السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دعم المحروقات في آسيا يقوض خطط ترشيد استهلاك الوقود

1 أغسطس 2008 22:40
درجت الحكومات التي تساورها المخاوف من التضخم ومن اندلاع أعمال العنف والاضطرابات في المدن على دعم أسعار الطاقة بكثافة خاصة وقود الديزل· ولكن حجم هذا الدعم الذي يقدر بنحو 40 مليار دولار في الصين وحدها هذا العام استمر يناقض ويحبط الجهود الرامية لترشيد استخدامات الطاقة والسعي إلى إيجاد البدائل المستدامة· وتقدر شركة بريتش بتروليوم المعروفة باهتمامها بالتحاليل الإحصائية التفصيلية لأسواق الطاقة أن الدول التي توفر المساعدات ساهمت بنسبة 96 في المائة في الزيادة العالمية في استخدامات النفط في العام الماضي، وهي الخطوة التي ساعدت أكثر من غيرها على رفع الأسعار إلى مستوياتها القياسية· من جهة أخرى، فإن الأسعار المرتفعة الحالية في معظم الدول التي لا توفر الدعم للوقود أدت إلى انخفاض أو ركود الطلب على النفط· أما في الدول التي تقدم الدعم والمساعدات، فقد استمر الطلب يرتفع بشكل حاد، بحيث يمكن أن يتفوق على النمو في الإمدادات العالمية· وكان الرئيس جورج دبليو بوش قد حذر من آثار هذا الدعم في 15 يوليو المنصرم قائلاً: ''إنني أشعر بالإحباط من حقيقة أن بعض الدول مازالت مستمرة في دعم مشتروات المنتجات مثل الجازولين، وهو ما يعني أن الطلب لن يؤدي إلى التوازن المطلوب في السوق وبالسرعة التي ترغب فيها''· وفي الحقيقة، فإن معظم الاقتصاديين أضحوا مقتنعين بأنه إذا شرع عدد كافٍ من الدول في تمرير التكلفة الحقيقية للنفط على أعباء مواطنيهم، فإن ذلك من شأنه أن يعيد السوق إلى حالة من التوازن الأفضل ويؤدي بالتالي إلى خفض الأسعار - على الرغم من الازدهار الاقتصادي الطويل المدى المتوقع في الصين والدول ذات الكثافة السكانية الأخرى يجعل من غير المرجح أن تعود أسعار الجازولين إلى مستوياتها المنخفضة السابقة في السنوات القليلة المقبلة· وإلى ذلك، فقد عمدت الصين إلى رفع أسعار الجازولين في 21 يوليو المنصرم، إلا أن هذه الأسعار لا تزال أقل بكثير عن مستوياتها العالمية· أما في إندونيسيا فقد أنفقت الحكومة على مساعدات الطاقة مبلغاً يزيد بستة أضعاف على ما تنفقه على الزراعة برغم الارتفاع الذي شهدته أسعار الأرز في هذا العام· فالضغوط السياسية والمخاوف من التضخم مازالت تمنع العديد من الدول - خاصة في آسيا التي أصبح فيها التضخم مشكلة حادة - من التخلص من الدعم بالكامل تاركة الأسعار المحلية تتأرجح ما بين الصعود والانخفاض· ويقول برنومو يوسجيانتورو وزير الطاقة والموارد المعدنية الإندونيسي: ''إنك عندما تتحدث عن الدعم، فإنك لا تتكلم عن الاقتصاد وحسب وإنما عن السياسة أيضاً''· ونفى من جانبه اتجاه الحكومة إلى فرض أي زيادة إضافية على سعر الديزل إلى أكثر من تلك الزيادة التي رفعت سعر الجالون إلى 2,30 دولار في مايو الماضي· أما نابو تاناكا المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فذكر أن المساعدات أصبحت عاملاً حقيقياً ومؤثراً في الخلل بين الطلب والعرض ويساعد على رفع أسعار النفط كما لا يشجع المستهلكين على ترشيد استخداماتهم للطاقة· وكانت الحكومة الماليزية قد أشعلت الغضب