الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مرضى السرطان بمصر ينتظرون نتائج العلاج بالذهب

مرضى السرطان بمصر ينتظرون نتائج العلاج بالذهب
13 ابريل 2014 21:02
محمد عبد الحميد (القاهرة) يعيش آلاف المصريين حالة من الترقب الممزوج بالأمل، انتظاراً للنتائج التي ستتمخض عنها تجارب علاج السرطان بجزيئات الذهب «النانو مترية»، التي يجريها المركز القومي للبحوث بالقاهرة، على عدد من المرضى المتطوعين، بعد نجاح التجارب على الفئران، والتي جاءت نتائجها مبشرة. وتنتشر في مصر مراكز طبية متخصصة في مجال علاج الأمراض السرطانية أبرزها، المعهد القومي للأورام بالقاهرة، ومستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال. فكرة العلاج وفقا لتقديرات المعهد القومي للأورام التابع لجامعة القاهرة، والمختص بعلاج وأبحاث الأمراض السرطانية؛ فإن نحو 20 ألف مصري يصابون سنويا بمرض سرطاني، بعضهم يتم شفاؤهم منه، وآخرون يلقون حتفهم بسببه، وذلك تبعا لمدى اكتشاف الإصابة به في مراحلها المبكرة والإمكانات المتوافرة للعلاج، ومدى استجابة جسد المريض للعلاج. ويعد سرطان المثانة أكثر أنواع السرطان انتشارا بين المصريين، نظرا لارتباط هذا النوع من الأورام بمرض البلهارسيا المنتشر في الريف، كذلك ينتشر سرطان الثدي خاصة عند الإناث، ثم يليه سرطان الكبد والرئة، وأورام الجهاز الهضمي، إلى جانب سرطان الجهاز الليمفاوي والدم. وترجع فكرة علاج السرطان بجزيئات الذهب إلى العالم المصري الدكتور مصطفى السيد، رئيس كرسي الكيمياء بمعهد جورجيا الأميركي، والمشرف على تجارب الفريق البحثي بالقاهرة. ويقول إن تجارب واختبارات العلاج الجديد وتطبيقه على المرضى المصريين تعتمد على حقن الخلايا السرطانية بمركب من جزيئات الذهب النانومترية، ثم تعريض هذه الخلايا لأشعة الليزر، مشيرا إلى أن التجارب تجرى ضمن مشروع سريري بحثي يجري إعداده بدقة. ويوضح أن المرحلة الأولية للتجارب على الحالات الميؤوس منها داخل جدران المعهد القومي للأورام بالقاهرة تتم وفقا لثلاث مراحل، تبدأ بدراسة الآثار الجانبية على المرضى، والثانية مدى فاعليته في العلاج، والثالثة مقارنة بالأدوية الأخرى ومدى جدوى إنتاجه. ويؤكد السيد أن فريق العمل المصري الذي يعمل تحت إشرافه في المركز القومي للبحوث بالقاهرة، يحقق نتائج جيدة، ما يبشر بإمكانية التوصل لعلاج آمن وزهيد، مقارنة بالعلاج الكيميائي المستعمل الآن الذي يرهق المرضى بدنياً ومادياً. ويشير إلى أن مصر ستستفيد اقتصادياً كثيراً حال نجاح تجارب العلاج، حيث سيفد إليها سنويا عشرات الآلاف من كل أنحاء العالم للعلاج في مصر، وهو ما سيمثل دخلاً اقتصادياً للبلد، ناهيك عن مساعدة المرضى المصريين على الشفاء في أسرع وقت وتوفير أموال كثيرة كانت تنفق على العلاج. وعن تخصصه العلمي، ومدى ارتباطه بمجال الأورام وعلاج السرطان، يقول السيد «أنا لست طبيبا متخصصا في علاج الأورام السرطانية، فقد ولدت بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية - 80 كيلو مترا شمال شرق القاهرة - ودرست بكلية العلوم قسم فيزياء بجامعة عين شمس، وتخرجت عام 1953، قبل أن انتقل للعمل والدراسة بأميركا، وقطعت مشوارا علميا في دراسة خواص المعادن، وكيفية الاستفادة منها في خدمة البشرية، وهو ما أقوم به حاليا في مجال جزيئات الذهب، وإمكانية أن تستخدم في علاج مرض السرطان، ويعاونني في ذلك فريق من الأطباء المتخصصين في علاج الأمراض السرطانية». منعطف حياة عن أسباب تخصصه في علاج السرطان بجزيئات الذهب تحديدا رغم أنه تخرج في كلية العلوم قسم فيزياء، يقول السيد «القدر كانت له الكلمة الأولى والأخيرة في تحديد مسار حياتي وانتقالي فور تخرجي من القاهرة إلى أميركا، فقد كان ترتيبي الأول على دفعتي، وكنت بانتظار أن يتم تعييني معيدا ثم أسلك السلك الأكاديمي بالجامعة، ولكن في أثناء ذلك وقعت عيني على إعلان بإحدى الصحف مفاده:« أن جامعة فلوريدا بأميركا قامت بتوفير منحتين لطالبين مصريين لاستكمال دراستهما العلمية بها، وقرأت الشروط ووجدتها تنطبق، فتقدمت للمسابقة وكنت الأول، وسافرت إلى أميركا عام 1954، وتغير من وقتها مجرى حياتي العلمية تماما، حيث نلت درجة الدكتوراة، وعملت بالتدريس في العديد من الجامعات بها، وتزوجت من فتاة أميركية كانت نعم الزوجة، ووقفت إلى جواري وساندتني في مشواري العلمي كثيرا، إلى أن صدمت بإصابتها بمرض سرطان الثدي في مطلع التسعينيات من القرن الماضي»، مضيفا «ماتت زوجتي بعد خمس سنوات متأثرة بأعراضه، فعقدت العزم من يومها على تسخير علمي لإجراء أبحاث حول هذا المرض الخبيث، وإمكانية التوصل لعلاج فعال من خلال تكنولوجيا «النانو»، كي لا تتكرر معاناة زوجتي وآلامها الفظيعة مع آخرين، فقمت بتجربة العلاج بالذهب عن طريق حقن الأوردة الدموية برقائق نانوية من الذهب، وتمكنت من إبادة الخلايا السرطانية من دون التأثير على الخلايا السليمة، بعد تعديل درجات سمية المواد بالتحكم في كيماوياتها، وذلك يتم عن طريق تكسير الذهب إلى أجزاء صغيرة جدا تكون قادرة على التعرف على خلايا السرطان فقط، وتخلص الجسم منها‏ من دون الإضرار بالخلايا السليم،ة بنسبة نجاح بلغت ‏100 في المائة‏ من دون أي مخاطر على الجسم». بارقة أمل يوضح الدكتور حسين خالد، رئيس المعهد القومي للأورام الأسبق ورئيس الفريق العلمي المختص ببحث العلاج بجزيئات الذهب، أن مرض السرطان هو حدوث تكاثر سريع ونمو غير عادي في خلايا أحد أعضاء الجسم، ولا يخضع هذا الورم للعوامل التي تنظم وتتحكم في نمو وانقسام خلايا العضو تحت الظروف الطبيعية، كما أن هذا النمو لا يخدم غرضا أو وظيفة معينة، فضلا عن أنه يستمر بشكل مطرد، ما يؤدي إلى تدمير العضو الذي نشأ فيه الورم. ويضيف أن الخلايا السرطانية تتميز بقدرتها على تخلل وغزو الأنسجة الطبيعية المحيطة بها وكذلك على قدرتها على الانتشار، فإذا وصلت الخلايا إلى وعاء دموي، فإنها تقتحمه وتسير مع تيار الدم لتنتقل إلى أعضاء أخرى بعيدة، وتكون أوراما ثانوية خبيثة لها نفس الصفات من حيث النمو والقدرة على