الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والعجز التجاري مع ألمانيا

2 يونيو 2017 22:45
اتهم الرئيس دونالد ترامب مرة أخرى ألمانيا بتمتعها بميزة غير عادلة على الولايات المتحدة في التجارة، منتقداً الحليف الأوروبي لأنه يصدر إلى الولايات المتحدة أكثر مما يستورد منها. وفي تغريدة على تويتر بتاريخ 30 مايو، يوم الثلاثاء الماضي، كتب ترامب «لدينا عجز تجاري هائل مع ألمانيا، بالإضافة إلى أنهم يدفعون أقل بكثير مما يجب في الناتو والجيش. هذا سيئ للغاية للولايات المتحدة. هذا سيتغير». وجاءت تغريدة الرئيس الأميركي في أعقاب زيارة ترامب إلى أوروبا الأسبوع الماضي حين التقى مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أثناء قمة لزعماء أكبر اقتصاديات العالم في صقلية. والتغريدة تمثل استمراراً لقلق قائم منذ فترة طويلة من الرئيس بشأن مدى استغلال الدول الأجنبية للقوة الاقتصادية الأميركية من خلال علاقات تجارية غير عادلة. صحيح أن ترامب وجه في الغالب اهتمامه إلى المكسيك والصين، لكنه ركز من قبل على ألمانيا أيضاً، وخاصة على ما تصدره برلين من سيارات. وظهر الشقاق في الاجتماعات مع الأوروبيين في الأيام القليلة الماضية، فقد انتقد ترامب الحلفاء لتقاعسهم عن المشاركة بما يكفي من الموارد المالية في الجهود الدفاعية ضمن حلف الأطلسي (الناتو)، بينما عبر الأوروبيون عن قلقهم بشأن عدم التزام الولايات المتحدة باتفاقات باريس بشأن تغير المناخ. وذكرت وسائل إعلام ألمانية أن ترامب انتقد ألمانيا بشأن صادراتها من السيارات في اجتماعات خاصة، لكن مسؤولين من البيت الأبيض قللوا فيما بعد من قيمة هذه الانتقادات. وصرح جاري كوهن مدير المجلس الاقتصادي القومي للصحفيين أنه صحيح أن ترامب قال: «إننا سيئون للغاية في التجارة، لكن ليس لديه مشكلة مع ألمانيا». ويوم الأحد الماضي، في أعقاب الاجتماعات، أعلنت ميركل أن أوروبا «يتعين عليها حقاً أن تقرر مصيرها بنفسها» فيما يبدو أنه مسعى جديد للابتعاد عن التحالف القائم منذ فترة طويلة مع الولايات المتحدة. وتمتعت ألمانيا بفائض تجارة مع الولايات المتحدة بلغ 69 مليار دولار عام 2016 أي أن الولايات المتحدة صدرت بما قيمته 49.4 مليار دولار إلى ألمانيا، بينما استوردت من ألمانيا بما قيمته 114.2 مليار دولار. وبصفة عامة، يرى الاقتصاديون أن العجز في الميزان التجاري ليس معياراً حاسماً في قياس النجاح أو الفشل الاقتصادي، لكن رغم أنهم يعتقدون أن انتقادات ترامب للبلاد في السياق الأميركي ليست عادلة تماماً، لكنهم يرون أن فكرته العامة قد تكون وجيهة. وإجمالاً يتفوق ما تصدره ألمانيا على ما تستورده بنحو 270 مليار دولار. ويعتقد منتقدون أن هذا يعد جزئياً نتيجة سياسات محل شكوك روجت لها الحكومة الألمانية في سنوات الاضطرابات الاقتصادية في القارة. وألمانيا صاحبة أقوى اقتصاد في أوروبا واستفادت من مشاركتها في عملة اليورو الموحدة مع كثير من الدول الأضعف. ونتيجة لهذا، فإن اليورو أقل قيمة بكثير من أي عملة ألمانية محتملة الصدور عن برلين. وهذا يعني أيضاً أن صادرات مناطق اليورو الأخرى أكثر تكلفة مما قد تكون عليه بغير واقع مشاركة ألمانيا في عملة اليورو. والدول التي تعرضت لأزمات اقتصادية في السنوات القليلة الماضية مثل إيطاليا واليونان وإسبانيا تضررت بشدة بشكل خاص. ولهذه الأسباب انتقد مسؤولون اقتصاديون أميركيون في إدارة الرئيس باراك أوباما ألمانيا بشدة وإن يكن بطريقة أكثر دبلوماسية بكثير. والجدير بالذكر أن سياسات ألمانيا التقشفية الشهيرة في الميزانية أدت إلى ثقافة الادخار وليس الإنفاق ولذا حضها المسؤولون الاقتصاديون الأميركيون على بذل المزيد لتحفيز طلب المستهلك الذي يعزز حجم الواردات الألمانية. وترى «كاورلين فرويند» الباحثة البارزة في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي ومقره واشنطن أن المرء قد يعتقد أن ألمانيا، نتيجة لهذا، سيئة لكن هذه طريقة غريبة وغير متوقعة لفهم الواقع و«لب الحقيقة بالتأكيد هو أن أزمة اليورو ولدت في ألمانيا كما ولدت في اليونان». وقرارات الولايات المتحدة والبنوك المركزية الأوروبية تسببت أيضاً في تقلص قيمة اليورو أمام الدولار، مما أضر بحجم الصادرات الأميركية. ومع تسارع إيقاع الاقتصاد الأميركي بدأ الاحتياط الاتحادي الأميركي يرفع سعر الفائدة ليقدم عائدات أفضل للمستثمرين وليجتذب استثمارات دولية إلى الولايات المتحدة ويرفع قيمة الدولار. وفي الوقت نفسه أبقى الاتحاد الأوروبي سعر الفائدة عند صفر. ووجود دولار أقوى مقارنة باليورو أثر على الصادرات الأميركية، لكن الضحية الأساسية من الفائض الألماني لم تكن الولايات المتحدة لكن الدول الواقعة في أطراف أوروبا التي ما زالت تعاني معدلات بطالة تزيد على عشرة في المئة. *صحفية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©