الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسكافي.. حرفة تستمد استمراريتها من إصرار ممتهنيها

الإسكافي.. حرفة تستمد استمراريتها من إصرار ممتهنيها
13 ابريل 2014 21:02
الاسكافي (مصلّح الأحذية) صاحب مهنة شاقة، وهي تعد من المهن التي يعلّمها الأجداد للآباء، وتوارثها أبناؤهم وأحفادهم. وهي من المهن التي رأسمالها موهبة وعتاد بسيط، وشيء من الصبر والعزيمة. ويعتبر الإسكافي ضياء أبو حيدر، الذي ورث عن والده المهنة، أن مهنة الاسكافي شاقة للغاية، وتفرض على ممتهنها التعامل مع الأحذية القديمة والمهترئة التي تحمل الجراثيم. تحديات العمل يقول أبوحيدر: “مع مرور الأيام أحببتها، بعد أن شعرت بمدى أهميتها. وبت أعيش اللحظة الصعبة مع مهنتي في مواجهة تحديات الواقع، وتنبع سعادتي من إحساسي أني شخص مفيد في المجتمع”. ويتابع “أبدأ العمل في السابعة صباحًا وحتى التاسعة ليلاً في محل المركز الفني للأحذية، وهو من بين القلة الذين يعملون في هذه المهنة في لبنان، ومن الصعب أن تجد أشخاصاً يتحملون المسؤولية اليوم. ولكن أعباء الحياة أجبرتني أن أعمل بدوام كامل لأواجه شظف العيش، ويشاركني العمل مساعدي عادل ريحاوي، إضافة إلى فتى سوري نازح يسعى لمساعدة أهله من خلال تعلمه هذه المهنة”. ويسرد أبو حيدر الوقائع بوجدانية، رغم قسوة الواقع، وهجمة التجار بالأحذية العصرية الرخيصة التي غمرت الأسواق، وقللت من عدد زبائنه. ويقول “نعاني نحن الذين نعتمد على مهنة إصلاح الأحذية القديمة، من قلة الدخل المادي، وعدم قدرتنا مزاولة مهنة بديلة، خصوصا أن معظمنا في هذه المهنة أميّون أو قليلو التعليم، إضافة إلى أنها مهنة نضطر فيها إلى المكوث طويلا على كرسي صغير، فتضعف أجسامنا، وقد نصاب بأمراض مختلفة كالديسك والتكلس تحول دون امتهاننا أية مهنة أخرى”. وحول واقع المهنة، يقول أبوحيدر: “انتشرت الأحذية الجلدية والبلاستيكية المستوردة من الخارج بكميات كبيرة، وهي مختلفة الأشكال والأنواع، وليست من النوعية الجيدّة، إلا أن العائلة البسيطة وعوضا عن صرف المبالغ المالية في إصلاح أحذيتهم المعطوبة يلجأون لشراء أحذية رخيصة ونوعية بائسة باتت تنافس بقوة باقي الأحذية من الصنع المحلي الرفيع أو المتوسط، التي أضحى من الصعب على العامة شراؤها. ليبقى اعتمادنا على أشخاص لا يمكنهم الحصول على أحذية بالمقاسات الصحيحة لأقدامهم من إنتاج المصانع فيلجأون إلينا”.‏ زرع الثقة من الذين قضوا سنوات عديدة من صباهم في تعلم فنون وأصول هذه الحرفة، علي عادل ريحاوي، الذي ورث حرفة تصليح الأحذية عن والده. ويشير ريحاوي إلى أنه “ليس هناك من يقبلك إذا لم تقبل ذاتك، فقبولنا هذه المهنة هي أول درجة في زرع الثقة فينا، لأن الناس ستراك كما ترى نفسك. لذا لا استسلم مهما صعب الأمر كان صغيراً أم كبيراً”. ويقول: إنها “مهنة متعبة والزبائن لا تقدّر صنعتنا، كما أن ما يدفعونه من أجرة لنا لا تغطي حتى ثمن المسامير أو بقية المواد المستعملة. ومنهم من لا يناقش في التسعيرة التي هي في الأصل حفنة من الدراهم، في حين أن البقية تصر على التفاوض حول الأجر الذي سنتقاضاه قبل تسلم الأحذية لإصلاحها”، موضحاً: “نحن كإسكافيين نعيش يومنا كاملا بين المسامير والمواد اللاصقة، والمطرقة والسندان، نحاور الزبائن، ويدانا لا تفارقان فردة الحذاء، وقليلون من استطاعوا الاستمرار في فتح محالهم، فحرفة الإسكافي تحتاج إلى الصبر، والتعامل مع الأحذية ومشاكلها بفن وإتقان وجدية، إضافة إلى حسن التعامل مع الزبائن”. وحول الأدوات التي يستخدمها الإسكافي، يوضح ريحاوي “تتنوع الأدوات التي نستخدمها رغم بساطتها، فنضع على ركبتينا قطعة مستطيلة من الخشب تكسوها طبقة سميكة من المادة اللاصقة، التي تراكمت مع مرور الأيام فوق تلك الخشبة، وإلى جانبنا خزانة تحتوي على عبوات المادة اللاصقة ومسامير من مختلف الأحجام ومواد أخرى، إضافة إلى كمية كبيرة من كعوب الأحذية المتنوعة، وهي المادة الأكثر استهلاكاً في مهنة إصلاح الأحذية. وقليل من الناس من يمتهن حرفة الإسكافي، ليس بسبب عدم قدرتهم على تعلمها، لكن بسبب الأوساخ والتعفن الذي يلازمنا كإسكافيين طيلة اليوم داخل المحل”. ويضيف: “عدا عن المواد هناك ملوثات تتسبب فيها الروائح الكريهة المنبعثة من أحذية بعض الزبائن، والتي تكون في غالبيتها أحذية مهترئة وممزقة، ويعتبر الإسكافي ملزماً بإصلاحها وإعادة ما تبقى من بريقها إرضاء للزبائن. فبعض الزبائن يأتون إلينا وهم منتعلون أحذيتهم المراد إصلاحها، ويعمدون إلى الجلوس إلى جانبنا ومدنا بالحذاء لنقوم بإصلاحه فوراً ولا يدفعون مقابله تصليحه أو عملية ترقيعه سوى المال القليل”. ويؤكد ريحاوي: “سنعمل جاهدين على أن تبقى مهنة تصليح الأحذية، ورغم نفور الأبناء الذين يريدون متابعة دراستهم، ورغم احتلال الآلة أكثرية المهن، تبقى هذه الحرفة حاجة ومطلب الأغلبية، ما يعطينا الأمل في النجاح، والبقاء قدر المستطاع”. (بيروت- الاتحاد) صعوبات المهنة عن المشاكل التي تعترض عملهم، يقول الإسكافي عادل الريحاوي «نتعرض أثناء عملنا لحوادث كثيرة، تختلف باختلاف نوعية العمل، في حين أن الفئة التي طورت عملها، وبدأت العمل ببعض الآلات العصرية في الخياطة والتقطيع، يتطلب منها حذراً أكثر، فقد تعرض سرعة الآلة الزائدة إلى جرح الأصابع، أو قطعها في أسوأ الحالات. علما أن معظمنا يستعمل كفوفاً صلبة فيها العشرات من الثقوب الصغيرة التي تخلفها الجروح».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©