الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شعرية جبران.. المستمرة

شعرية جبران.. المستمرة
6 ابريل 2011 21:35
صدر مؤخراً، ضمن سلسلة “المعرفة الأدبية” التي تنشرها دار توبقال في المغرب، كتاب “شعرية جبران: المستمر بين الشعري والفني”، لمؤلفه الباحث المغربي سمير السالمي. وهو في الأصل أطروحة تقدم بها الباحث لنيل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها تحت إشراف الشاعر والأكاديمي المغربي محمد بنيس. ويقترح هذا الكتاب القيّم قراءة تتم أول مرة لعلاقة التفاعل بين الشعري والفني لدى جبران، يقول المؤلف إنه يعيد من خلال عمله هذا استكناه كيانه الإبداعي المتعدد، عبر سفر معرفي بين القصيدة الشعرية واللوحة الفنية. ويسلك المؤلف بعمله هذا مسلك المقاربة العلمية الضرورية والمفتقدة، التي تجدد النظرة إلى جبران الشاعر والفنان في الآن نفسه، وتبحث مدى إضاءة ممكنة للفعل المتبادل بين ألوان وخطوط الرسم والصباغة من جهة والشعر والقصيدة من جهة ثانية. وبالتالي، مدى أثر فعل الذات في أنساق الخطاب اللغوي والبصري على السواء، يقول السالمي في تقديمه للكتاب: إنه بعمله هذا إنما يطمح إلى “المساهمة في دراسة العلاقات والتداخلات النوعية بين الشعر والفن، بين القصيدة واللوحة الفنية، وهو يجعل من تجربة جبران نموذجا لهذه العلاقات والتفاعلات، ومثالا لدرس نقدي غيبته أسباب تستعصي على العد والحصر، في مقدمتها الحواجز المفروضة بين “الأنواع” الشعرية والفنية، والقصور التوثيقي الإيقونوغرافي للمكتبة العربية، فضلا عن ضحالة البحوث ذات الطبيعة العلمية التكاملية”. كما يشير إلى أن مؤلفه بوصفه أطروحة أكاديمية، يسعى “إلى الالتزام بالنسق العلمي الشعري والانتماء إلى الزمن المعرفي، وذلك ببلورة تصور عام عن الشعرية كعلم يبحث في خصوصيات الشعر وفي المستمر الشعري، بين حقول أدبية وغير أدبية. كما ينهض من هذه الزاوية بتحيين إجرائي لنظرية الشعر اليوم، ويستعرض أهم تفاعلاتها وتقاطعاتها النظرية، من شعرية الدليل إلى شعرية الدال، من شعرية المنقطع إلى شعرية المستمر”. ويضيف قائلا: “يبدل بحثنا مسار المقاربة المعرفية للعلاقة بين القصيدة واللوحة الفنية، الذي كرسته البنيويات والدلائليات على تعددها. ويختار بالمقابل من ذلك اختبار التجارب الإبداعية من خلال دوالها و”أدواتها”، وعبر خصوصيات أنساقها. ويوحد أو يعدد الذات والدلالية والإيقاع والمتخيل في الخطاب اللغوي أو البصري، آفاق الرؤى الشعرية. لقد اشتغل “هنري ميشونيك في مستوى المباشرة التحليلية للوحة الفنية على أعمال تشكيلية تجريدية معاصرة”. لكن السالمي يقول إن عمله يرتكز “على أعمال تشخيصية أيقونية ذات طبيعة رومانسية ورمزية، وهو ما يعني أن مجهود البحث ضمن هذا الكتاب، يتكفل إجرائياً بملء حيز من الفراغ النظري، من هذا الجانب، في عمل هنري ميشونيك، ويقوم بصياغة خاصة لمباشرة تحليلية تنطلق من التجربة الإبداعية وتصب في مدى انفتاحها”. يستند البحث، ضمن القناعة المعلن عنها سابقا، والانخراط في تكامل الجهد المعرفي داخل وحدة بناء الخطاب الشعري، والاشتغال