الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«جوبا» و«الخرطوم»... مؤتمران!

10 أكتوبر 2009 00:47
انتهي مؤتمر جوبا الذي شاركت فيه أحزاب المعارضة وبعض منظمات المجتمع المدني، ودعت له ونظمته «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، الشريك الجنوبي في الحكم. وأصدر المؤتمر قراراته التي جاءت في مجملها دعوة للحوار بين كل أهل السودان، في الشمال والجنوب، كما عالجت أهم القضايا التي تشغل بال السودانيين؛ وهي تحديداً: دارفور، والاعداد والانتخابات العامة، واستفتاء تقرير المصير للجنوبيين، وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وتنفيذ ما اتفق عليه بشأن منطقة أبيي. وبإعلان قرارات مؤتمر جوبا، وكشف ما كان قد طرح واتفق عليه خلال المؤتمر، يتضح أن الحملة العنيفة التي قام بها الحزب الحاكم ضد مؤتمر جوبا لم تكن مبررة، بل كان فيها قدر كبير من التجني عندما اتهم متحدثون باسم الحزب الحاكم قيادة «الحركة الشعبية» بأنها تلقت أموالا من قوى أجنبية لتنظيم ذلك المؤتمر، وهي إشارة واضحة إلى أن العملية كلها، في تقدير حزب «المؤتمر الوطني»، كانت مؤامرة ضده وضد الوطن! وتشاء الأقدار أن يعقد مؤتمر عام للحزب الحاكم في الخرطوم في اليومين التاليين لنهاية مؤتمر جوبا. وهنا لاحظ المراقبون أن لهجة رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الحاكم في مخاطبته لمؤتمر حزبه كانت تصالحية، مما فُسر على أنه نوع تراجع عن الحملة المضادة لمؤتمر جوبا والمشاركين فيه، أو على الأقل محاولة لتخفيف آثار تلك الحملة. وكان تصرفاً مفاجئاً، ويحدث لأول مرة، أن يقوم الرئيس البشير بتقديم محمد إبراهيم نقد، السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني وأحد أقطاب مؤتمر جوبا، كي يخاطب مؤتمر الحزب الحاكم، بعد أن استقبله بصورة فيها كثير من الود والمعانقة بالأحضان. تلك أيضاً كانت حركة لها معنى. ونعود إلى مقررات مؤتمر جوبا، فنجد أن أكثرها إثارة للجدل مع الحزب الحاكم هو الشرط الذي وضعه المشاركون في مؤتمر جوبا بأنهم لن يشاركوا في الانتخابات ما لم يجر تعديل للقوانين المقيدة للحريات العامة وجعلها متناسقة مع الدستور في موعد ينتهي بنهاية شهر نوفمبر القادم، أي بعد أقل من شهرين. وواضح أن اختيار هذا التاريخ تم حتى تكون هناك فرصة كافية بعد إلغاء القوانين الحالية ووضع بديل لها يُمكن أحزاب المعارضة من ممارسة نشاطها بحرية بين ديسمبر من هذا العام وأبريل من العام القادم الموعد المحدد لإجراء الانتخابات. وفي هذا الصدد فإن مؤتمر جوبا يطالب بأن يكون الإعلام المملوك للدولة، قومياً في الفترة السابقة للانتخابات، وأن تُمنح كل القوى السياسية فرصة الدعاية لبرامجها عبر ذلك الإعلام، وأن ينتهي احتكار الحزب الحاكم للأجهزة الإعلامية العامة. وفي موضوع شروط المشاركة في الانتخابات المشار إليه أعلاه، نلاحظ أن هناك تبايناً في ردود أفعال قادة الحزب الحاكم على هذه الشروط؛ من ذلك أن الرئيس البشير ورئيس الحزب الحاكم أعلن في مؤتمر الخرطوم المشار إليه، أنهم سيبذلون كل جهد كي تأتي الانتخابات العامة حرة ونزيهة، وقد قال ذلك دون أن يذكر قرارات مؤتمر جوبا بالتحديد، لكن في ذات اليوم تقريباً صرح الدكتور نافع علي نافع، مساعد رئيس الجمهورية والمسئول عن التنظيم في الحزب الحاكم، بأن الشروط التي أعلنها مؤتمر جوبا بشأن الانتخابات، غير مقبولة، وسخر كثيراً من المؤتمر والمشاركين فيه. وهكذا في المحصلة النهائية، فإن ما حدث في جوبا كان من الناحية الموضوعية خطوة إلى الأمام في معالجة أزمات السودان وتوسيع الحوار حولها. لكن يظل السؤال مطروحاً: هل سيغير حزب «المؤتمر الوطني» من موقفه، ويقبل الانضمام لباقي القوى في سعيها من أجل تمكين السودانيين من حل أزماتهم بأيديهم وعبر وحدتهم؟ ذلك ما ستكشف عنه الأيام المقبلة. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©