الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صائمون فوق السحاب

صائمون فوق السحاب
5 يونيو 2017 10:17
هناء الحمادي (أبوظبي) يحلقون في الآفاق بين النجوم والغيوم، وكلما ارتفعوا عن الأرض، ارتفعت أمنياتهم، حطوا رحالهم في مشارق الأرض ومغاربها، طافوا العديد من الوديان والمحيطات، يعملون في مهنة السفر والمغامرة، وعلى الرغم من سحر هذه المهنة وارتفاع شأنها في المجتمع، وعلو قدر أصحابها بين الكثير من التخصصات، إلا إنها تحتاج إلى الصبر والتركيز باعتبارها مهنة محفوفة بالمخاطر، وتحمل الكثير من الركاب فوق السماء. قائد الطيارة «الكابتن» الذي يتواجد بالساعات الطوال في قمرة القيادة، يجد التحليق بالطائرة حالة عشق لا تنتهي في كل الشهور والأيام، يقود الطائرة بصبر وإرادة قوية في كل الأوقات والظروف، نهاراً وليلاً، تارة يقود طائرة إيرباص وتارة طائرة بوينج 777، وبين هذا وذاك يختلف وضع القيادة في الشهر الكريم، حيث نرى الكثير منهم في المسافات القصيرة يصومون الشهر الفضيل ولمدة 30 يوماً رغم صعوبة الأجواء أحياناً عندما يعلو الارتفاع، والبعض الآخر قد تجبره الظروف على أن يكون «مفطراً» بسبب المسافات الطويلة للدول الأوروبية، والتي تتطلب الكثير من التركيز والانتباه والقيادة بحذر نتيجة تحمله مسؤولية أكثر من 500 راكب، وقد يزيد العدد بحسب نوع الطائرة. حبات التمر رغم مشقّة الصيام في شهر رمضان في الأيام العادية والشكوى المعتادة من الإرهاق والتعب والحر، إلا أن الصيام على ارتفاعات شاهقة من الأرض، يتسم بالكثير من التعب والجهد. تقول علياء المهيري من طيران الإمارات، والتي قادت طائرة «إيرباص A380» أكبر طائرة ركاب في العالم «إن قيادة الطائرة تحتاج إلى الكثير من الانتباه والتركيز في قيادتها، فما بالنا عندما يأتي شهر رمضان، فبالتأكيد، إن الأمر يتطلب ضعف الجهد، خاصة أن المعدة تكون خاوية، وفترة صيام تطول لساعات، وقد تصل لمدة 15 ساعة تقريباً، وبين الحر والتعب، يحتاج قائد الطائرة إلى المزيد من الطاقة، لكن بالنسبة لي، فالوضع يختلف قليلاً، ففي بعض الأحيان يكون جدول رحلاتي لمسافات قصيرة من خلال قيادة الطائرة إلى الدول الخليجية أو العربية، لكن إنْ كانت لمسافات طويلة، فالوضع يختلف تماماً، فقد كانت لي تجربة مختلفة في رمضان عندما كنت أواصل دراستي العلمية في لندن، فقد كنت أقود الطائرة لمدة 20 ساعة فوق السماء، والوضع كان مختلفاً نوعاً ما لطبيعة الجو هناك، فالصيام في أجواء باردة يخفف حدة العطش والتعب، مقارنة بالأجواء الحارة». وتضيف «طوال الشهر الفضيل يكون عدد الرحلات ما يقارب 4 طوال الـ «30 يوماً» في رمضان، وأجد أن جدولي مريح نوعاً ما، فإدارة طيران الإمارات تراعي الكثير من قائدي الطائرات في الشهر الفضيل، وعن وجبه الإفطار التي تتناولها على متن قمرة القيادة غالباً ما تجد المهيري شرب الحليب وحبات من التمر هو الأخف بالنسبة لها، فهو يمدها بالطاقة