الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نساء عاملات وأزواج اتكاليون.. مآسي أسرية متفجرة!!

نساء عاملات وأزواج اتكاليون.. مآسي أسرية متفجرة!!
9 أكتوبر 2009 00:19
وقفت أم أحمد تنتظر تاكسي ليقلها إلى أقرب مشفى، وهي تحمل ابنها المصاب بوعكة صحية، معربة عن امتعاضها من الوضع الذي أصبحت فيه مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة في حياتها الأسرية، فهي تقوم بدورين مزدوجين: دور الأم، وما تحمله من عطف وحنان ورعاية لأطفالها في المنزل، ودور الأب الذي يوجِّه وينصح أبناءه بطريقة حازمة، ويلبي احتياجاتهم خارج المنزل. تقول في الصعوبات التي تواجهها: «هذا الأمر أنهكني نفسياً وجسدياً، فما عدت أقوى على تحمل الأعباء الأسرية لوحدي في ظل غياب مسؤولية الأب الذي انتهج طريقاً آخر في حياته، وهي اللامبالاة، وعدم الرغبة في الالتفات ولو بضع لحظات والنظر إلى وضع أطفاله ومتطلباتهم. فبعض الرجال يفتقدون لمبدأ تحمل المسؤولية في وقتنا الحالي، هم اتكاليون وأنانيون في كثير من الأمور، منساقون خلف أهوائهم، وراغبون في الجلوس مع أصدقائهم لساعات طويلة، في وقت تكون عائلاتهم في أمس الحاجة لتواجدهم بينهم». فتش عن الزوجة من جانب آخر توضح أمينة كرم: «إنَّ مسؤولية وجود زوج اتكالي في الأسرة يعود سببه أولاً وأخيراً إلى الزوجة التي اعتادت منذ بداية حياتها أن تنجز أعمالها وأعمال زوجها وحدها، دون أن تدعه يقوم بما هو مطلوب منه، حيث يرى أنَّ واجباته البديهية حيال أسرته قد أنجزت تماماً بفضل زوجته. ولكن هذا الوضع لن يستمر في طبيعة الحال نتيجة زيادة متطلبات الأسرة والأعمال الأخرى، فسرعان ما تعلن المرأة تذمرها، وتطلب بإلحاح مشاركة زوجها والقيام بدوره. وهنا قد تشتعل فتيلة المشكلة، نظراً لعدم رغبة الزوج في إنجاز بعض الأعمال مهما كانت بسيطة. هذه ما نلمسه عند كثير من الأسر التي لا بدَّ لها أن تعي أن الحياة الزوجية مشاركة وتعاون بين الطرفين». زوج بمرتبة طفل «أصبح الوضع لا يطاق، والحياة الزوجية يلفها الضيق والاختناق»! بهذه الكلمات بدأت أم سعود حديثها قائلة: «من غير المعقول أن تذهب السيدة إلى بعض المؤسسات والدوائر لتنجز معاملة ما، وتزاحم الرجال في بعض الأعمال كدفع الفواتير والإيجارات، في حين يجلس الزوج مكتوف اليدين، لا يريد أن يحمل ولو جزءاً من المهام التي يفترض به القيام بها، لدرجة أنَّ بعض النسوة هن اللاتي ينتقين الأثواب وبعض المتعلقات الرجالية لأزواجهن، فالزوج أصبح كالطفل الذي ينتظر من الآخرين أن يلبوا احتياجاته. بدورها تشكو أم راشد واقعها المرير قائلة: «لا يمكن أن يتخيل المرء أن بعض الأزواج أصبحوا اتكاليين بشكل كبير، ويعتاشون على رواتب زوجاتهم، هذا ما أعانيه في علاقتي الزوجية، فأنا أتحمل أعباء مسؤولية المنزل بكافة تفاصيلها سواء معنوية كانت أم مادية، في حين أجد زوجي المصون يرتع خارج المنزل فلا أراه إلا وقت النوم. وأقدم له عريضة من الأعمال المعلقة التي تنتظر من ينجزها، كإصلاح بعض الأعمال الكهربائية والأعطال التي في المنزل، فيطمأنني بأنه سينجزها غداً، ولكن دون جدوى. انعدام الثقة ترى عايدة جمعة أنَّ المرأة مسؤولة عن سلبية الزوج قائلة: «هناك ازدواجية ملحوظة في بعض سلوكيات الزوجين، حيث نجد أنَّ الزوجة ترفض في بعض الأحيان أن تعتمد على الزوج في تسيير بعض الأمور بحجة أنَّه لا يمتلك المهارة الكافية لتنفيذ المهمة على الوجه المطلوب، هي لا تثق بدوره في إنجاز العمل، فتفضل أن تتولى الأمر بنفسها، هذا ما ألحظه على بعض السيدات اللاتي يقمن بدورهن وبأدوار الآخرين أيضاً». وللرجال آراؤهم يرفض أبو حمد الرفاعي الاتهام بالتقصير قائلاً: «لا يمكن أن نعمم هذه النظرة، وهذا الوضع لا ينطبق على الكثيرين، فمنهم من يرفض تماماً أن تقوم زوجته بمهامه، في ما يتعلق بالأمور التي لابد أن يزاولها الرجال، كعمل بعض الإصلاحات في المنزل، ودفع فواتير الكهرباء، وأخذ الأولاد إلى المدرسة وبالعكس، إضافة إلى بعض الأعمال التي تحتاج جهداً وطاقة غير متوافرين لدى المرأة. والمرأة تتحمل المسؤولية كالرجل تماماً