في نفوس المواطنين عندما أقدمت في الرابع من يوليو الماضي على زيادة أسعار الجازولين بنسبة بلغت 40 في المائة· ولكن في إندونيسيا والهند، فإن اقتراب موعد الانتخابات القادمة يجعل من الصعوبة بمكان على كلا الدولتين تبني أي خفض في حجم الدعم في موعد قريب· أما كبريات الدول المنتجة للنفط مثل السعودية، فقد أخذت تنعم بإيرادات هائلة تمكنها أيضاً من تحمل توفير الدعم لاقتصادها الذي ينمو بوتيرة متسارعة· ويبقى أن سياسة الوقود الصينية هي الأصعب التي يمكن التنبؤ بها، فمسؤولو الدولة مازالوا يناضلون من أجل كبح جماح التضخم ومن غير المتوقع أن يتخذوا قرارات بشأن الوقود إلا بعد انتهاء الألعاب الأولمبية على أقل تقدير· ولكنهم أطلقوا أيضاً سلسلة من الحملات الهادفة لترشيد استخدام الطاقة وتقليل الاعتماد على النفط المستورد· إلا أن العديد من المواطنين الآسيويين سرعان ما تنتابهم حالة من الغضب متى ما طلب منهم تقليل استخداماتهم للنفط خاصة من قبل الولايات المتحدة الأميركية التي تحتشد بالسيارات الرياضية والمنازل ذات الأحجام الكبيرة التي تستخدم كميات هائلة من الوقود· أما أكثر ما أدى إلى مفاقمة الأمور، فإن حجم الإنتاج الآسيوي للنفط لم يرتفع إلا بالكاد عن مستواه في العقد الماضي· فإندونيسيا بحقولها الغنية بالنفط والتي جعلتها هدفاً للغزو والاحتلال الياباني في الحرب العالمية الثانية أصبحت مجرد دولة مستوردة للنفط خلال فترة الأعوام القليلة الماضية· ولقد انخفض الإنتاج من حقولها المعمرة بنسبة 40 في المائة تقريباً منذ عام ·1995 كما أضحت الدولة الآن تخطط للانسحاب من منظمة الـ''أوبك'' بحلول نهاية هذا العام· لذا فقد أصبحت الدول الآسيوية تتنافس على الدوام مع الغرب على استيراد النفط من الشرق الأوسط وأفريقيا· ولكن الدعم في آسيا ظل موجهاً على وجه الخصوص إلى الديزل على الرغم من أن بعض الدول مازالت تدعم الجازولين أيضاً· ومما لا شك فيه فإن هذا الدعم استمر يمثل السبب الرئيسي في ارتفاع سعر الديزل إلى ضعف سعر الجازولين في الولايات المتحدة الأميركية في العام الماضي· وتعتقد العديد من الحكومات أن الديزل أكبر أهمية بكثير من الجازولين لحاجة الشاحنات والسفن الماسة لهذه من أجل نقل وتوزيع البضائع والسلع· وإذا ما ارتفعت أسعار الديزل، فإن أسعار المستهلك سرعان ما تتبع ذلك الارتفاع· أما الجازولين، فهو نوع الوقود نفسه الذي يستخدم كزيت للتدفئة· لذا فإن ارتفاع أسعاره سوف يعني بالضرورة ارتفاع سعر زيت التدفئة وبشكل أصبح يثير التساؤلات الآن عن مدى إمكانية تحمل العائلات لتكلفة تدفئة منازلهم في الشتاء المقبل في الشمال الغربي الأميركي· وللإنصاف، فإن الدعم ليس هو السبب الوحيد في الارتفاع الجنوني لأسعار النفط· فالنمو القوي الذي يمضي به الاقتصاد العالمي خاصة في القارة الآسيوية أصبح يحتاج إلى كميات هائلة من الطاقة· أضف إلى ذلك، النزاع السياسي القائم بين الولايات المتحدة وإيران واندفاع مصنعي السيارات الأوروبيين لإنتاج المزيد من السيارات التي تعمل بمحركات الديزل، فجميعها عوامل استمرت تلعب دوراً مؤثراً في رفع الأسعار· عن ''انترنانشيونال هيرالد تريبيون''
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©