السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مراكز تعليم الغوص.. تفعيل لإرث الأجداد واكتشاف حياة جديدة

مراكز تعليم الغوص.. تفعيل لإرث الأجداد واكتشاف حياة جديدة
10 أكتوبر 2009 22:55
أخذت مراكز تعليم الغوص في الانتشار مؤخراً في أبو ظبي، وزاد الإقبال عليها من جميع الفئات والأعمال ومختلف الجنسيات، وفي مقدمتهم أبناء الإمارات، لأنَّ الغوص بالنسبة لهم ليس مجرد هواية أورياضة بدنية، وإنما هو تفعيل لتراث الأجداد الذين أمضوا قروناً عديدة في مهنة الغوص، وكانت المهنة المحور الرئيسي الذي تقوم عليه حياتهم، ومصادر رزقهم سواء لجلب اللؤلؤ الطبيعي، أو على ما يجود به البحر من خيرات الأسماك على اختلاف أنواعها. شغف متزايد التقينا محمد سيف الهنائي، أحد مدربي الغوص الإماراتيين، ليحدثنا عن ذلك الشغف المتزايد في تعلم الغوص، قائلاً: «بدأت مراكز الغوص منذ حوالي 10 سنوات من خلال مركز أقامه شخص بريطاني يدعى جريك في مارينا البطين، وهو كان في الأصل مركزاً للرحلات البحرية والصيد، وعندما حصل صاحبه على الشهادة الدولية لتدريب الغطس بدأ عمل دورات تدريبية في الغطس. وكان يقوم من خلال هذا المركز بتوفير كل معدات الغطس لمن بدأوا في ممارسة هذه الهواية آنذاك، وإلى الآن لا يزال المركز قائماً بعمله ومع انتشار هواية الغوص، تم افتتاح أكثر من مركز للغطس في أبوظبي ووصل عددها إلى خمسة مراكز.وعن دوافع الناس لتعلم الغوص يقول الهنائي، إن من أهم تلك الدوافع هو اكتشاف العالم المائي والبيئة البحرية الثرية بمختلف أنواع الكائنات، خاصة أن ممارسي هذه الهواية يستشعرون التجديد المستمر أثناء ممارستها، لأنَّه مع كل مرة يقوم فيها المرء بالغطس يرى مناظر جديدة وكائنات بحرية مختلفة عما رآها من قبل. مستوى الاحتراف يلفت الهنائي إلى أن دورات الغوص في مجملها تبلغ 20 دورة، وكي يصل المتدرب إلى مستوى الاحتراف، فهو يحتاج إلى 5 دورات أساسية إلى جانب عدد ساعات معينة من الغوص. وأنواع الدورات التي يقوم بتعليمها الهنائي تبلغ 12 دورة ما بين أساسية وتخصصية: الدورات الأساسية: 1- غواص مياه مفتوحة مبتدئ. 2- غواص مياه مفتوحة متقدم. 3- غواص إنقاذ. 4- مرشد غوص. 5- مساعد مدرب. أما الدورات التخصصية فمنها: 1- تصوير تحت الماء. 2- غواص حطام. 3- غواص ليل. 4- غواص هواء مخصب (وهو مخصص لإطالة القدرة على البقاء لفترات أطول تحت الماء دون التعرض لمخاطر النيتروجين). 5- غواص عميق لما فوق الثلاثين متراً. 6- الغوص الانجرافي (القدرة على التعامل مع التيارات البحرية والانجراف معها). 7- غواص الطفوية المثالية (أي القدرة على حفظ التوازن والثبات في الماء بأقل مجهود عقلي ممكن). جزيرة السعديات يؤكد الهنائي أنَّ الإقبال على هذه الهواية زاد بشكل لافت في السنوات الثلاث الأخيرة، خاصة من جانب الشباب المواطنين، وهو ما أفرز في النهاية عدداً كبيراً من الشباب المواطنين الغواصين، حتى بات الحديث ممكناً عن وفرة في مدربي الغوص الإماراتيين قياساً لفترات سابقة. وعن أفضل أماكن الغطس يقول: «بالنسبة لأبوظبي، يعتبر المكان الأفضل هو جزيرة السعديات، أما بالنسبة للإمارات بصفة عامة، فتعد خورفكان بإمارة الفجيرة، مكاناً مميزاً لممارسة الغطس نظراً لطبيعتها البحرية وتنوع الحياة البحرية فيها. وبالنسبة لأسعار دورات تعليم الغطس يوضح محدثنا أنها في المتناول، و تتمحور حول مبلغ الـ1500 درهم، وبالنسبة لعدد الساعات فهو ليس أساسياً في التدريب، لأنه يقوم على متطلبات الأداء بشكل كبير، وذلك