الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«نوبل» أوباما... أسئلة «الاستباق» والاستحقاق!

«نوبل» أوباما... أسئلة «الاستباق» والاستحقاق!
10 أكتوبر 2009 23:08
أثار فوز الرئيس باراك أوباما بجائزة نوبل للسلام بعد مرور تسعة أشهر فقط على توليه الرئاسة موجة من الدهشة والارتياح في العديد من بقاع العالم، ولاسيما بالنسبة لأولئك الذين يرون في هذا التتويج مؤشراً على الأمل والانسجام العالمي، في وقت كانت تسري فيه إشاعات وأقاويل عن حروب ومواجهات تزعج الكثير من المراقبين. ولكن إعلان لجنة جائزة نوبل النرويجية يوم الجمعة الماضي لم يمر دون إثارة قدر من الاستغراب والتشكك لدى مسؤولين اعتادوا على سنوات طويلة من العمل الشاق لإنهاء الصراعات وإحلال السلام. ففي غياب اتفاق سلام حقيقي يضعه في رصيده أعرب البعض عن قلقهم من منح رئيس جديد جائزة نوبل للسلام، محذرين من نتائجها العكسية بخلق توقعات غير معقولة لن يستطيع البيت الأبيض الوفاء بها. وكانت لجنة نوبل قد أكدت أن منح أوباما جائزتها للسلام إنما جاء للجهود التي بذلها «لإرساء أجواء جديدة في السياسة الدولية» وهي أجواء إيجابية أصبح الرئيس الأميركي هو «المتحدث العالمي باسمها». وفي هذه اللحظة يقول دبلوماسيون إن الطريقة التي سيتعامل بها البيت الأبيض مع الجائزة، وما إذا كان سيقبلها بنوع من التواضع، أو بروح انتصارية، هي التي ستحدد ردة فعل السياسيين ووسائل الإعلام حول العالم، وخاصة أن الجائزة ذات طبيعة رمزية أكثر من كونها أي شيء آخر. وفي هذا السياق حرص أوباما على إبداء تواضعه حيث علق على منحه الجائزة قائلا: «إنني أشعر بتواضع عميق»، مضيفاً: «لا أعتقد بأنني أستحق أن أكون ضمن تلك الشخصيات ذات التأثير الكبير، التي تشرفت بالحصول على الجائزة. أولئك الرجال والنساء الذين ألهموا العالم كله من خلال مساعيهم الشجاعة لتحقيق السلام. ولكنني أعرف، على كل حال، أن هذه الجائزة تجسد العالم الذي يرغب هؤلاء الناس ومعهم الأميركيون أن ينعموا بالعيش فيه». وفي سياق ردود الفعل، وعلى امتداد العالم يتفق الناس العاديون على أن الجائزة جاءت لتؤكد الأمل في تحقيق السلام، وهذا ما عبر عنه على سبيل المثال «ديتر بوشي»، وهو صاحب شركة زراعية في ألمانيا أثناء تناوله الغداء مع أصدقائه في برلين بقوله: «إنه أمر جيد أن يفوز أوباما بالجائزة بالنظر إلى الأجواء الجديدة التي أدخلها على السياسة الدولية، وأعتقد أن الولايات المتحدة تحت قيادته تسير في الاتجاه الصحيح». وفي العاصمة المكسيكية كانت ردة فعل السكان مشابهة حتى في ظل وجود منافسين من القارة اللاتينية مثل (المختطفة السابقة) والسياسية الكولومبية الفرنسية «إنجريد بيتانكور»، و«بيداد كوردوبا وغيرهما». وعلى رغم ذلك فقد أثنى حشد من المكسيكيين كانوا يقفون في أحد الشوارع على قرار منح الجائزة لأوباما معتبرين أنه «رجل سلام حقيقي ويستحق الجائزة». غير أن ما يزعج بعض الدبلوماسيين هو مدى قدرة أوباما على الوفاء بالتزامات السلام، وهو ما عبر عنه أحد الدبلوماسيين النرويجيين قائلا: «لم أصدق الخبر عندما سمعته أول مرة، والحقيقة أنني شعرت بالحرج نيابة عن أوباما وعن لجنة جائزة نوبل، لأنه سيكون على أوباما قبول الجائزة وفي نفسه شعور بأن عليه أن يثبت استحقاقه لها»! وهذا الشعور بضرورة استحقاق الجائزة ساد أيضاً في بريطانيا حيث يتمتع الرئيس الأميركي بشعبية كبيرة فقد أكد «دومنيك داير»، المدير التنفيذي للمؤسسة الأميركية- الأوروبية في لندن، أن «الرئيس الأميركي خطيب مفوه والناس يعجبهم ذلك، ولكن توني بلير كان أيضاً خطيباً مفوها والناس ينظرون إلى فترته في الحكم بكثير من الارتياب». أما في باكستان فقد تراوحت ردود الفعل بين الدهشة والتردد في خضم الشكوك التي يبديها البعض إزاء التعاون مع الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، واللغط المثار حول توسيع السفارة الأميركية في إسلام آباد. ففي مقال رأي كتبه «سيريل ألميدا» بصحيفة «الفجر» الناطقة بالإنجليزية قال إن «منح جائزة نوبل للسلام لأوباما سيستقبل بالدهشة وعدم التصديق»! في حين استقبل الناس في الهند الخبر بنوع من الارتياح، وإن كان البعض هناك، يعيب على لجنة الجائزة عدم منحها لقائدهم التاريخي الذي جسد السلام على امتداد حياته «الماهاتما غاندي». وفي بعض المناطق مثل الشرق الأوسط لم يتردد البعض في التعبير عن مخاوفهم من إسناد الجائزة لأوباما، حيث صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قائلا إن الجائزة قد تدفع أوباما للضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات خطيرة، وهو ما أكده أيضاً «بينحاس والتشتاين»، أحد قادة المستوطنين في الضفة الغربية، مشيراً إلى أن أغلب اليهود في إسرائيل يشعرون بأنهم مهددون بسبب سياسيات أوباما. وفي المقابل أدرك شيمون بيريز، الذي نال جائزة نوبل للسلام في عام 1994، حجم التغيير الذي جلبته رئاسة أوباما من خلال رسالة تهنئة بعث بها إليه جاء فيها: «قليلون هم القادة الذين استطاعوا تغيير المزاج العالمي في هذه الفترة القصيرة من الزمن، وتمكنوا من إحداث كل هذا التأثير، لقد فتحت أمام الإنسانية جمعاء طاقة أمل جديدة»، وواصل بيريز قائلا: «لقد أصبح السلام تحت قيادتك أجندة حقيقية، وأقول لك إن أجراس التفهم والانخراط تدق من جديد». أما على الجانب الفلسطيني فيسود انطباع بين الناس بأن لا شيء تغير في حياتهم ولم يحدث ما يدفعهم إلى التفاؤل بمستقبل السلام. وفي هذا الإطار يقول «نشأت أقتاش»، الأستاذ بجامعة بير زيت في رام الله بالضفة الغربية: «لاشك أن الجائزة قيمة بالنسبة لأوباما شخصياً، ولكن بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين ما زلنا ننتظر السلام الذي يبدو اليوم أبعد مقارنة مع أي وقت مضى». روبرت ماركاند - برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©