في إدارة شؤون المنزل، وملاحظة ما يدور فيه، والتعاون بين الزوجين مطلوب فاليد الواحدة لا تصفق. اتكالية متطرفة تتجلى صور الاتكالية الذكورية في ممارسات شتى، يوصِّفها الاستشاري الأسري خليفة المحرزي قائلاً: من أبرز هذه الصور عدم الاهتمام بشؤون المنزل، وعدم الصرف على مستلزمات الأسرة والأبناء، وعدم المشاركة في التربية، والأسوأ من هذا كله أن تصل الاتكالية إلى حد ترك العمل والجلوس في البيت، والاعتماد على راتب الزوجة تحت ذريعة أنَّ راتبها يكفي لسد احتياجات المنزل، كما أخبرتني إحدى الزوجات التي تعمل موظفة، إنَّ المعاناة التي تعيشها هذه السيدة تتمثل في كثرة المشاحنات اليومية، لأنها تحولت فجأة إلى العائل الوحيد للأسرة، وأصبحت حياتها مليئة بالتوتر، بسبب ترك زوجها لعمله، ورفضه الالتحاق بأي عمل آخر، بحجة أنها تعمل فلا داعي لاستعجاله في البحث عن عمل جديد، فإذا جاء وقت الراتب استقطع لنفسه مصروفاً خاصاً به.. دون أن يفكر في مسؤولية المنزل، أو في أبنائه مما جعلها تفكر جدياً في طلب الطلاق». ويستكمل المحرزي حديثه قائلاً: «نعزو أسباب بروز هذه الظاهرة إلى ضعف شخصية الرجل وتراخيه أمام زوجته، وإلى رغبة الزوجة في تولي بعض الأمور المنزلية، حيث يعتبر ذلك من أقوى الأسباب المؤدية إلى نشوء الاتكالية، إضافة إلى سلبية هذا النوع من الأزواج، وضعف شخصيته وتعودِّه على ترك كل أمور المنزل لزوجته، ناهيك عن نشأته المنزلية، حيث يكون قد تربى بطريقة مدللاً في أسرته، ولم يتعود على اتخاذ أي قرار في حياته، إلى جانب ضعف الوازع الديني لدى الزوج وهو يمثل أحد أهم هذه الأسباب، فعندما يتجاهل الرجل مفهوم الحقوق الشرعية، وأهمية الالتزام بواجباته العائلية، يصبح اتكالياً بطبيعة الحال». رجال مهمشون يرى المحرزي أنَّ تولي المرأة زمام الأمور في المنزل، يترتب عنه انحسار دور الزوج والتقليل من تأثيره في الحياة العائلية، ويترافق ذلك مع تعالي زوجته عليه، وتعاملها معه بعنف يصل إلى حد توبيخه أمام أولادهما، والتقليل من شأنه، وتهميشه في المنزل، وهذا مؤشر سلبي خطير على اهتزازا مكانة الأب أمام أبنائه، مما يؤثر سلباً عليهم في مستقبل حياتهم، فالتقليل من شأن الشريك سواء أكان الرجل أم المرأة، يؤثر سلباً على نفسية الأبناء، ويزداد الأمر سوءاً في حال كون الزوج هو الطرف الأضعف، نظراً لما يمثله الأب من قوامة وسلطة ذكورية لها اعتبارها في المجتمع الشرقي على وجه الخصوص، مما يجعل للوالد دوراً ثانوياً في حياة أبنائه لأنهم تعودوا على أخذ الأوامر والنواهي من والدتهم، فتهتز صورته أمامهم، وينتج عنه تشويه الفكرة العامة عن شخصية الأب في المنزل. وفي هذا الإطار يقول أحد الأزواج الاتكاليين بأنه لا يمثل شيئاً في حياة أبنائه، وأصبح دوره في البيت، على حد تعبيره، الموافقة على كل قرار تصدره الأم، والامتثال لأي تصرف يصدر من أفراد الأسرة، ذلك أنَّه لا يملك اتخاذ أي قرار يخص العائلة، وعندما حاول ذات مرة إلزام الأبناء بعدم التأخر في العودة إلى البيت مساء، ضرب الأبناء بكلامه عرض الحائط، لأنهم يدرون تماماً أنَّ والدتهم هي من تدير المنزل. هو يصف موقفه بالقول: «اعتقدت أنَّ اعتمادي على زوجتي في إدارة شؤون المنزل سيحقق الخير الكثير، لكن مع مرور الأيام تعود أبنائي على سلبيتي وإيجابية والدتهم، وسُحب البساط من تحت قدمي بإرادتي، ولم اكتشف فداحة الأمر إلا بعد أن كبروا، فأدركت بعد فوات الأوان أنني مهمش في حياة أبنائي». مقاربات علمية يؤكد المحرزي أنَّ الخطورة تكمن في مسألة يغفل عنها معظم النساء، وهي حقيقة أثبتتها البحوث العلمية مؤخراً تقول إنَّ استمرار قيام المرأة بواجبات الرجال، حتى وإن كانت كارهة لذلك، يساهم في رفع مستوى هرمون الذكورة (التسترون الذكوري) لديها، مما يؤدي إلى اكتسابها صفات الذكر في التعامل، والتخلي عن صفات الأنوثة. وفي سياق متصل كشفت بعض الدراسات أنَّ أكثر من 35% من حالات الطلاق التي تتم حالياً، ترجع إلى اضمحلال شخصية الرجل في المنزل وافتقاد دوره، وعدم اهتمامه بشؤون البيت
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©