموصلات يمكن ان تصل الى 600 مليار ين بينما ارتفعت تكاليف بعض المرافق الأخرى الى ثلاثة أمثالها في غضون العقد الماضي· ويقول كيسوكي أوهموري المتحدث الرسمي لشركة توشيبا ''لم يعد بإمكاننا العمل كمتجر لكافة أنواع المنتجات والخدمات من أجل ارضاء جميع الأشخاص لذا فقد أصبح من الضروري إبرام التحالفات مع الشركات التي تتمتع بالقوة في المجالات التي نفتقدها''· لذلك وبموجب اتفاقية أبرمت مؤخراً أصبح بإمكان شركة توشيبا شراء شاشات الكريستال السائل الخاصة بأجهزة التلفزيون الكبيرة الحجم من شركة شارب التي تشتري أصلاً أجزاء هذه الشاشات من شركة توشيبا نفسها· أما شركة ''سوني'' فقد اتفقت مع شركة ''شارب'' على إنشاء شركة مشاركة تبدأ أعمالها في أبريل 2009 لتشغيل مصنع شاشات الكريستال الذي يتخذ موقعه بالقرب من مدينة أوساكي باستثمار تقدر قيمته بنحو 380 مليار ين· وذكر يوشيهارو ازيومي كبير المحللين في جي بي مورجان في اليابان انه يتوقع استمرار المزيد من التحالفات في أوساط شركات الالكترونيات اليابانية ، خاصة في مجال صناعة أشباه الموصلات التي لم تعرف الشركات اليابانية بعلو كعبها نسبياً في هذا المجال· أما ساداو ناجا أوكا مدير معهد بحوث الاختراعات في جامعة هيتوتسوباشي في طوكيو فقد أشار من جانبه الى أن هذه التحالفات والتعاقدات لديها ميزات أكبر بكثير من الاندماجات، إذ أنها تضمن استمرار الأعمال الإدارية وتقتصر التعاون في المجالات التي تتحقق فيها أكبر المزايا والفوائد· كما أن الشركات سوف يصبح بإمكانها الاستمرار في اكتساب الاستقلالية دون ان تواجه التعقيدات الناجمة عن اندماج الميزانيات ورؤوس الأموال· عن انترناشونال هيرالد تريبيون