العلمي، بالتالي، ضد منطق الإقصاء، إلى العمل المرجعي لمحمد بنيس عن الشعر العربي الحديث وبنياته، باعتبار أن هذا العمل هو في الوقت ذاته أساس وخلفية للنظرية. والكتاب/ البحث يتبنى ـ برأي صاحبه ـ “استراتيجية جديدة ومغايرة، قائمة على علاقة الإبداع بالإبداع، ومواجهة النظرية للنظرية، وهو يخطو بالتالي خطوات نوعية أخرى في أفق انفتاح الشعرية والشعرية العربية على مدى فعالية قُوى المستمر بين الخطابين اللغوي والبصري، نحو تحيين النظرية، واختراق مناطق قصية في دراسة وتحليل القصيدة واللوحة الفنية اليوم”. ويبلور بحث السالمي محاوره الإبداعية، ويوسع دوائره العلمية المعرفية، في ضوء إشكاليتين اثنتين متقاطعتين: هما بحسبه إشكالية علاقة الإبداع بالإبداع التي تطرحها علينا “الهوية” المضاعفة لجبران خليل جبران الشاعر والفنان، وإشكالية مجابهة النظرية للنظرية، التي يضعنا البحث في الدلالية والخطاب في صلبها. ينقسم كتاب “شعرية جبران: المستمر بين الشعري والفني”، إلى قسمين، يتكفل القسم الأول منهما بمعالجة القضايا النظرية للبحث في الشعرية اليوم، بينما يباشر القسم الثاني دراسة وتحليل الخطابين الشعري والبصري عند جبران خليل جبران. في القسم الأول الذي يحمل عنوان: “نحو شعرية المستمر”، وهو مقسم على ثلاثة فصول يتناول “الوضعية النظرية للشعرية اليوم، والتأشير على الحدود الإبستمولوجية والمعرفية للشعريات اللسانية، لنظرية الدليل، وللدلائلية فيما يتعلق، خاصة، بدراسة وتحليل القصيدة واللوحة الفنية. وفي الفصل الثاني عمل الباحث على التركيز على الرهانات النظرية المطروحة على اللغة الشعرية وعلى الانتقال النوعي من اللغة إلى الخطاب اللغوي، بينما تولى الفصل الثالث اختبار الأفق النظري للبحث في الإيقاع والدلالية في مستوى كل من الخطاب اللغوي الشعري والخطاب البصري الفني. أما القسم الثاني من الكتاب، الذي جاء تحت عنوان “القصيدة والعمل الفني لدى جبران”، وقد قسمه الباحث إلى ثلاثة فصول توقف الفصل الأول منها عند قضايا اللغة، الشعر، والشاعر، وتصور الممارسة النصية لدى جبران. بينما ينهض الفصل الثاني بمقاربة الخطاب البصري لدى جبران في ضوء العلاقة بين التشكيل والشعر. أما الفصل الثالث فيباشر دراسة وتحليل أفق الخطاب والدلالية في العمل الفني وفي القصيدة الشعرية لدى جبران، ويسعى إلى الكشف عن أبعاد المستمر في الممارسة الإبداعية الجبرانية من خلال الدلالية وبناء الرؤية”. وإضافة إلى الجهد اللامسبوق الذي بذله الباحث الدكتور سمير السالمي في هذا الكتاب، فقد جاء مزينا بلوحات ملونة لأعمال فنية خالدة لجبران، منها صورته الذاتية، التي رسمها جبران لنفسه سنة 1911، ولوحة “الحياة” التي رسمها جبران سنة 1930، وقد أهدتها ماري هاسكل مينيس لمتحف تلفر للفنون سنة 1950، إضافة إلى لوحات كثيرة من إبداع جبران خليل جبران وهي من مقتنيات الهيئة الوطنية، إضافة إلى اللوحات الكثيرة التي زينت الكتاب، نجد دليلاً واصفاً لأعمال جبران الفنية في المتاحف اللبنانية والأميركية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©