الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قطر.. أين المفر؟

4 يونيو 2017 00:37
إذا كان المسؤولون القطريون يعتقدون أنهم قادرون على حماية مصالحهم بالارتماء في أحضان الملالي، وتوقيع اتفاقيات دفاع مشترك معهم، والتقرب منهم، والتمسح بعتباتهم، فإنهم بلا شك سيكونون قد أضافوا فشلاً آخر على فشلهم السياسي المزمن ومراهناتهم الخاسرة بالتحالف والتآزر مع أعداء الأمة والمنطقة، الذين لا يضمرون لهم، ولا لها، أي ود أو خير. ولو كان هذا هو القرار، وهو الخيار، بالنسبة لهم، فمعناه، بكل بساطة أن القطريين قد اكتفوا بأن يكون دورهم كـ«دمية» تتحرك بالأصابع الإيرانية، على طريقة مسرح العرائس، وستكون رهن إشارتهم، وبالتالي فلن يختلف دورهم، في النهاية، عن دور المليشيات والحركات الإرهابية الأخرى التي تتحرك وتعمل بالريموت كنترول وفقاً لقرارات المرشد الإيراني. فلا فرق، في هذه الحالة، بين حزب اللات الذي يعمل ويدرب ويجند الإرهابيين، ودولة قطر «الشقيقة» التي ارتضت لنفسها هذا الحد من الإخفاق، وذلك الدور المشبوه. ومستقبل قطر في خطر، لا محالة، إذا ما استمر البعض هناك في مراهقتهم السياسية، وتصرفاتهم الغوغائية، وسلوكياتهم العاملة ضد المنطقة وأهلها، ومن الطبيعي أن ينفد الصبر الخليجي والعربي على الممارسات القطرية، وبالتالي فمن الممكن أن تضع نفسها في عزلة عن الأمتين العربية والإسلامية التي ستنعكس ليس فقط في الجانب السياسي، وإنما قد تتعدى ذلك أيضاً إلى الجوانب الاقتصادية، فجميع أنابيب الغاز القطري تمر عبر أراضي دول مجلس التعاون، سواء في ذلك الذي يغذي تركيا أو الأردن، أو حتى الذي يغذي الهند وباكستان. كما أنه إذا ما اتجهت دول مجلس التعاون إلى التصعيد والتصدي أكثر رداً على هذا التحدي، فهي قادرة على إغلاق المجالات الجوية أمام الطيران القطري، مما قد يعرضه لخسائر فادحة، بالإضافة طبعاً إلى احتمال استبعاد القطريين من جامعة الدول العربية باعتبار أنهم يشكلون في مواقفهم خطراً على الأمة العربية، وأيضاً تعليق عضويتهم في مجلس التعاون باعتبارهم يشكلون ضرراً أمنياً على دول وشعوب المجلس بتحالفهم مع أعدائه، وكل ذلك جرى ويجري حتى الآن من دون أن يتم اتخاذ إجراءات وعقوبات لردع النظام القطري عن العبث بأمن المنطقة. وتخيم على النظام القطري منذ عقدين من الزمن عقدة الرغبة في السيطرة على المنطقة وقيادتها، ونظراً لحجم تلك المدينة- الدولة لجأت إلى شريك كبير الحجم في المنطقة لتعويض النقص الذي تعاني منه، فاتجهت إلى إيران لتحقيق حلمها بمجابهة الرياض، وقد سعت طيلة الفترة الماضية لتهميش الدور السعودي والخليجي دينياً وسياسياً مختلقة الأزمات، ومنشئة مؤسسات تعمل على التنافس غير الشريف مع نظيراتها في الدول الخليجية بدلاً من التكامل والتعاون والتعاضد فيما بينها. وإضافة إلى ذلك أوجدت أيضاً حركات التمرد في الخليج بإغرائها بالأموال، ودعمت ذلك إعلامياً عبر منابرها المسمومة كـ«الجزيرة» وغيرها، ولم تدخر جهداً أو مالاً في دعم التطرف بشقيه السني والشيعي، فدعمت التنظيم الإرهابي «الإخواني» في كل مكان، واحتضنت الإرهابيين الفارِّين، ودعمت المتمردين الشيعة في البحرين، وأوهمت بعض متطرفي الشيعة بضرورة الخروج على القانون في السعودية وغيرها من الدول التي يوجدون فيها، وعملت كـ«عين» على دول الخليج مسربة معلومات مهمة لكل من إيران وإسرائيل في الوقت الذي كانت تقابل فيه دول الخليج بوجهها المزيف، وتنعم بمساندتها ووقوفها إلى جانبها في السراء والضراء، كما تقتضي أصول الأخوة الخليجية التي تتمثلها دول المجلس الأخرى، وعملت أيضاً على استمالة «مشايخ الفتنة» وأغرتهم بالمال لتأليب الرأي العالم، والتحريض على الخروج على الحكومات، وأعتقد شخصياً أن البعض في النظام القطري الذين قاموا بكل ذلك، من دعم للعنف ومساندة لكل تمرد وانقلاب وانفلات، واحتضان للإرهاب، لن يكونوا في منأى عما اقترفت أياديهم، فلا بد لمن يتعاملون مع المجرمين أن يكتووا بنارهم، ويتضرروا من شرهم وخطرهم. والراهن أن النظام القطري وضعه صعب جداً، فقد دخل في مأزق سياسي لا يستطيع الخروج منه، والبعض هناك بدؤوا يستشعرون حجم الورطة، وحجم الفضيحة، فهم كمن يسرق من والده لمصلحة الحرامي، فلا والده يغفر له ولا الحرامي يثق فيه ويقربه، والأزمة تزداد إطباقاً عليهم.. بعدما انكشف المخبوء، وظهر المستور، ولم يبقَ إمكان للف والدوران، وهذا هو المأزق الأكبر والأخطر.. فأين المفر.. يا قطر؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©