من خلال الدراسة النظرية والتطبيق العملي في المسبح والبحر، وعادة ما تستغرق الدورة أسبوعاً واحدا، حسبما يقول الهنائي. وعن الفرق بين الغواص المميز والعادي، يقول، إن الغواص المميز يظهر من خلال تحكمه في طفوه وتوازنه في الماء وليس بعدد الرخص الحاصل عليها. الهروب إلى الأعمق عن بدايته مع الغوص يقول الهنائي: «منذ حوالي 8 سنوات تعاقدت مع مدرب للغوص، وهو حميد الزعابي وكان ذلك في 2001، وبعد ذلك تدرجت في مراحل الغطس وكل مرة كان يزداد تعلقي به، خاصة أن هذه الهواية تساعد في الهروب من عالم الإزعاج والضجيج في الحياة العادية، إلى عالم الصمت تحت الماء. ويضيف: «قبل الوصول إلى مرحلة المدرب ترددت في ذلك، لكنَّ رغبتي في استقطاب عدد كبير من الشباب المواطنين لممارسة هذه الهواية التي ترتبط بشكل مباشر وقوي مع إرث الأجداد، دفعتني للحصول على رخصة المدرب رغم صعوبتها». وفي ذات السياق يقول الهنائي: «طالما نتحدث عن التدريب والغوص، علينا أن نفرق بين مدرب الغوص المعتمد ومركز الغوص المعتمد. فالمدرب لابد له أن يكون حاصلاً على شهادة تدريب مذكور فيها أنه مدرب معتمد للسنة الحالية، ويفضل أن يكون مؤمناً عليه. ويمكن للمدرب منفرداً أن يمنحك رخصة غطاس دون الحاجة للالتحاق بمركز شريطة استيفاء الشروط الضرورية بالنسبة له. كما أنَّه لا يشترط للمدرب الحر أن يكون مرتبطاً بمركز للغطس بأي شكل من الأشكال، طالما توافرت لديه المواد التعليمية والتدريبية، وكذلك الشهادات المعتمدة، فهو قادر على منح المتدرب شهادات بأنَّه قادر على الغوص والعمل كغواص محترف. متعة ونشاط من داخل مركز للغطس في أبو ظبي التقينا أحد المتدربين، وهو أحمد الهاملي، ويعمل موظفاً بإحدى الشركات البحرية، وقد أوضح أنه وجد شغفاً مميزاً بالغطس لدى عدد كبير من زملائه في العمل، وبعضهم حاصل على رخص للغطس، وهو ما دفعه إلى لتعلم تلك الهواية الرائعة بحسب قوله، ليزاولها مع أصدقائه، كما ذكر أنه جاء للتدريب على الغطس برفقة عدد كبير من زملاء العمل بلغ 15 فرداً على مجموعات متتالية، ولفت الهاملي إلى أن عدد المهتمين بالغطس من أصدقائه في ازدياد. نظراً لما يجدونه في هذه الهواية من متعة ونشاط، والاستمتاع بمياه البحر بهدوء بعيداً عن زحام الشواطئ المعتاد. وفي نفس المركز التقينا مدرب الغطس لؤي ظبيان، الذي أشار بدوره إلى أن هذه الرياضة تستهوي جميع الجنسيات، وتناسب جميع الأعمار، فهي لا تشترط أي سن لممارستها، ولذلك تجتذب أعداداً متزايدة من المواطنين والسائحين في أبو ظبي. كما أن الغطس يجعل الفرد مستكشفاً لحياة جديدة وكائنات مدهشة كان يسمع عنها أو يراها من خلال شاشات التلفاز، لاسيما أن مياه أبوظبي تعد ممراً للأسماك المهاجرة وفيها تنوع سمكي وكائنات بحرية عديدة. ولفت لؤي إلى أن الغطس في الإمارات لا يقتصر فقط على الغطس الترفيهي، ولكن يوجد هناك غطس تجاري، و يستخدم في مجالات النفط وكذلك المشاريع السياحية والتنموية المختلفة، ومنها المساهمة في إقامة الجسور والكباري. وفي هذا الإطار يوضح لؤي أن الغطاسين هم نقطة البدء في أي من المشروعات البحرية أو النفطية العملاقة، وكذلك في أي من مخططات التطوير التي تشهدها شواطئ الخليج العربي. عالم جديد أما خلدون عباس، الذي يعمل مشرفاً إدارياً في إحدى الشركات، ويأتي يومياً لممارسة هذه الهواية، فيقول إنَّه بدأ ممارسة الغوص منذ عامين تقريباً، وتعلق بهذه الهواية وصار يمارسها يومياً بعد أن التحق بأحد مراكز تدريب الغطس. ويصف شعوره عند نزوله تحت الماء لأول