الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماكريستل... جنرال لم يتجاوز الحدود

ماكريستل... جنرال لم يتجاوز الحدود
7 أكتوبر 2009 23:48
تعرض الجنرال ستانلي ماكريستل، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، لانتقادات شديدة مؤخراً لأنه أدلى بتصريحات علنية حول الحرب؛ حيث طعن، في معرض إجابته على أسئلة الحضور بعد خطاب ألقاه في الأول من أكتوبر الجاري، في بديل شعبي للمقاربة التي أُرسل إلى أفغانستان من أجل تنفيذها. وفي هذا الإطار، جادل مقال رأي نشرته صحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، يوم السبت، بأنه لا يجدر بقائد عسكري ميداني أن يستبق رئيسه أمام الملأ. ولاحقاً، عاب مستشار الأمن القومي جيمس جونس على ماكريستل تحدثه خارج التسلسل القيادي الداخلي، فيما يعكف الرئيس على مراجعة استراتيجيته وأفكاره بشأن الحرب. لقد سُئل ماكريستل بشأن استراتيجية لـ«محاربة الإرهاب» من شأنها أن تحتوي «القاعدة» وتحافظ على أرواح الجنود الأميركيين. والواقع أنه لم يحاول الضغط على الرئيس بشأن تعزيز وجود القوات الأجنبية في أفغانستان، بل انتقد خياراً يتناقض مع السياسة التي يتبناها أوباما ويتعارض مع تجارب الجيش الأميركي خلال هذا العقد. وذاك قطعاً ليس تجاوزاً للحدود المسموح بها لقائد عسكري. ثم إن السنوات الثماني الماضية أثبتت أن خيار محاربة الإرهاب في أفغانستان لن يحافظ على وحدة البلاد وتماسكها. فهذه المقاربة، وهي جوهر مفهوم «الحضور العسكري الخفيف» الذي كان يعتمده رامسفيلد، والذي كان سائداً خلال معظم فترة بوش الرئاسية، أفضت بنا إلى وضع معظم القوات الأميركية في أفغانستان تحت قيادة منفصلة عن «الناتو»، لأن إدارة بوش كانت تتحاشى مهمة حفظ السلام التابعة للناتو. وقد كانت محاربة الإرهاب هي الدور الرئيسي للقوات الأميركية بعد سقوط نظام «طالبان»، لكن بحلول العام الماضي أصبحت نتائجها واضحة: صعود جديد لـ»طالبان» التي أصبحت تنشط بفعالية في 140 من مديريات أفغانستان الـ368؛ وزيادة بعشر مرات في معدل إصابات قوات «الناتو»؛ وقيادة «القاعدة» في غرب باكستان تدين بالولاء لـ«طالبان» أفغانستان وتأمل في إعادة تأسيس ملاذ آمن في أفغانستان. وقد وضح ماكريستل كل هذه الأمور ضمن تقييم استراتيجي لم يتعرض لانتقادات علنية. فهل ينبغي أخذ خيار محاربة الإرهاب الذي أفضى إلى هذه الفوضى على محمل الجد؟ ربما من المقبول أن نبحث مرة أخرى إمكانية التخلي عن أفغانستان وتركها لـ«طالبان» وحلفائها، ومحاولة الحد من الدور المستقبلي لـ«القاعدة» هناك بواسطة ضربات جوية طويلة المدى أو غارات فرق العمليات الخاصة من حين لآخر. لكن إذا كان الأمر كذلك، ينبغي ألا نتظاهر بأن أفغانستان ستظل على حالها ولن يحدث لها شيء. والحال أن جوهر تصريحات ماكريستل، الأسبوع الماضي، هو أننا إذا خفضنا بشكل كبير وجودنا العسكري في أفغانستان، كما تنص على ذلك مقاربة محاربة الإرهاب، فإن أفغانستان ستصبح «فوضى -ستان» مرة أخرى. ثم إن ماكريستل لم يبالغ بشأن الدفاع عن وجهة نظره. وعلاوة على ذلك، من المحتمل أن يفشل خيار محاربة الإرهاب في قتل الإرهابيين واعتقالهم؛ بل قد لا تكون الأهداف الفورية لهذا الخيار قابلة للتحقق. ومثلما جادل زميلي «بروس ريدل»، وكاتب هذه السطور وآخرون، فمن شأن خيار محاربة الإرهاب أن يؤدي إلى خسران شبكات استخباراتية بشرية بالغة الأهمية. وعلاوة على ذلك، فالأرجح أن حكومة كابول ستسقط حين يتم خفض قوات «الناتو»، وسيعمد المتمردون إلى الانتقام ممن كانوا على علاقة بنا من الأفغان. كما سيتم فقدان القواعد الجوية التي تطير منها الطائرات بدون طيار فوق غرب باكستان، ما يعني أن الضربات التي تنفَّذ عن بعد سيتعين تنفيذها في هذه الحالة انطلاقاً من سفن تبعد بمئات الأميال؛ و سيتقلص اهتمام باكستان بكبح «طالبان» أفغانستان لأنها توثر عودة هذه المجموعة إلى السلطة على أن يقوم في كابول نظام موال للهند. قد يوافق البعض على إمكانية حدوث هذا السيناريو، لكنهم قد يقولون إن ماكريستل لا يحق له التدخل في الجدل السياسي الحالي. والواقع أنه كقاعدة عامة، يجب على القادة العسكريين ألا يقوموا بذلك؛ غير أنه حين تُناقَش أفكار سيئة فعلا، أو أفكار جُربت من قبل وثبت فشلها، فإنها لا تعود ذات قدسية فكرية. ثم إن ماكريستل شخصياً مسؤول عن أرواح الجنود الـ100000 التابعين للناتو، والذين يتكبدون خسائر فادحة منذ ثماني سنوات في إطار استراتيجية فاشلة لمحاربة الإرهاب، وبالتالي فمن حقه التحدث حين يصبح النقاش حول السياسة الأميركية تجاه أفغانستان بعيداً كل البعد عن الواقع. بعبارة أخرى، إننا في حاجة إلى سماع رأيه لأنه يفهم هذا الواقع أكثر من أي شخص آخر في واشنطن. إن على الرئيس أوباما أن يبحث العديد من المسائل المعقدة أثناء تقييمه لحرب أفغانستان، ومن ذلك ما إن كانت الولايات المتحدة تستطيع فعلا مضاعفة جهودها بينما تنتكس الحكومة الأفغانية على جبهات كثيرة. والواقع أن أحد دروس فيتنام هو أننا لا نستطيع النجاح في هذا النوع من الحروب بدون شريك داخلي يمكن الاعتماد عليه. لذلك، فمن المهم جداً تحديد كيفية دعم وتشجيع حكومة أفغانية أقوى وأكثر خضوعاً للمحاسبة من قبل شعبها، ومؤهلة أكثر للتغلب على التمرد. مايكل أوهانلون زميل مؤسسة بروكينجز ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©