الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«ظلال» ابن الهيثم أضاءت فعل القراءة

«ظلال» ابن الهيثم أضاءت فعل القراءة
4 يونيو 2017 06:12
إيمان محمد (أبوظبي) يوصف الكاتب الأرجنتيني ألبرتو ما نغويل بأنه قارئ عظيم، ليس لشغفه بالمكتبات وجمعه الكتب النادرة فقط، بل لأنه قدم سلسلة من الكتب حاول من خلالها أن يحلل فعل القراءة ومتعتها والعوالم السرية والسحرية الغامضة التي تنشأ أثناء فعلها، لاسيما في كتابه «تاريخ القراءة» الذي وضعه العام 1996 ليكون بمثابة بحث شامل وممتع عن القراءة، مستنداً إلى تحليل علمي دقيق للوصول إلى الكيفية التي تتم بها عملية القراءة. ومن المواضيع اللافتة التي يتوصل إليها مانغويل في كتابه هو إسهام ابن الهيثم في تقديم تفسير لهذه العملية المعقدة في وقت مبكر، ففي فصل تحت عنوان «قراءة الظلال»، وبعد أن يعرض المحاولات الأوروبية لفهم ذلك يتساءل «لكن مسألة جوهرية بقيت دون حل: هل نلتقط نحن معشر القراء الأحرف من الصفحات، كما تذهب إليه نظريتا غالن وأقليدس، أم أن الأحرف تتغلغل إلى حواسنا كما كان أبيقورس وأرسطو يدّعيان؟ استطاع ليوناردو ومعاصروه أن يكتشفوا حل هذا اللغز في كتاب مصري يعود إلى القرن الحادي عشر، وصلتهم ترجمته بعد كتابته بمئتي عام، لمؤلف يدعى الحسن ابن الهيثم». ويرى مانغويل أن التمييز الذي قام به ابن الهيثم اشتهر لأنه تعرف للمرة الأولى على أن فعل الإدراك الحسي عبارة عن تدرج لتصرف واعٍ يقوم به البصر من أجل فك الرموز أو «القراءة». وكان ابن الهيثم يعرف تمام المعرفة أن عناصر عمليات الاستدلال والاستنتاج والتذكر والتعرف والعلم والتجارب والفعل ضرورية لفعل القراءة، مما يجعل منها عملية معقدة يتطلب إتمامها بنجاح تنسيق العمل بين مئات من القدرات والمقدرات. وبعد عرض بحوث الأعصاب اللغوية الحديثة التي تتناول العلاقة بين الدماغ واللغة والتي نشأت بعد وفاة ابن الهيثم بـ 850 عاماً، يتوصل مانغويل إلى أن اندريه روش لكور من مشفى كوت- دي- نايغش في مونتريال قد بنى في الثمانينيات نظرية تطور الدماغ، تماشياً مع نظرية ابن الهيثم، إذ إن عملية القراءة تشمل على الأقل مرحلتين: «رؤية» الكلمة، ومن ثم «معالجتها» وفق قواعد تعلمها الإنسان، ويعني بذلك اللغة. ويختم هذا الفصل بقوله: «أما الخوف الذي لا يجرؤ الباحثون، كما يبدو، على التعبير عنه، فهو أن بحوثهم في كيان اللغة ستضع اللغة بحد ذاتها التي يعبرون فيها عن معارفهم، موضع التساؤل: أي أن تصبح اللغة نفسها نوعاً من الترهات الاعتباطية التي ربما لا تعبر إلا عن خليط من التأتآت التي قد لا تعتمد في وجودها كثيراً على الناطقين بها قدر اعتمادها على مفسريها، وكيف أن مهمة القارئ تتمثل، حسب جملة ابن الهيثم المأثورة، في إيضاح«ما قد تفصح عنه الكتابة من تلميحات وظلال».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©