الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

زهرة المدائن جزء أصيل من فضاء الخطاب الثقافي العربي

زهرة المدائن جزء أصيل من فضاء الخطاب الثقافي العربي
30 ابريل 2018 20:50
أشرف جمعة (أبوظبي) في ختام جلسات مؤتمر «القدس المكان والمكانة» الذي احتضنته أبوظبي، ونظمه الاتحاد العام للكتّاب والأدباء العرب، وانعقدت أمس الأول، في فندق روتانا بارك، حفلت ندوة «تمثلات مدينة القدس في الثقافة العربية المعاصرة» بالإشارات المفتوحة تجسيداً للثقافة العربية في تناولها لقضية القدس، إذ أدلى المتحدثون بشهادات تاريخية تمضي في اعتصار الجرح الفلسطيني بتعدد مستوياته، وبما يعبر عن المتغيرات التي شهدتها الخريطة العربية، كون القدس جزءاً أصيلاً من فضاء الخطاب الثقافي العربي، والمتلقي في هذا المؤتمر لا يملك إزاء وهجها اللامع سوى أن يتشرب الرسائل التي تحملها، ويتتبع المؤشرات التي تحقق استجابة جمالية للوعي السياسي. أدار الندوة الإعلامي محمد الحمادي، رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد»، الذي استهلها بقوله: «القدس قضية إنسانية وحضارية عبر التاريخ، وهي تهم المسلمين والعرب وكل أحرار العالم بحثاً عن حق شعب لا بد له من أن يعود مهما طال الزمن، وأن هذه القضية حاضرة في وجدان دولة الإمارات وفي قلب كل إماراتي، وأنه ليس غريباً أن ينتقل حب القدس من جيل إلى جيل رغم التغيرات التي تطرأ على حاضرها». ورحب الحمادي بالضيوف وأتاح الفرصة لهم لطرح أوراقهم. صور شعرية وأوضحت الدكتورة وفاء الشامسي، أكاديمية بجامعة الإمارات، في ورقتها التي حملت عنوان «الشعر العماني أنموذجاً»، أن القدس كانت ولا تزال محور اهتمام كثير من الشعراء الذين رسموا صوراً لواقع المدينة المقدسة، معتمدين على إبراز معاني القداسة والطهارة، وتبيّن معاني الحزن والألم التي تحياها القدس في ظل الاحتلال، وأنه غلب استحضارها وبيان مكانتها الوجدانية والروحية في الشعر العماني، وأن المتتبع لهذه التجربة سيرى استحضار القدس من خلال الصور الشعرية المفعمة بالحب بهذا المكان المقدس. وقالت إن استحضار القدس ارتبط وجدانياً في الشعر العماني بالتمثيل الديني لها، فهي أولى القبلتين وبها ثالث الحرمين الشريفين، ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، وغيرها من المفردات التي تندرج تحت هذا التمثّل. خطاب الأزمة وأشار الشاعر الفلسطيني المتوكل طه في ورقته التي حملت عنوان «المقاومة في مواجهة خطاب الأزمة»، أن ما يميّز خطاب ينحو إلى التكلف والتعايش مع الهزائم والاحتلالات المختلفة أنه من السعة والمرونة والاحتيال بحيث يستطيع أن يقلب الحقائق ويزوّر الوقائع، ما يدفع إلى القول إن الخطاب المتكيف عادة هو كاذب ومخادع لا يقرأ الواقع من جهة ولا يفسره ولا يحلله من جهة أخرى، لذا فإن الخطاب المتكيف عادة ما يكون توفيقياً بطريقة مثيرة للشفقة أو الضحك أو البكاء أو كل هذه الأمور مجتمعة، موضحاً أن تجاوز خطاب أزمة القدس لا بد له من مثال أو نموذج حي يستطيع ملء الفراغات وتقديم محتوى نظرياً وعملياً للفكرة، وأن كل الأفكار عظيمة دون تطبيق وكل الأفكار قابلة للنقد عند تطبيقها. كبار المسرحيين وتحدث الكاتب العراقي الدكتور عقيل مهدي يوسف في ورقته التي حملت عنوان «رمزية القدس في المسرح» وقال: تتخذ رمزية القدس في المسرح العربي والفلسطيني أبعاداً مختلفة، دينية واجتماعية وسياسية وثقافية وفنية، لافتاً إلى أن القدس باتت بؤرة لاستقطاب الديانات التوحيدية الكبرى، وكذلك مفصل مركّب تقاطعت في ذاكرته أحداث جسام لها مرجعياتها الخاصة الفقهية والدينية، وصراعات اجتماعية تناحرية، وبالأخص سنوات ما بعد النكبة ووعد بلفور، ونكسة حزيران وما ترتّب على ذلك من انزياح الأصول والمتون وطبيعة تشظياتها. وقال: إن ورقته تعنى بالفنون المسرحية المرتبطة عضوياً بالمعالجات الجمالية والفنية والفكرية التي تفكّك خطاب المسرح بين الباث والمتلقي، والبعد السياقي ما بين الفلسطيني العربي والصهيوني الدولي، وأن هذا الموقف المسرحي يعكس الصراعات المتنافرة بين هذه الأطراف، إذ يتّخذ السكان الأصليون من القدس دلالة