الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ملتقى جماعة الفن يحتضن المعاقين والأسوياء جنباً إلى جنب

ملتقى جماعة الفن يحتضن المعاقين والأسوياء جنباً إلى جنب
10 أكتوبر 2009 22:58
نقف على عتبات الشارقة القديمة، لتتجلى أمامنا سلسلة من المباني المعمارية التراثية، المتلاحمة والمتماثلة في طبيعتها وأصالتها. تأخذنا أقدامنا لاختراق الأزقة الضيقة التي احتضنت لهو الأطفال وعبثهم بكل دفء وعطف ، وشهدت أفراحهم وصراخهم التي ارتطمت بجدرانها القصيرة ووقع أقدامهم التي ما زالت ترن في مسامعنا. هذه الصورة ارتسمت في ذهني وأنا أتحسس بعيني تفاصيل هذا الزقاق إلى أن وصلت إلى مدخل البيت الذي حمل على صدره اسم جماعة الفن الخاص ، والتي كسيت جدرانها بمعنى الإرادة والتحدي والأمل لتشع بين جنباتها نور الانتصار، في هذا المكان تجلت حميمية الأسرة الواحدة فغرست في نفوس أعضائه حب التحدي وقهر الواقع المظلم الذي أجبروا مرغمين على السير فيه ، فأصبحت أعمالهم شاهدة على رفضهم لمبدأ الاستسلام ، فالزائر لهذا المكان لن يجد نفسه غريباً عنها فسرعان ما ستتعانق الأرواح وتتآلف القلوب وتهدأ وتستكين، فمن خلال هذا المكان كانت المعجزة حيث نطق الأبكم بأعماله وأبصر الكفيف بفرشاته. ولإلقاء المزيد من الضوء على هذا المشروع الكبير كانت لنا هذه الوقفة مع انسانة كرست وقتها وجهدها في تحسس أوجاع المعاقين، والعمل على تفجير طاقاتهم في التعبير عن مكنونهم من خلال تقديم أعمال فنية رائعة . تقول كوثر صبري المشرفة العام على جماعة الفن الخاص : «هنا يلتقى الأسوياء والمعاقون ، في روح وهدف واحد، يقفون ممسكين بلغة الفن الذي كان وما زال سلاحا للتعبير عن ما يعترى النفوس من أحزان تارة أو أفراح تارة أخرى ، فسرعان ما تكون اللوحة البيضاء والألوان الزاهية هي بمثابة جرعات من العلاج التي يجد المرء فيه طريقة للتخفيف من الآلام وسبيل نحو إثبات الذات ومحاكاة الواقع. تأسيس جماعة الفن الخاص كان الباب الذي احتضن مجموعة من المعاقين بإعاقات مختلفة فلم يوصد الباب عند أي فئة مهما كانت حالتها أو وضعها، وإنما سعينا أن تدمج هذه الفئات مع الأسوياء في هذا الملتقى الفني الذي يهدف إلى إزاحة الضغوطات النفسية التي يعيشها هؤلاء المشاركون من خلال كسر حاجز الخوف الذي يشكل إعاقة في سبيل الانطلاق ومدهم بالثقة والرغبة في العطاء والتميز». وتستطرد كوثر «من جملة الإعاقات التي كان يقول البعض إنه من المستحيل أن تكون ضمن هذه الأسرة حالة الكفيفة ندى عبد العزيز التي أثبتت للآخرين أنها قادرة على تحسس الألوان وخطت بفرشاتها أشكالا وتفاصيل جمالية تذوقتها بذهنها ، فاستطاعت أن تحصد العديد من المراكز والجوائز فلا يوجد للمستحيل مكان في جماعة الفن الخاص ، وحالة أخرى لطفل معاق بمتلازمة داون، احتضنه المركز منذ أن كان طفلا وها هو ذا شاب يتمتع بفن وذوق من خلال المهارة التي أكتسبها وأثرت في شخصيته ليكون أكثر هدوءا واستقرارا وأعماله تتحدث عنه وتقدم للزوار لمحة سريعة عن شخصيته» . وتضيف كوثر أن هناك مجموعة من المشاركين من فئات عمرية مختلفة فللأطفال ورشه تعتمد على الألوان التي يسهل على الطفل التعامل معها ويستمتع في خلط الألوان والتعبير عما يخالجه من أحاسيس في حين نقف نحن كمشرفين ومراقبين وموجهين في تلمس تطوره بأسلوب منهجي صحيح . بعد عدة أشهر يتم عمل معرض للمشاركين للوقوف على المستوى الذي حققوه. وهنا يكمن الدافع الأقوى الذي يجعل الطفل أكثر ثقة بقدرته على تقديم مادة فنية بتفاصيل جمالية. ونحن دائما ما نؤكد على أهمية دور الأهالي بتشجيع أبنائهم ودفعهم لصقل مواهبهم .كما تؤكد كوثر أن هناك إقبالا لافتا من الشباب الذين يرغبون في تعلم فن الرسم، فنحن نأخذ بأيديهم خطوة بخطوة لاكتساب مهارة الرسم بدءا بتعلم فنون توزيع الظل والضوء إلي أن تتضح تقاسيم العمل بتفاصيله الدقيقة وألوانه. وهناك دورات تخصصيه في مجالات الفنون بأنواعه ، حيث يتم استضافة عدد من الفنانين التشكيليين من الوطن العربي الذين لم يبخلوا في تقديم النصح والتوجيه والمشورة للمنتسبين وإكسابهم بعض المهارات المتقدمة . وقد كانت لنا مشاركات خارجية في الولايات المتحدة واستراليا، ونحن الآن بصدد المشاركة في المعرض العالمي الدولي للأطفال المعاقين والذي سيقام في الجمهورية الليبية. وأخيرا ترى كوثر أن جماعة الفن الخاص قبل أن تكون مكانا لتنمية وصقل إبداعات المعاقين والأسوياء فهو مكان يمد المشاركين بالأمن والاستقرار والثقة . وبذلك يتحقق الهدف الذي أوجدت على أساسه جماعة الفن الخاص بتنمية الذوق الفني ونشر الثقافة البصرية بين المعاقين وزيادة وعي المجتمع واهتمامه بالتنشئة الفنية والثقافية ودورهما في تأهيل المعاق وتمكين المعاقين من التعبير عن أنفسهم من خلال الفنون والمشاركة مع الأسوياء لتحقيق تكافؤ الفرص بين المعاقين والآخرين .
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©