الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

منع التعذيب··· والاعتذار!

4 أغسطس 2008 00:49
بعد فضيحة أبوغريب، ونقل الأسرى إلى دول أخرى للتحقيق، وبعد معسكر اعتقال جوانتانامو··· أصبح التعذيب وصمة على جبين أميركا، وهو أمر لم يكن وارداً قبل بضع سنوات· يجب إزالة هذه الوصمة التي أساءت بشكل خاص لعلاقات أميركا مع العالم الإسلامي، وتحميل المسؤولية لجميع الذين شاركوا فيه بسبب أعمالهم· يحتاج الكونجرس الأميركي الى إجراء تحقيق مفصل حول جرائم التعذيب التي وافق عليها ونفذها مسؤولون أميركيون، بينما يتوجب على حكومات العالم أن تعمل معاً لمنع أية إساءات مستقبلية وتشجيع بيئة من الاحترام المتبادل لحقوق الإنسان· سيقشعر بدن الكولونيل ''نيك روي'' الذي اشتهر بكونه أسير الحرب الأميركي الوحيد الذي هرب بعد خمس سنوات في المعتقل عند الشيوعيين الفيتناميين، عند سماعه عن الأحداث الأخيرة· فبعد سنوات من تجربته في فيتنام، أصبح الكولونيل رجلاً له مهمة، فقد قبل طوعاً أن يستدعى للخدمة الفعلية عام 1981 لإنشاء برامج الجيش الأميركي في البقاء والمراوغة والمقاومة والهرب (SERE)· بذل ''روي'' جهده لحماية المحاربين الأميركيين وإعدادهم لوحشية الحروب، لكنه لم يعتقد في يوم من الأيام أن يصبح برنامجه نموذجاً لحملة تعذيب أميركية· قام ''روي'' بتصميم برنامج سز لتمكين الجنود الأميركيين من البقاء، رغم العُزلة والتعذيب لدى دول معادية أو إرهابيين· يقتصر التعذيب ضمن برنامج سز على ''التعذيب الخفيف'' الذي يعني استخدام العري ودرجات الحرارة القصوى وأوضاع الضغط وتوجيه أصوات مرتفعة جداً والحرمان من النوم· هذا الخليط من تقنيات ''التعذيب الخفيف'' مصمم للتسبب بالألم والضياع العقلي والانهيار التام لعزيمة الفرد· تكفي أيام وليال من ''التعذيب الخفيف'' المستمر لتحطيم أي إنسان، وهي تترك آثاراً جسدية ونفسية وعقلية وأحياناً روحية· التعذيب الخفيف مصمم لتحطيم روح الفرد وتمزيقها إرباً وجعله على استعداد للتعاون مع معذبيه· أدخل مواطن ألماني قامت الـ''سي آي إيه'' مؤخراً بإخفائه وأخذه إلى أفغانستان ''للتعذيب الخفيف'' إلى مصحة عقلية· بعد خمسة شهور من ''اختفائه''، وهذا جزء من الحرب على الإرهاب، عاد ليظهر على شارع ريفي مهجور في ألبانيا بعد أن أدرك المسؤولون الأميركيون أنه لم يكن إرهابياً· وهو يعاني الآن من أمراض نفسية ناتجة عن السجن وأساليب التحقيق القاسية· وقد صرح ''ميلت بيردن''، ضابط الـ''سي آي إيه'' الذي أدار عمليات الدعم لمقاتلي المجاهدين الأفغان إبان الاحتلال السوفييتي لوطنهم في ثمانينيات القرن الماضي، بأن سياسية الولايات المتحدة الرسمية أثناء إدارات ثلاثة رؤساء أميركيين، أنه يتوجب على جميع أطراف النزاع الأفغاني أن تعامل السجناء حسب معاهدات جنيف التي يوافق موقعوها على عدم تعذيب أسرى الحرب والمدنيين من الأعداء في النزاعات المسلحة· كما عارض قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام والجنود الحاليون دائماً التعذيب والمعاملة اللاإنسانية للأسرى· لماذا نجد أن الجنود الذين عانوا من ويلات الحرب، يعلمون عن الحاجة لحماية قيم الكرامة والإنسانية والدفاع عنها، أكثر مما يعلم صانعو السياسة ذلك؟ لأنهم يعرفون على الأرجح أنه في اللحظة التي تصبح فيها أشكال الحرب اللاإنسانية مقبولة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، وهي الموقّعة على معاهدات جنيف، فمن الأكثر احتمالاً أن يعاني الجنود الأميركيون أنفسهم من التعذيب والإساءة إذا وقعوا بأيدي الإرهابيين· يتوجّب على الولايات المتحدة أن تتعلم من جنودها· عليها أن تدرك كذلك أن طلب المغفرة وتعويض ضحايا السياسات غير القانونية هو جزء من عملية ضرورية لاستعادة مركزنا كأمة أخلاقية تخضع لحكم القانون· في عام 1999 سافر الرئيس الأميركي كلينتون إلى جواتيمالا للاعتذار عن ثلاثين سنة من دعم واشنطن للدكتاتورية العسكرية السابقة· استخدمت تلك الدكتاتورية مجموعات الاغتيال والتعذيب، لقمع شعبها وإخضاعه· ساعد تصرف كلينتون هذا على إعادة إرساء الثقة لدى الشعب الجواتيمالي بأن أميركا لن تساند مرة أخرى القمع في المنطقة· ومن شأن اعتذار مماثل يقدمه بوش لضحايا ''الحرب على الإرهاب''، أن يدفع الأبرياء باتجاه تفهم السياسات الأميركية غير القانونية واللاأخلاقية التي ينظر إليها على أنها ''معادية للإسلام'' في استطلاعات الرأي العام، من تركيا إلى إندونيسيا· لفتة كهذه من قبل بوش ستعدّ المسرح للتسوية النهائية بين أميركا وشعوب الشرق الأوسط وجنوب آسيا، ستدفع قضية السلام العالمي والعدالة قدماً، وتعزل المتطرفين من كافة الأنواع· وليام باش ضابط أميركي متقاعد، حارب في فيتنام ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©