شاملة ومركّبة يتصدّون من خلالها للدفاع عن كيانهم ووجودهم الوطني، وهذا ما يحيلنا إلى الواقع الذي استبيحت به مدينة القدس، وتوزّعت ما بين الحرب والسلام، بحثاً عن الخلاص الإنساني للفلسطينيين في أرضهم المقدسة. واستعرض مهدي أيضاً صورة القدس في مسارحها والمسرح الفلسطيني وقدسية المدينة، والمسرح العربي، وفلسطين في النقد والتجربة العملية، ورمزية القدس عند الرواد المسرحيين في العراق، وبحث عن تجربته المسرحية الخاصة بالقضية الفلسطينية وآخر عن رمزية القدس في المسرح الصهيوني. مقاومة ونضال وذكر الكاتب الليبي عبدالمنعم يوسف اللموشي في ورقته التي عنون لها بـ«مستقبل القدس في ظل الصراع العربي الصهيوني» مبيناً أن هذه الورقة تنتهي إلى استقراء المآلات التي يمكن أن ينتهي إليها الصراع أو يسفر عنه قياساً على ما خبرته هذه المدينة وعايشته عبر تاريخها الطويل، خصوصاً أن مدينة القدس ليست ككل المدن، فالزمان لم يتركها كي تلتقط أنفاسها، والمكان لم يشفع لها بما احتوته من أماكن مقدسة ومعالم ومواقف وتواريخ تعمدت بالإكبار والإجلال والتعظيم في نفوس كثير من الناس، فظلت هذه المدينة عبر التاريخ مطمعاً ومطمحاً لشعوب والدول، وأن تاريخها يختزل تاريخ العالم من صراعات وحروب وملاحم في المقاومة والنضال. يوسف الحسن: الشيخ زايد منع ابتزازاً صهيونياً في قلب أميركا تحدث الكاتب والمفكر الإماراتي الدكتور يوسف الحسن، خلال مداخلته في الجلسة، عن واقعة تخص فلسطين والقدس، جاء فيها: في اليوم الأول للمؤتمر قال لي صديق من ضيوف المؤتمر: «إن بعض الذين يدعون الثقافة ويبيعون ويشترون في سوق السياسة والقضية الفلسطينية وفي دوائر التشكيك والتشويه والحرب بالوكالة في أيامنا هذه، شككوا في أمر انعقاد المؤتمر في أبوظبي وأبدوا انزعاجهم من رعاية الإمارات واستضافتها لمؤتمر القدس»، قلت لصديقي قصة وأرويها لكم: في صيف 1999 كان «عالم ديزني» يستعد لإقامة معرض ديزني للألفية الثالثة في (أبيكوت سنتر) في فلوريدا بالولايات المتحدة الأميركية، والذي يستمر لأكثر من خمسة عشر شهراً، هذا المعرض يعد مهرجاناً دولياً كبيراً وتسرب خبر مفاده: إن المعرض سيتضمن جناحاً بعنوان «القدس: عاصمة إسرائيل»، وتكلفته ستزيد على عشرة ملايين دولار، وإن إسرائيل تبرعت بمليوني دولار لبناء هذا الجناح، وأنها هي التي ستحدد مضمون ومحتوى هذا الجناح، وبدا للعالم أن شركة «والت ديزني» دخلت في لعبة السياسة وشكل هذا التوجه صدمة مزلزلة في كل أرجاء العالم العربي والإسلامي. وفي تلك المرحلة كانت الإحصائيات تشير إلى أن نحو ربع مليون عربي يزورون سنوياً عالم ديزني، وأن هذه الشركة تجني أرباحاً من أفلامها وألعابها وأنشطتها الأخرى في الوطن العربي بنحو مائة مليون دولار. وتابع الحسن: وصلت هذه المعلومات إلى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فكلف ابنه سمو الشيخ عبدالله وكان وزيراً للإعلام وقتها بقيادة الحملة لإلغاء هذا الجناح، ودعت الإمارات إلى عقد اجتماع لوزراء الإعلام العرب الذين اتخذوا قراراً بمقاطعة عربية شاملة لشركة «والت ديزني» وكل منتجاتها، معتبراً أن مسألة القدس خصها مجلس الأمن وقرارات دولية باعتبارها أرضاً فلسطينية محتلة، واستدعى شارون رئيس شركة «والت ديزني» وطالبه بمقاومة الضغوط العربية، كما اتصل بالرئيس الأميركي بيل كلينتون ودعاه للتدخل، لكن موقف الإمارات ظل صلباً ومصمماً على مقاطعة الشركة، ولقي هذا الموقف دعماً عربياً ودولاً إسلامية كباكستان. وفي سبتمبر 1999 طلبت شركة «والت ديزني» الاجتماع مع ممثلين للإمارات والمغرب والجامعة العربية، وانتهت الاجتماعات بأن قررت الشركة حذف أي إشارة إلى كون القدس عاصمة لإسرائيل. وختم الحسن ورقته بطرح إشكالية التعليم، وتضمين مواد دراسية عن القدس وتساءل هل للقدس مكان ومؤثر في ثقافتنا العربية الأسرية والتربية في مدارسنا وفي فنوننا وغنائنا وفي المحتوي الرقمي وألعاب أطفالنا وبما يعزز الوعي بهذه القضية؟ مجيباً بأنه للأسف لقد اختفت وكادت من عقول التلاميذ ومعارفهم في المدارس والجامعات العربية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©