الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان... عمال الإغاثة في مرمى «طالبان»!

باكستان... عمال الإغاثة في مرمى «طالبان»!
7 أكتوبر 2009 23:48
أثارت التفجيرات الانتحارية التي شهدتها باكستان مؤخراً شكوكاً وشبهات حول فاعلية قوات الأمن الباكستانية في مواجهتها. ذلك أن انتحارياً انتحل شخصية رجل أمن تمكن من دخول مبنى برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في إسلام آباد يوم الاثنين الماضي، على رغم الحراسة المشددة المفروضة على المبنى. وبذلك تمكن من تفجير نفسه وإزهاق أرواح خمسة من العاملين داخل المبنى الأممي، ليثير شكوكاً حول فاعلية إجراءات قوات الأمن، ومخاوف من اشتعال موجة جديدة من أعمال العنف في باكستان. وكان ذلك الانتحاري قد ارتدى زي ضباط الشرطة الباكستانية، وطلب من مسؤول الأمن السماح له بدخول المبنى لاستخدام الحمام، على حد تصريح وزير الداخلية الباكستاني. وعند وصوله إلى غرفة استقبال المبنى، سارع إلى تفجير عبوة ناسفة تزن 18 رطلاً. وبالإضافة إلى مقتل الانتحاري الذي نفذ العملية سقط خمس ضحايا جميعهم من موظفي برنامج الغذاء التابع للأمم المتحدة. فقد سقطت بين هؤلاء امرأتان باكستانيتان، ومواطنان آخران، إضافة إلى موظف عراقي. وتقدر الإصابات الأخرى في الحادث، بما لا يقل عن ست حالات، فيها حالتان خطيرتان. وعلى حد تصريح وزير الداخلية الباكستاني الذي نقلته عنه وكالة «أسوشيتد بريس»، فقد كان ذلك الهجوم الذي شنه مقاتل من حركة «طالبان»، انتحل شخصية ضابط أمن، انتقاماً من الحركة لمقتل زعيمها بيت الله محسود بضربة جوية نفذتها طائرات مقاتلة أميركية في الخامس من شهر أغسطس المنصرم. ويعد الهجوم المذكور الذي نفذ يوم الاثنين الماضي هو أول هجوم انتحاري من نوعه تشهده العاصمة إسلام آباد منذ شهر يونيو الماضي، حيث تمكن أحد الانتحاريين من تسلق جدران أحد مراكز الشرطة وقتل اثنين من الضباط العاملين فيه. ومنذ ذلك الوقت شددت السلطات الباكستانية إجراءاتها الأمنية في العاصمة، ما أدى إلى تراجع أعمال العنف التي تنفذها الجماعات المتطرفة. وشملت تلك الإجراءات زيادة عدد نقاط التفتيش في كافة أنحاء العاصمة إسلام آباد، إضافة إلى تشديد الرقابة الأمنية على حركة مرور السيارات في ضواحي العاصمة. ولكن على رغم تلك الجهود، تعهد مقاتلو «طالبان» وغيرها من الجماعات المتطرفة المتحالفة معهم، بتصعيد العمليات الانتحارية في عدد من المدن الرئيسية في البلاد، في وقت تستعد فيه قوات الجيش الباكستاني لتصعيد حملتها العسكرية البرية الرامية لاستئصال شأفة «طالبان» من إقليم وزيرستان الواقع على الحدود المشتركة بين باكستان وأفغانستان. وفي الخطاب الذي ألقاه خارج مبنى برنامج الغذاء العالمي، إثر وقوفه على آثار الدمار التي خلفها الهجوم، قال وزير الداخلية الباكستاني: لقد أصدرنا تحذيراً مؤخراً للهيئات الحكومية والمنظمات الدولية بأن تكون في أقصى درجات التأهب الأمني، بعد تلقينا معلومات استخبارية تفيد اعتزام مقاتلي «طالبان» وغيرهم من المتطرفين تصعيد عملياتهم الانتحارية في المدن. وأشارت تلك المعلومات إلى احتمال تنفيذ الانتحاريين لعملياتهم هذه وهم متخفون حتى في أزياء رجال الشرطة، أو مستقلين سيارات قد يظن أنها من سيارات أجهزة الأمن الرسمية. كما أخطرنا الجهات الحكومية والدولية بعدم إدخال أي من العناصر الأمنية -حتى ضباط الشرطة الذين يعرفهم مسؤولو الأمن في تلك الهيئات والجهات-دون التأكد من هوية الشخص الذي يطلب الدخول إلى مبناها. يذكر أن الانتحاري الذي نفذ الهجوم الأخير على مبنى برنامج الغذاء العالمي، تمكن في النهاية من الدخول إلى المبنى المحصن بالإجراءات الأمنية المشددة. فإضافة إلى السلك الشائك المنصوب فوق الجدران الإسمنتية العالية للمبنى، كانت هناك أجهزة للكشف عن المعادن في مدخل المبنى، وفريق أمني كامل يتألف من 19 فرداً يعملون في إحدى شركات الأمن المحلية الخاصة، إضافة إلى ثلاثة من ضباط الشرطة الباكستانية، يعمل معهم جنديان من الشرطة. وقد صرحت سوزان مانويل، المتحدثة الرسمية باسم برنامج الغذاء العالمي في إسلام آباد قائلة إن مستوى الأمن الذي توفره الشركة الأمنية الخاصة التي تتولى حراسة المبنى بات مثيراً للقلق بسبب ضعف مستوى تدريب القوة العاملة فيها، إضافة إلى ضعف أجور أفراد القوة. ونفت المتحدثة أن يكون مكتبها قد تلقى أية تحذيرات أمنية من وزارة الداخلية تفيد باحتمال انتحال انتحاريين لشخصيات رجال الأمن لشن هجوم على مبنى المنظمة الدولية. كما أعلنت «سوزان» أن مكاتب البرنامج ستغلق مؤقتاً لحين مراجعة الوضع الأمني. وفي الوقت نفسه ذكرت المتحدثة أن برنامج الغذاء العالمي يتولى تنفيذ عملية إنسانية كبيرة جداً في باكستان، بما فيها توفير المؤن الغذائية لنحو مليوني نازح من الذين شردتهم أعمال العنف والمواجهات المسلحة في وادي سوات. ولذلك فإن من المؤسف للغاية أن يستهدف أي كان برنامج الغذاء العالمي بهجوم انتحاري لن يكون هدفه سوى تقويض العمل الإنساني الذي يقوم به. غير أن الأمين العام للمنظمة الدولية، «بان كي مون»، صرح من جنيف مؤكداً استمرار العمل الإنساني الذي تؤديه منظمته وبرامجها والوكالات التابعة لها في باكستان، على رغم هجوم يوم الاثنين الماضي. وسبق «بان كي مون» ذلك التأكيد بالقول: «إنها لجريمة شنعاء ارتكبت بحق أولئك الذين كانوا يعملون بلا كلل أو ملل من أجل تقديم العون الإنساني اللازم للفقراء والمعوزين. فقد كان هؤلاء الضحايا يخاطرون بحياتهم من خلال عملهم اليومي في الخطوط الأمامية للجوع وغيره من أشكال المعاناة الإنسانية في باكستان». أليكس رودريجز - إسلام آباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©