الانتشار. ويشير إلى أن الأبحاث التي تجرى حاليا للاستفادة من خواص جزيئات معدن الذهب في علاج السرطان تمثل بارقة أمل لملايين المرضى، وأن بمقدورهم التعافي والشفاء من هذا المرض الخبيث فور انتهاء التجارب ونيل الموافقات الدولية عليه. ويوضح حسين أن فكرة العلاج تقوم على تغطية جسيمات الذهب بمادة مضادة للخلايا السرطانية لتنجذب إليها وتلتصق بها، ثم يتم تسليط شعاع من الليزر له طول موجي محدد على مكان الخلية السرطانية، حيث تقوم مادة نانو الذهب بامتصاص ضوء الليزر الذي يسلط عليها بعد وصولها إلى الخلية المصابة، وتحوله إلى حرارة تحرق الخلية السرطانية، مع عدم التأثير على بقية خلايا الجسم السليمة، لافتا إلى أن المراحل الأولى من هذه الأبحاث أجريت على حيوانات التجارب، أكثر من 2000 فأر، واستمرت نحو 5 سنوات، وأظهرت النتائج فاعليه هذا العلاج في إيقاف نمو الخلايا السرطانية مع عدم وجود أي آثار جانبية للعلاج، إلا أن جسيمات الذهب قد تستغرق فترة طويلة نوعا ما حتى يتخلص منها الجسم، ولكن من دون أن تترك أي تأثير ضار على وظائف الكبد والكلي. سجل حافل يقول العالم المصري الدكتور مصطفى السيد، المشرف على تجارب الفريق البحثي بالقاهرة. إنه نال في مجال تخصصه العلمي العديد من الجوائز والتقديرات الدولية، أبرزها حصوله عام 2007 على قلادة العلوم الوطنية، وهي أرفع وسام رئاسي أميركي للعلوم، كما نال جائزة الملك فيصل العالمية للعلوم عام 1990. كما انتخب عضوا بالأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة عام 1980، ونال العديد من الجوائز الأكاديمية العلمية من مؤسسات العلوم الدولية المختلفة. عصر النانو عن تعريف النانو مترية التي تستخدم في علاج السرطان، يشرح العالم المصري مصطفى السيد «هي مصطلح قياسي الغرض منه تحديد حجم الذهب المستخدم في العلاج، حيث يساوي النانو واحداً على مليار جزء من المتر، وهي رقيقة جداً ودقيقة للغاية». ويوضح أن «النانو» هو علم جديد يصح أن نطلق على القرن الحادي والعشرين لقب قرن النانو تكنولوجي، فإذا كانت الأزمنة تعرف باسم ما يستخدم بها من تطبيقات علمية، مثل العصر الحجري والبرونزي والنحاسي والحديدي والكهرباء، فإن العصر الحالي هو عصر «النانو»، مضيفاً «هو علم ندرس فيه خواص مواد كثيرة في الوقت نفسه، ونرى ماذا يحدث لخواص هذه المواد، عندما يصغر حجمها، وسنجد أنها تحولت إلى خواص جديدة، كما حدث مع معدن الذهب الذي ظلت حدود معرفتنا به أنه معدن لا يصدأ وذو بريق أخاذ، ولكن بتطبيق علم النانو عليه أمكن الاستفادة منه في الناحية الطبية، وهذا هو الإبداع». وعن جدوى دراسته، يقول السيد، إنه «كعلم لا يحتاج إلى قدرات مادية كبيرة، فأميركا خصصت 180 ألف دولار سنوياً لإجرائي أبحاث النانو، والاستفادة من الذهب في علاج السرطان، ولذا فإن الدول العربية يمكنها توفير هذا المبلغ الزهيد لعلمائها ليتفرغوا للبحث العلمي كي يمكننا أن نسير جنبا إلى جنب مع الدول الكبرى».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©