الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرازيل··· قصة نجاح اقتصادي

البرازيل··· قصة نجاح اقتصادي
2 أغسطس 2008 23:08
بعد أن ضاقت بها السبل في واحدة من مناطق البرازيل الفقيرة، لجأت ''ماريا بينيديتا سوزا'' (43 عاماً)، وهي أم لثلاثة أطفال بدأت مشوارها المهني عاملة في مصنع لسراويل ''الجينز'' مقابل مرتب لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور، إلى اقتراض مبلغ صغير من المال لشراء آلتي خياطة، وبدأت قبل خمس سنوات مشروعاً صغيراً لصنع الملابس النسائية الداخلية· واليوم، توظف ''سوزا''، 25 شخصاً في مصنع متواضع يتألف من طابقين وينتج 55 ألف قطعة من الملابس الداخلية في الشهر· وقد اشترت ''سوزا'' منزلاً لعائلتها، وهي اليوم في مرحلة التفكير في شراء سيارة ثانية· هذا ومن المرتقب أن تصبح ابنتها، التي تدرس بكلية الصيدلة، أول فرد في العائلة يُكمل تعليمه الجامعي· وتقول ''سوزا'': ''لا يمكنك أن تتصور السعادة التي أشعر بها''، مضيفة: ''لقد جئت من الريف إلى المدينة· كافحتُ وكافحتُ· واليوم أطفالي يدرسون، واحدة في الجامعة، واثنان آخران في المدرسة· إنها هبة من الله''· والحال أن قصة ''سوزا'' الصغيرة جزء من قصة كبيرة· فاليوم تحاول البرازيل، النهوض بالطريقة نفسها تقريباً؛ حيث تبدو هذه الدولة، التي تعد أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية، مستعدة أخيراً، حسب الخبراء الاقتصاديين، لاستغلال كل طاقاتها كلاعب عالمي كبير في وقت تشهد فيه أكبر توسع اقتصادي منذ ثلاثة عقود· ويمكن الشعور بهذا النمو في كل منطقة من مناطق البلاد تقريباً، حيث ظهرت طبقة جديدة من الأغنياء في وقت التحق فيه أشخاص جدد مثل ''سوزا'' بطبقة وسطى آخذة في التوسع· وقد منح هذا النمو البرازيل كذلك ثقة جديدة، حيث زودها مثلاً بقدر أكبر من النفوذ والتأثير كطرف يتفاوض من موقع القوة والنديَّة مع الولايات المتحدة وأوروبا بشأن التجارة العالمية· فبعد سبع سنوات، انهارت تلك المفاوضات أخيراً هذا الأسبوع بسبب مطالبات من الهند والصين والبرازيل بتوفير ضمانات تحمي مزارعيهما، وذلك في مؤشر واضح على القوة المتزايدة لهذه الاقتصادات النامية· وعلى رغم المخاوف التي انتابت المستثمرين بسبب الميول اليسارية للرئيس لويس إيجناسيو لولا دا سيلفا حين انتخب زعيماً للبرازيل في ،2002 إلا أنه أظهر كفاءة وحكمة في ما يتعلق بالإدارة الاقتصادية وتجنب الميول الشعبوية لنظيريه في فنزويلا وبوليفيا· فقد دعم نمو البرازيل من خلال حزمة وصفات ناجحة تقوم على احترام الأسواق المالية والبرامج الاجتماعية الهادفة التي تنتشل ملايين البرازيليين والبرازيليات من براثن الفقر، كما يقول ديفيد فليشر، المحلل السياسي والأستاذ الفخري بجامعة برازيليا· و''سوزا'' ليست سوى واحدة من هؤلاء· وحسب فرانسيسكو فيريرا، الخبير الاقتصادي في البنك الدولي، فإن البرازيل، التي طالما عرفت بالتوزيع غير العادل للثروات فيها، تمكنت من تقليص الهوة بين الأجور بست نقاط مئوية منذ ،2001 وهو معدل أعلى من أي بلد آخر في أميركا الجنوبية خلال هذا العقد· وفي هذا الإطار، يشير مارسيلو كورتيس نيري، مدير مركز السياسات الاجتماعية بمؤسسة جيتوليو فارجاس في ريو دي جانيرو، إلى أنه إذا كانت لـ10% العليا من الرواتب قد ارتفعت بـ7% من 2001 إلى ،2006 فإن الـ10% الدنيا منها ارتفعت بنسبة 58% خلال الفترة نفسها· كما أن البرازيل تتفوق على جيرانها أيضاً من حيث الإنفاق على البرامج الاجتماعية؛ حيث مازال إجمالي الإنفاق العام يعادل أربعة أضعاف ما تنفقه المكسيك كنسبة مئوية من ناتجها الداخلي الخام، كما يقول فيريرا· إلى ذلك، يتوقع المحللون الاقتصاديون أن يتواصل هذا الزخم الاقتصادي في البرازيل· فإذا كانت الولايات المتحدة وأوروبا تكافحان للتعاطي مع الركود الاقتصادي وتداعيات أزمة الرهن العقاري، فإن الاقتصاد البرازيلي لم تظهر عليه عموماً مظاهر الضعف التي عرفتها الاقتصادات النامية الأخرى؛ وذلك لأن البرازيل حرصت على تنويع قاعدتها الصناعية، وتتوفر على إمكانيات كبيرة لتوسيع قطاعها الزراعي، الذي يعيش طفرة حقيقية، عبر استغلال حقول جديدة، وتتوفر أيضاً على كم هائل من الثروات الطبيعية التي لم يتم استغلالها بعد؛ حيث يتوقع الخبراء الاقتصاديون أن تدفع الاكتشافات النفطية الجديدة البرازيل إلى مصاف القوى النفطية العالمية في غضون العقد المقبل· غير أنه إذا كانت صادرات السلع مثل النفط والمنتجات الزراعية هي المحرك الرئيسي للنمو الذي حققته البرازيل مؤخراً، فإنها، تبدو أقل اعتماداً عليها بشكل متزايد، مستفيدة من امتياز سوق داخلي ضخم -185 مليون نسمة- ما فتئ يزداد غنى في ظل نجاحات أشخاص مثل السيدة ''سوزا''· وبالنظر إلى قوة العملة الوطنية والنجاح في السيطرة على التضخم، فإن البرازيليين ينفقون كثيراً على الاستهلاك الذي أضحى محركاً رئيسياً للاقتصاد الذي حقق نسبة نمو تقدر بـ5,4% العام الماضي؛ إذ يقبل البرازيليون على شراء السلع البرازيلية وكم متزايد من المنتجات المستورَدة نتيجة قيام الكثير من المحلات التجارية بتيسير شروط الإقراض للسماح للبرازيليين بشراء الثلاجات والسيارات، بل وحتى القيام بعمليات جراحية تجميلية مقابل أقساط تمتد على مدى سنوات بدلاً من أشهر، وذلك على رغم أن البرازيل معروفة باعتماد بعض من أعلى معدلات الفائدة في العالم· ونتيجة لذلك، عرفت البرازيل في يونيو المنصرم إصدار 100 مليون بطاقة ائتمان، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 17% مقارنة مع العام الماضي· أليكساي باريونويفو - البرازيل ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©