الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

صيد الأسماك مهنة مهددة بالزوال في رأس الخيمة

2 أغسطس 2008 01:48
يهم العم راشد عبدالله فجراً للانطلاق في رحلة صيد من شاطئ الجزيرة الى داخل البحر في مساحة تتخطى 45 كلم· ويبدأ يومه وهو يتطلع إلى ما ستجنيه شباكه من صيد يتباهى به أمام زملائه الصيادين الذين يجتمعون يوميا لدى عودتهم الى الشاطىء في ''مجلس الصيادين'' يتفاخرون بما جنوه ويتبادلون الأخبار عن التحديات التي واجهتهم· أسارير العم راشد تبدأ بالانفراج، عند بدء ظهور سمك ''الشعري'' و''الصافي'' و''الجش'' في شباكه· ويقول وهو يشمر عن ساعديه لتفريغ الأسماك الكبيرة وتنظيفها، ''هذا يبشر بحصيلة معقولة تعادل الجهد والمال المبذول في الرحلة''· وعندما يصادفه ''قرقور'' (أي قفص صيد) فارغاً، يبتسم ويقول إن ''هذا الأمر طبيعي في ظل التلوث وحركة السفن الكبيرة بالقرب من المنطقة، مما يؤدي إلى هروب الأسماك الى أماكن أخرى''· والعم راشد وهو واحد من أقدم صيادي رأس الخيمة، لم يبتعد يوماً عن البحر ''فطوال السنوات الخمسين الماضية، لا أذكر أنني أخذت إجازة من البحر حتى وهو هائج· وعندما يصدر خفر السواحل امراً بعدم الإبحار، أحضر الى ''العشة'' حيث يخبئ الصياد عدته على الشاطئ، وامكث فيه''· ويعتمد العم راشد على العمال الآسيويين في مهمة تنظيف ''القراقير'' التي تستخدم في الصيد، وإعداد طعام الأسماك المكون من الخبز وسمكة العقلة الصغيرة التي يتم اصطيادها من على الشاطئ ، إضافة طبعاً الى تحضير مستلزمات الرحلة من الشاي والقهوة والعصائر والماء وكل ما يلزم لجعلها ممتعة· وهو يقول إن ''عدد صيادي الأسماك من المواطنين كان يفوق ال1500 صياد منذ عشر سنوات لكنه انخفض اليوم الى أقل من ألف صياد''· وينطلق عشرات الصيادين بمراكبهم في عرض البحر يوميا، ومركب العم راشد الى جانبها· نجله محمد يتولى القيادة في حين يجلس والده الى جانبه، بينما كان العمال الآسيويون الثلاثة الذين يرافقونهم في المهمة، يأخذون مواقعهم في مقدمة المركب· المحطة الأولى تكون بإجتياز بوابة حرس السواحل التي تبعد عن الشاطئ أقل من 100 متر، يعلمهم العم راشد في حال وجود ''غرباء'' على متن المركب، فالإجراءات تنص على ألا يسمح الحرس الا للصيادين المسجلين في ارتياد البحر· يأخذ الموافقة ويباشر الرحلة وتتضاعف سرعة الطراد، فلا بد من الوصول الى موقع ''القراقير''، الموضوعة قبل ثلاثة أيام وبداخلها الطعم والتي تبعد عشرة كيلومترات عن الشاطئ، في وقت محدد· ويستخدم محمد نجل العم راشد ''الجرمان'' وهو الجهاز الجديد الذي يحدد المسافة ما بين الشاطئ ومكان الطراد، والذي تم الإستعاظة به عن وسائل الآباء القديمة التي كانت تقوم على تحديد موقع الجبل وحركة الشمس واتجاه الرياح· يوضح العم راشد كيف يتم إخراج '' القراقير'' الموضوعة على بعد 6 '' باع'' عن سطح البحر، مربوطة بحبال وبقطعة من الفلين تطفو على سطح الماء، وبواسطتها يتم تحديد مكان ''القرقور''· ويشكو العم عبدالله علي غيث ، صياد يبلغ من العمر 65 عاماً، من أن كل المشدات الموجودة في عرض البحر، ''خربتها