الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سينما المخرجات العربيات تنافس على الجوائز

سينما المخرجات العربيات تنافس على الجوائز
7 أكتوبر 2009 21:44
استطاعت المخرجة السينمائية العربية أن تلفت إليها أنظار المتابعين لحركة الإنتاج السينمائي عربيا وعالميا من خلال مساهماتها الجادة في صناعة السينما العربية، سواء من حيث حجم الأفلام التي أخرجتها والقضايا التي تناولتها في تلك الأفلام، أو المنافسة على جوائز المهرجانات السينمائية العربية والعالمية، أو من حيث غنى التجارب التي قدمتها وتنوع موضوعاتها ورؤاها الجمالية والفكرية، التي ساهمت في إثراء وتطوير التجربة السينمائية العربية في وقت تواجه فيه صناعة هذه السينما عربيا تحديات ومصاعب جمة على صعيدي التمويل المادي، والتوزيع والعرض في الأقطار العربية. تتخذ سينما المخرجة العربية مسارين اثنين، المسار الأول تبدو فيه الرؤية السينمائية معنية بطرح قضايا الواقع العربي الاجتماعية والسياسية والأخلاقية وانعكاساتها العميقة على حياة الناس وأحلامهم وعلاقاتهم، في حين يركز المسار الثاني على واقع المرأة ومعاناتها الاجتماعية والإنسانية في واقع يكبلها بالقيود والموانع مما يجهض أحلامها ورغباتها، ويحرمها من التعبير عن ذاتها وكوامنها المسكوت عنها. ويمكن القول إن هذا المسار يتفرع عنه مسار آخر لا يغفل معاناة المرأة العربية وهمومها وأحلامها، وإنما يحاول أن يطرحها من خلال رؤية أوسع تربط تلك المعاناة بمعناة الواقع وعلاقاته الاجتماعية المتخلفة، وبقضية الحرية المطروحة بإلحاح في هذا الواقع المحكوم بالقيود والقهر والتسلط. وإذا كانت مصر ولبنان تأتي في طليعة البلدان العربية من حيث عدد المخرجات السينمائيات وحجم الإنتاج السينمائي وتنوع تجاربه، فإن اللافت للنظر توزع خريطة المخرجات العربيات على جغرافية واسعة يحتل فيها المغرب العربي موقعا متقدما سواء من حيث عراقة التجربة، أو الجرأة في طرح قضايا الواقع والإنسان، وفي مقدمتها قضايا المرأة والفقر والهجرة على الرغم من صعوبات التمويل والإنتاج، على خلاف ما هو موجود في سوريا التي ما زالت فيها مؤسسة السينما الرسمية هي القطاع العام الوحيد في الوطن العربي فإن حجم مشاركة المرأة المخرجة ما زال يقتصر على فيلم واحد أخرجته الفنانة واحة الراهب، وحاولت أن تطرح فيه قضية المرأة بوصها جزءا من قضايا الواقع السياسية والاجتماعية، بينما لم يقدم القطاع الخاص أية محاولة لدعم التجارب النسائية ربما لانعدام وجود المخرجات. قضايا الواقع قدمت مجموعة من المخرجات العربيات أفلاما كثيرة تعالج قضايا الواقع الاجتماعية والسياسية وتميزت تلك الأفلام بالجرأة في الطرح والمعالجة دون أن تنسى همومها ومعاناتها كامرأة في هذا الواقع فحاولت ربطها بقضايا الواقع الاجتماعي العام. وتعتبر المخرجة اللبنانية جونا حجي توما واحدة من ممثلات هذا الاتجاه، إذ تناولت في فيلمها «يوم آخر» الآثار المدمرة النفسية والاجتماعية للحرب اللبنانية على المجتمع والحياة من خلال سيرة شاب خطف والده وما يزال مجهول المصير. ويشترك فيلم «دنيا» للمخرجة جوسلين صعب مع فيلم «يوم آخر» في تناول موضوع الحرب اللبنانية وانعكاساتها على حياة الناس أيضا. كذلك قدمت المخرجة الجزائرية حبيبة دجانين فيلم «رسالة إلى أختي» تناولت فيه موضوع أختها التي قتلها