الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نقص العقل والدين تدليل وليس ذما

نقص العقل والدين تدليل وليس ذما
9 أكتوبر 2009 00:23
يرفض الإسلام التمييز ضد المرأة ويحارب العادات والتقاليد الظالمة التي كانت تكبلها وتهدر كرامتها، فقد حررها من النظرة الدونية التي حرمتها من حقوقها لقرون طويلة. وبالرغم من ذلك اتهم بأنه ينتقص من أهليتها وأن شريعته تكرس مفهوم أن النساء ناقصات عقل ودين. يوضح هذا اللبس الدكتور منتصر مجاهد -أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة قناة السويس قائلا إن الإسلام جاء بمنهج يتفق مع الفطرة السوية وسعى لمحاربة العادات الموروثة والعقائد الفاسدة وتخليص الإنسانية من الأغلال التي كانت تأسرها، وليحيى ملكات وطاقات الإنسان لينهض بالأمانة التي حملها، يتساوى في ذلك الإناث والذكور جميعا، وليكون بعضهم أولياء بعض في النهوض بالفرائض الاجتماعية الشاملة لكل ألوان العمل الاجتماعي والعام. تفسيرات مغلوطة أشار مجاهد إلى أن الإسلام اعتبر أن تحرير المرأة جزء من تحريره للإنسان ذكراً كان أو أنثى. وأوضح أن التحرير الإسلامي للمرأة بلغ آفاقا واسعة جعلتها الداعمة للإسلام ورسوله -صلى الله عليه وسلم- كما كان حال أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وطليعة شهداء الإسلام سمية بنت خياط أم عمار بن ياسر عبر المشاركة في العمل العام السياسي والفقهي والدعوى والأدبي والاجتماعي والقتالي كما تجسد في الكوكبة النسائية التي تربت في مدرسة النبوة. وقال مجاهد إن عصور التراجع الحضاري التي مرت بها الأمة الإسلامية أدت إلى عودة بعض العادات والتقاليد الجاهلية وإحياء رواسب التمييز ضد المرأة، خاصة التي كانت سائدة في المجتمعات غير الإسلامية التي دخلت فى إطار الدولة الإسلامية ولم تكن قد تخلصت تماما من هذه التقاليد وفى ظل العهدين المملوكي والعثماني، وزاد التردي لدرجة أن سعت هذه العادات الفاسدة لإضفاء غطاء شرعي على نظرتها الدونية للمرأة والانتقاص من أهليتها وعزلها عن العمل العام وتعطيل ملكاتها وطاقاتها الفطرية من خلال تفسيرات مغلوطة وشاذة لبعض الأحاديث النبوية والمأثورات الإسلامية وذلك بعد عزل هذه الأحاديث عن سياقها وتجريدها من ملابسات ورودها وفصلها عن واقعها. وأضاف أن التفسير الخاطئ الذي ساد وانتشر لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه البخاري ومسلم عن نقص النساء في العقل والدين وهو حديث رواه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه فقال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال: «يا معشر النساء، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن». قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله ؟ قال: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل». قلن: بلى. قال: «فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم »؟ قلن: بلى. قال: «فذلك من نقصان دينها ». وهذا الحديث اتخذ تفسيره المغلوط غطاء شرعيا للانتقاص من أهلية المرأة وانطلق منه أعداء الإسلام لاتهامه بالتمييز ضد المرأة. نظرة مدققة قال مجاهد إن النظرة المدققة في الحديث تؤكد أن فهمه يبتعد عن صحيح الاسلام فمن حيث رواية الحديث هناك شك من الرواة حول مناسبة قوله وهل كان ذلك في عيد الأضحى؟ أم في عيد الفطر؟ وهو شك لا يمكن إغفاله عند وزن المرويات والمأثورات. كما أن الحديث يخاطب حالة خاصة من النساء ولا يشرع شريعة دائمة ولا عامة في مطلق النساء فهو يتحدث عن الواقع القابل للتغير والتطور وهو ليس تشريعا للثوابت. وأيضا أن في بعض روايات هذا الحديث، خاصة رواية ابن عباس - رضي الله عنهما - ما يقطع بأن المقصود به إنما هي حالات خاصة لنساء لهن صفات خاصة، وليس تشريعا عاما ودائماً لجنس النساء. فضلا أن مناسبة الحديث تؤكد أن يكون المقصود من ورائها المدح وليس الذم فالذين يعرفون خلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي قال فيه الله تعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم». ويعرفون رفقه بالقوارير ووصاياه بهن حتى وهو على فراش المرض يودع هذه الدنيا لا يمكن أن يتصوروه -صلى الله عليه وسلم- ذلك الذي يختار يوم العيد والفرحة ليجابه كل النساء ومطلق جنس النساء بالذم والتقريع والحكم المؤبد عليهن بنقصان الأهلية لنقصانهن في العقل والدين. وأضاف: أن ألفاظ الحديث تشهد على أن المقصود إنما كان المديح وأن غلبة العاطفة والرقة على المرأة هو حكمة إلهية بالغة ليكون عطاء المرأة في ميادين العاطفة بلا حدود وبلا حسابات والمراد بنقص الدين في الحديث هو وصف الواقع غير المذموم بل إنه الواقع المحمود والممدوح. فعندما سألت النسوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المقصود من نقصهن في الدين تحدث عن اختصاصهن «برخص» في العبادات تزيد على «الرخص» التي يشاركن فيها الرجال. فالنساء يشاركن الرجال في كل «الرخص» التي رخص فيها الشارع من إفطار الصائم في المرض والسفر وقصر الصلاة وجمعها في السفر وإباحة المحرمات عند الضرورات ويزدن على الرجال في «رخص» خاصة مثل سقوط فرائض الصلاة وصيام رمضان عن الحائض والنفساء وإفطار المرضع عند الحاجة في شهر رمضان. وإذا كان الله سبحانه وتعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تُؤتى عزائمه فإن التزام النساء بهذه «الرخص» الشرعية هو الواجب المطلوب والمحمود، وفيه لهن الأجر والثواب ولا يمكن أن يكون بالأمر المذموم. والعقل في الإسلام هو مناط التكليف والمساواة بين النساء والرجال في التكليف والحساب والجزاء ولو كان لهذه التفسيرات المغلوطة نصيب من الصحة لنقصت تكاليف الإسلام للنساء عن تكاليفه للرجال
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©