السفن في الأشهر الفائتة بسبب حركتها العشوائية في المنطقة التي ظلت لسنوات حكراً على صيادي الجزيرة الحمراء''· ويقول إن ''حركة السفن هي التي أدت إلى قطع الحبال التي تربط ''القراقير'' ببعضها وتحدد مكان وجودها، فتضيع ''القراقير'' وتموت الأسماك داخلها بعد فترة، فتنبعث منها الروائح الكريهة وتلوث البيئة البحرية مما يؤدي إلى هروب كل أنواع الأسماك من المنطقة التي تستقر فيها ''القراقير'' إلى منطقة أخرى''· لكن أستاذ الأحياء البحرية في جامعة الإمارات المدير التنفيذي لهيئة حماية البيئة والتنمية في رأس الخيمة سيف الغيص، يقول إن قيام العديد من الصيادين ببناء مشدات في البحر لجذب الأسماك للعيش فيها ''يؤثر سلباً'' على الأنواع التي تحتاج الى الحياة في بيئة رملية فتنقرض، ''لأن كل تغيير في البيئة البحرية يؤثر سلباً على ما يعيش فيها من كائنات، بالإضافة الى تدمير الشعاب المرجانية التي تعتبر مناطق آمنة لعدد كبير من الأنواع''· وحمّل الصيادين أنفسهم مسؤولية ''التسبب في العديد من المشاكل التي يعاني منها قطاع (صيد السمك) من خلال ما يقومون به من أفعال تؤثر على المخزون السمكي وتدمر البيئة البحرية''· ويقول إن ''صيد الأسماك العشوائي يؤدي الى خلل في التوازن البيئي''· مثلاً فإن صيد سمك القرش يؤدي الى إنتشار الأسماك التي يتغذى عليها والتي تقوم بدورها بالتهام أنواع من الأسماك الأخرى، فتنقرض العديد من الأنواع التي عاشت لآلاف السنين في بيئتنا البحرية· واعتبر الغيص أن الشكوى المستمرة من ندرة الأنواع الجيدة في رأس الخيمة، سببها الصيد الجائر حيث يعمد الصيادون الى صيد الأسماك الصغيرة قبل أن تضع بيوضها مما يؤدي إلى إنقراض هذه الأنواع بعد مدة· وقال إنه على سبيل المثال فإن سمكة الهامور يتغير جنسها بعد مدة من الوقت فتتحول الذكور إلى إناث، تضع البيض ثم تكمل دورة حياتها بعد ذلك، واصطياد الهامور الصغير لا يسمح بهذا التحول الذي يؤدي الى تكاثرها· وأشار الى وجود أسباب أخرى وراء تراجع المخزون السمكي في الخليج منها حركة السفن والقوارب بشكل عشوائي، والتلوث الناتج عن التسرب البترولي من السفن الكبيرة· واعتبر أنه ''لا بد من أن تكون هناك ممرات لسفن النقل بعيداً عن مناطق الصيد خصوصاً خلال مواسم التكاثر أي من شهر مارس الى يونيو من كل عام''· وعلى الرغم من تكرار شكاوى الصيادين من انخفاض عائد صيد الأسماك عليهم والتحديات التي يواجهونها، إلا أن المخزون السمكي في العام 1976 بلغ 64 ألف طن، وفقا للمسح الذي أجرته وزارة الزراعة، ولكنه ارتفع خلال السنوات الماضية الى 100 ألف طن· وقال الغيص ''لكن مع ارتفاع أعداد الصيادين في الدولة تراجع نصيب كل صياد بنسبة 50%'' ولفت الى أن البيئة البحرية في الإمارات تحتوي على نوعين من الأسماك: الزائرة والمقيمة· وأشار إلى أنه إذا ما تم تغيير البيئة الخاصة بالأسماك المقيمة فإنها تهاجر الى أماكن أخرى أكثر أمناً، وكذلك الحال بالنسبة إلى الأسماك الزائرة التي تضطر للهروب في حال عدم وجود البيئة المناسبة لها·
المصدر: رأس الخيمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©