الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحاكم الأميركية والإرهاب

1 أغسطس 2008 22:59
أمضيتُ 27 عاماً كقاض في المحاكم الفدرالية الأميركية؛ غير أن تجربتي وبالخصوص مع محاكمة ''أحمد رسام'' -الملقب بـ''مفجر الألفية''- تجعلني قلقاً بشأن التصريحات التي أدلى بها وزير العدل الأميركي ''مايكل موكاسي'' -الأسبوع الماضي- وحث فيها الكونجرس على تمرير تشريعٍ يُحدد الإجراءات القضائية بشأن إعادة النظر في طلب معتقلي جوانتانامو بالنظر في شرعية حبسهم؛ بيد أن المحاكم الأميركية ليست مكاناً مناسباً لمحاكمة المتهمين بالإرهاب فحسب، وإنما وسيلة فعالة أيضاً لمحاربة الإرهاب؛ وعليه، فإن الكونجرس قد يقدم على ارتكاب خطأ فادح بإنشائه لنظام مواز مختص بالنظر في قضايا الإرهاب ومتحرر من القيم الدستورية التي طالما خدمت بلدنا منذ أمد طويل· يجادل معارضو النظام الحالي بأن المحاكم الفدرالية غير مؤهلة لمواجهة التحديات الفريدة التي تطرحها محاكمات قضايا الإرهاب؛ غير أن مثل هذه الاعتراضات كثيراً ما تستند إلى أفكار خاطئة، ومن ذلك أن التهديد الإرهابي هو من الخطورة والكبر بحيث لا يمكننا ركوب مغامرة إجراء متابعة قضائية ''غير ناجحة'' من خلال التمسك بالقواعد والضوابط في ما يخص الإجراءات والأدلة، والتي يمكن أن تقيد قدرات الادعاء العام؛ وهذا يفترض أن أحكام الإدانة هي المعيار الذي يقاس به النجاح؛ والحال أن المحاكم إنما تضمن عملية مستقلة، وليس نتيجة معينة؛ وأي محكمة تدعي غير ذلك فهي ليست محكمة· وإلى ذلك، يشير المنتقدون إلى مخاوف أخرى أكثر مشروعية بخصوص ما إن كان القضاة يمتلكون التجربة الكافية التي تخولهم النظر في قضايا الإرهاب، وما إن كانت المحاكم تستطيع الحفاظ على المعلومات المصنفة ضمن خانة المعلومات السرية؛ ولكن الحقيقة هي أن القضاة عامون وليسوا متخصصين؛ فمثلما أنهم يحكمون في قضايا متنوعة مثل التمييز في العمل وجرائم السطو على البنوك، فإنهم قادرون كذلك على مناقشة تعقيدات وتشعبات قضايا الإرهاب والبت فيها· الشهر الماضي أكدت المحكمة العليا في قضية ''بومدين ضد بوش'' ثقتها في قدرة المحاكم الفدرالية؛ حيث رفض القضاة صراحة محاولة لانتزاع جزء من الاختصاص القضائي الذي تتمتع به المحاكم الفدرالية فيما يخص الحرب على الإرهاب، قائلين: ''إننا نعترف بأن للحكومة مصلحة مشروعة في حماية مصادر وطرق جمع المعلومات الاستخباراتية، ونتوقع أن تستعمل سلطتها التقديرية لخدمة هذه المصلحة إلى أبعد حد ممكن؛ إلا أن هذه المسألة والمسائل المتبقية الأخرى تقع ضمن نطاق خبرة واختصاص المحكمة الفدرالية أولاً''· أما فيما يتعلق بحماية المعلومات المختومة بطابع السرية، فإن المحاكم ملزمة بـ''قانون إجراءات المعلومات السرية''، الذي لعب دوراً كبيراً خلال محاكمة رسام في المحاكمة التي أشرفت عليها عام 2001؛ وشخصياً، أرى أن الحماية القوية التي يوفرها القانون كافية إلى حد بعيد، ولكنني أعتقد في الوقت نفسه أن أي قصور في القانون يمكن ويجب معالجته من خلال مزيد من المراجعة بدلاً من تقويض المحاكم وإضعافها· في وقت بات فيه أمننا القومي مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بقدرتنا على خلق التحالفات وتأمين تعاون البلدان التي تشاطرنا قيمنا الأساسية أو تتطلع إليها، يجب ألا نبعث برسالة تفيد بأن هذه القيم قابلة للمناقشة أو أنها تعتمد على الظروف؛ لقد شاركت مؤخراً في حلقات دراسية في روسيا حيث عملت على مدى 20 عاماً على الترويج لإصلاح قضائي هناك، واختُتمت هذه الحلقات الدراسية بمحاكمة تحاكي الواقع لعب فيها الطلبة دور أعضاء هيئة المحلفين، وقد بدت لي مقاسمة قيم دستورنا وجهازنا القضائي المستقل مع الأشخاص الذين يمثلون مستقبل روسيا امتيازاً عظيماً؛ ولكنني أدرك أن ذلك يصب أيضاً في المصلحة الاستراتيجية لبلدنا؛ ولكنني لا أستطيع إلا أن أتساءل، ما إن كنت سأستطيع أن أتحدث بنفس الثقة في المستقبل إذا نحن فقدنا الثقة في المؤسسات التي جعلت منا نموذجاً للإصلاح في المقام الأول· جون سي· كافنور قاض فدرالي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©