مرة بأنه أشبه بالصعود إلى القمر أو الذهاب إلى كوكب آخر، نظراً لما رآه تحت الماء من عالم ممتع وغريب. ويوضح خلدون أن الغوص هواية ورياضة في ذات الوقت، فمن الطبيعي أن يكون الغطاس ملماً بالسباحة، وبالتالي فهي تجعل الجسم في حالة نشاط وثبات دائم، ويجدد خلايا الجسم باستمرار نظراً لزيادة نسبة الأكسجين في الدم. ويلفت إلى أن أسعار التدريب أو ممارسة الغوص ليست مرتفعة أو مكلفة، لأن هناك عناصر عديدة في تلك الهواية تتطلب كلفة مثل المدرب، المعدات، مكان الغوص نفسه كي يكون مكاناً ملائماً ومميزاً. أما المتدرب كمال فارع فيقول، إن رياضة الغوص تساعدنا على معرفة عالم جديد تحت سطح الماء، فنحن كالعادة نعرف ما هو موجود فوق سطح الماء، وتتوقع أموراً معينة في أعماق المياه وعندما نهبط ربما تفاجئنا بصورة مغايرة عما هو مرسوم في مخيلتنا، فنجد بالفعل عالماً قائماً بذاته مليئا بالإثارة والدهشة. وهي رياضة من الرياضات الراقية البعيدة كل البعد عن الضغط العصبي، ومفيدة للجسم والعقل نتيجة قدرتها على زيادة التركيز والانتباه. رحلات استكشافية عيسى معايعة صاحب مركز للغوص، يقول: «في البداية كنت أعمل في شركة لأدوات الغطس، ومن بعدها شرعت في تعلم الغطس هنا في الإمارات عام 2001 على يد مدرب الغطس إبراهيم بقلة، وهو يعد مدرب الغطس الأول في الإمارات، وفور تعلمي الغطس صرت ملماً بكل ما يتعلق به من أدوات وقواعد، وكذلك أفضل الأماكن التي يتم الغطس فيها في الإمارات. وكوني أعمل في مجال معدات الغطس وجدت نسبة كبيرة من الأفراد المهتمين بالغطس من الجنسيات الأجنبية والمواطنين، ولم يكن هناك سوى مركز واحد فقط للغطس في أبوظبي، ولم يكن كافياً في مواجهة الازدياد في عدد ممارسي هواية الغطس، حينها فكرت في إقامة مركز للغوص وبالفعل تم لي ما أردت. وعن المعوقات التي واجهته في بداية عمل مركز الغوص، ذكر أن أهمها كان هي تحديد مواقع الغطس الممتازة التي تشجع محبي الغطس على ممارستها، سيما وأن المواقع الخاصة بالغطس ليست كثيرة، وهو ما تطلب استكشاف مواقع جيدة، وتم ذلك من خلال عمل رحلات استكشافية بواسطة المدربين العاملين لديه في المركز. دعم مادي عن أكثر الجنسيات المقبلة على رياضة الغوص، يوضح أنه في البداية كان معظم ممارسي الغوص من أوروبا وأميركا الشمالية الذين وجدوا في مناخ الإمارات، مناخاً مثالياً لممارسة رياضة الغوص على مدار العام. أما بالنسبة للمواطنين فقد حدثت طفرة كبيرة بينهم في عدد راغبي تعلم الغطس من المواطنين، خاصة أن شركات عديدة تساهم في دعم دورات الغوص للمواطنين العاملين بها، من خلال تقديم دعم مادي لمن يرغب في تعلم الغوص. مميزات تعلم الغوص من خلال الالتحاق بأحد مراكز تعليم الغوص يحددها عيسى في ما يلي: 1- عندما يكون هناك مركز غوص متكامل تتوافر كل عناصر العملية التعليمية من فصل دراسي، وحمام سباحة، والقوارب، وكذلك وجود معدات التدريب في نفس المركز بحيث يتم تحميلها مباشرة على الطراد ثم الانتقال إلى رحلة الغوص. 2- لا قدر الله إذا حدث أي مشكلات طارئة لأحد المتدربين، هناك تعاقدات مع كبريات شركات التأمين في العالم التي تتعامل مع مثل هذه المواقف الطارئة. أما عن أهمية الغوص، فيقول عيسى إنَّ هذه الرياضة تؤمن راحة نفسية غير عادية، لنزول الممارس تحت الماء، ومشاهدته مظاهر خلابة، يضج بها عالم غريب ومدهش. كما تمنح إحساساً بالهدوء والصمت ممزوجاً بروعة المنظر، وهو ما يؤدي إلى تجديد النشاط والحيوية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©