الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين الجديدة

7 أكتوبر 2009 23:49
شهد الأسبوع الماضي احتفالات الحزب «الشيوعي» الصيني بالذكرى الستين لإعلان رئيسه وقائده آنذاك «ماو تسي تونج» للعالم قيام جمهورية الصين الشعبية وانتصار الجيش الشعبي الذي قاده في المسيرة الطويلة التاريخية. فقد قاد «ماو» في البداية حفنة من الفلاحين حفاة الأقدام في مسيرة دخلت سيرتها الأسطورية التاريخ، وأسقط حكومة الكومنتاج التي تسلمت السلطة في الصين بعد تحريرها من الاحتلال الياباني. ويرى بعض المؤرخين أن العملية السياسية العسكرية التي كان «ماو» المؤسس والمحرك الرئيسي لها، قد أسقطت «عملياً» نظرية ماركس الذي كان يتصور أن المجتمع الشيوعي الذي يهدف إليه كانت ستؤسسه وتقوده الطبقة العاملة الصناعية في أوروبا المتقدمة، والتي على أكتافها ومن فائض قيمة عمله، تأسس وقام النظام الرأسمالي، الذي به أصبحت أوروبا مركز العالم المتقدم والمهيأ بانتقال العالم من مرحلة الرأسمالية إلى الاشتراكية ثم الشيوعية. فليس هناك بين عمالقة الفكر الماركسي من كان يتصور أن الصين التي بنت بينها وبين العالم المتقدم سوراً ليس فقط من الحجارة، بل من التقاليد الإقطاعية العتيقة، ستحقق معجزة القرن العشرين، بإعلان وفاة الصين القديمة، وميلاد الصين الجديدة الشعبية الديمقراطية، واستطاع ورفاقه الأوائل امتلاك السلطة في بلد يشكل سكانه اليوم خمس البشرية. قادة الصين الحاليون قد أرادوا أن يجعلوا من احتفالات هذا العام (التي بدأت في اليوم الأول من أكتوبر وهو يوم إعلان انتصار الحزب الشيوعي الصيني وتأسيس سلطته)، إعلاناً للعالم - الصديق والمعادي - أن الصين قد أصبح لديها بالفعل والعمل، مكانتها العالمية، وأنها أيضاً قوة عظمى يطلب ودها أعداء الأمس ممن أنكروا وجودها لعقود من الزمن وحرموها من حقها المشروع في عضوية الأمم المتحدة ومقعدها في مجلس الأمن، ويخافها ويحسب حسابها حتى أصدقاء العالم رفاق الدرب بالأمس خلفاء الاتحاد السوفييتي. وتلك بعض من سخريات التاريخ، فروسيا خليفة الاتحاد السوفييتي تتخوف وتتشكك في الصين اليوم أكثر ما كانت تفعل في زمن الحرب الباردة، وتنظر بحذر وشك في مطامع الصين، وتتصور أن هذا التمدد الهائل للصين يستهدف بين ما يستهدف بعض أجزاء من سيبيريا الروسية وثرواتها الطبيعية، والتي يحسبها الاستراتيجيون الروس إن كانوا قياصرة أو شيوعيين أو بين بين المخزون الاستراتيجي الطبيعي لروسيا. قادة الصين أرادوا من العرض العسكري الكبير، والذي عرضوا فيه أسلحة جديدة وقوات جديدة أن يقدموا بلادهم للعالم، وهي في طريقها إلى أن تصبح القوة الاقتصادية الثانية بعد الولايات المتحدة. والذي تفوق اقتصادها في الأشهر الأربعة الماضية على ألمانيا في قطاع الصادرات. والصين صاحب التاريخ القديم والتي كانت يوماً أحد أهم مراكز الحضارة الإنسانية تعرف تماماً إن كل الأحاديث والتنظير والهجوم عليها واتهامها بأنه المنتهك الأكبر لحقوق الإنسان والنموذج الأسوأ للحكم الشمولي المعادي للديمقراطية هي من قبيل الدعاية السياسية والخطب المنبرية وأنها - أحاديث الديمقراطية وحقوق الإنسان – لن تحدد علاقاتها بالعالم الآخر وعلى رأسه الولايات المتحدة، إنما العلاقات بالدول تحددها المصالح الاقتصادية، وأنها الآن - وبطريقتها الصينية - ستصبح صاحبة صوت مسموع وشريكاً يحسب حسابه في إعادة تشكيل النظام المالي في العالم... لقد صنع الصينيون هذه المكانة العالمية بالصبر المعهود فيهم والمقدرة المشهورة عنهم في نسيج الحرير. وللصين الجديدة مشكلاتها الداخلية، ولها أعداء من شيوعي القرن الماضي، الذين يكيلون لها الاتهامات كيلاً بأنها أصبحت دولة إمبريالية ورأسمالية كالولايات المتحدة والدول الاستعمارية الأوروبية القديمة.. ولكن كما قال متحدث صيني فصيح ذات يوم: إن كل هذا ليس مهماً... المهم أن المواطن الصيني يعرف اليوم أن حياته أصبحت أفضل بكثير كما كانت بالأمس وأن البضع ملايين الذين هم أعضاء الحزب الشيوعي ليسوا أقل حرصاً وحباً لمواطنين من الأجانب الذين جعلوا من أنفسهم محامين ومدافعين على حقوق الإنسان الصيني. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©