الأصوليون الإسلاميون منتصف التسعينات مستعيدة مواقفها وطروحاتها السياسية الجريئة التي دفعت دمها ثمنا لها في مرحلة سياسية سادها العنف والاغتيالات. وتشترك المخرجة الجزائرية جميلة بحراوي مع مواطنتها حبيبة في تناول موضوع الارهاب وشجاعة المرأة الجزائرية في مواجهته في تلك المرحلة. وقدمت المخرجة المغربية ليلى مراكشي في فيلمها «مغرب» موضوعات سياسية واجتماعية عامة. ومن المخرجات المصريات اللواتي تناولن موضوعات عامة المخرجة كاملة أبو ذكرى التي تحدثت في فيلمها «العشق والهوى» عن موت الرومانسية في الحياة بعد أن سيطرت العلاقات المادية والاستهلاكية على علاقات الناس. ويتضح من عنوان فيلم «سلطة بلدي» للمخرجة المصرية نادية كامل تركيزها على الموضوع السياسي وتأثيره على المجتمع وحياة الناس فيه. واستطاعت المخرجة السعودية هيفاء المنصور أن تلفت الأنظار إليها وتنال تقديرا عالميا على أفلامها الثلاثة القصيرة التي أخرجتها وكان آخرها فيلم «أنا والآخر» الذي يروي فيه قصة ثلاثة مهندسين سعوديين هم أصولي وليبرالي ومستقل تتعطل بهم سيارتهم فينشب بينهم خلاف في وجهات النظر التي تعكس طبيعة الصراع السياسي الذي يسود الحياة السعودية في الوقت الراهن. كسر القيود تقدم موضوع المرأة ومعاناتها الاجتماعية والإنسانية على موضوعات سينما المخرجات اللواتي تناولنه من زوايا ووجهات نظر مختلفة ركزت على إظهار قسوة التجربة ومرارتها وعلى محاولات المرأة كسر قيود الواقع لنيل حريتها وحقوقها المشروعة بوصفها تشكل نصف المجتمع وتأتي المخرجة المصرية إيناس الدغيدي التي تعد من أقدم المخرجات العربيات إذ أخرجت أول فيلم لها عام 1985 بعنوان «عفوا أيها القانون» في طليعة من طرحن قضايا المرأة بجرأة تجاوزت فيه زميلاتها المخرجات. فقد تجلت جرأتها في معالجة موضوعات تعد من المحرمات الاجتماعية مثل قضية المثلية في فيلمها «ما تيجي نرقص» وتعدد الزوجات في فيلم «امرأة واحدة لا تكفي». ونالت عن فيلم «الباحثات عن الحرية» جائزة أفضل فيلم في مهرجان القاهرة السينمائي الذي تروي فيه حكايات ثلاث فتيات عربيات يعشن تجارب عائلية ونفسية صعبة في أوطانهن فيقررن الهرب إلى أوروبا وهناك يبدأن حياة جديدة في مجتمع تتمتع في المرأة بحريتها لكن نجاحهن في حياتهن يتفاوت بين واحدة وأخرى. ومن المخرجات الجريئات اللواتي تناولن موضوع المرأة المخرجة اللبنانية نادين لبكي لاسيما في فيلمها «سكر بنات» الذي حظي بالتقدير في أكثر من مهرجان سينمائي وتقدم فيه مشاهد قصيرة لخمس نساء في بيروت اليوم يعشن تجارب حب فاشلة وحكايات من الحياة اليومية عنوانها الألم والأوهام والأحلام المؤجلة. وتخصص المخرجة التونسية مفيدة اليلالي فيلمها «ناديا وسارة» لموضوع سن اليأس عند المرأة وانعكاساته على حياتها وسلوكها. ويتحدث فيلم المخرجة المصرية هالة لطفي «عن الشعور بالبرودة» في حياة مجموعة من الفتيات يروين مشاعرهن ورغباتهن الدفينة المكبوتة وحاجتهن إلى الحب، لكن تأثير التربية الاجتماعية تظهر في علاقتها بذاتها وبالرجل مما يجعلها أسيرة ثقافة المجتمع. ولا يختلف فيلم أمل رمسيس «بس أحلام» عن فيلم هالة حيث يروي حكايات خمس نساء مصريات في واقع يشعرهن بالضعف فيبقين عند حدود الأحلام التي تكشف عن دواخلهن المجهولة ورغباتهن المقموعة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©