والنشاط، بعكس إنْ تناولت وجبة دسمة، فهذا يؤثر على التركيز أثناء القيادة». تركيز عالٍ يحلق عمار الحمادي بين الغيوم والنجوم، ويجد متعته في قيادة الطائرة، رغم أنها مهنة ممتعة.. فهو يقود طائرة «إيرباص A380» في «طيران الإمارات»، ويوضح أن ظروف الصيام تختلف كثيراً في قمرة الطائرة، خاصة عندما يكون على ارتفاع 6000 - 8000 قدم، حيث يتغير التنفس هناك ويكون الجو جافاً، ما يولد ذلك الشعور بالتعب والإجهاد، بالإضافة إلى ذلك يقل الضغط والأكسجين، وقائد الطائرة هنا يحتاج إلى المزيد من التركيز والانتباه أثناء قيادة الطائرة لمسافة 14 ساعة، وقد تزيد أحياناً. ويضيف «الدقة والانتباه من أهم الأمور التي يجب أن يتصف بها، وهو يقود طائرة بهذا الحجم، فبالإضافة إلى العدد الكبير من الركاب الذين يوجدون على متن الطائرة، لا بد أن تكون لدى كابتن الطائرة درجة التركيز واللياقة البدنية والجسمانية عالية، وذلك لمقاومة تلك الظروف المحيطة به أثناء الطيران للمحافظة على سلامة الركاب والطائرة، كذلك لا بد من عدم السماح بأي خطأ، لأن الأخطاء غير مسموح بها على الطائرة، ولا يكون الصيام مبرراً لأي خطأ ما». وأشار إلى أنه رغم تعرض الطائرة لظروف أحياناً قد تكون سوء الأحوال أو المطبّات الهوائية، على الكابتن أن يكون أكثر انتباه وتركيزاً لمثل هذه المواقف المفاجئة»، وفي رمضان عندما تكون لديَّه رحلات لساعات طويلة جداً، خاصة التحليق للدول الأوروبية، يضطر لأن يكون مفطراً، وذلك ليكون قادراً على العمل بقدرة وكفاءة عالية تضمن سلامة الركاب. ويقول، «أما بالنسبة للرحلات لساعات أقل، فإن الصوم رفيقي، وذلك من باب الأجر والثواب، وتكون وجبة إفطاري لا تتجاوز دقائق قليلة، حيث أتناول وجبة خفيفة جداً مثل شرب اللبن والتمر أو الفواكة أو سندويتش خفيف على المعدة، حيث لا يؤثر على تركيزي في القيادة. رحلات قصيرة شعارها التحدي، أثبتت وجودها في طيران الإمارات، رغم طموحاتها العالية، إلا أنها تمثل بنت الإمارات التي تحلق بأحلامها في أعالي السماء.. هي بخيتة المهيري التي تعمل في طيران الإمارات منذ 4 سنوات على متن طائرة «بوينج» و«إيرباص»، بمسمى ضابط أول طيار، حلقت فوق سماء العديد من الدول، وهي في قمرة القيادة، تقود باحترافية وتميز دون منافس طوال أشهر السنة، لكن القيادة في شهر رمضان بالنسبة لها، تختلف نوعاً ما عن بقية شهور السنة، فرغم صعوبة القيادة، وهي صائمة خاصة بالنسبة للرحلات القصيرة إلا أنها على مدار 3 سنوات، استطاعت أن تقود بكل دقة وجدارة. وتقول: «جدولي الرمضاني في الغالب في الأيام الأولى يكون فيه «رحلات ليلية»، وهذا ما يجعلني أشعر بالراحة والهدوء كثيراً، لكن عندما تكون الرحلات في النهار ولمسافات قصيرة، فإن الصيام لا يشكل أي عبء علي، بل العكس، نستطيع تناول وجبة الإفطار في الطائرة، بينما عندما أقود الطائرة لمسافات طويلة، فإن الوضع يختلف، وغالباً ما تعجبني رحلات الشرق أكثر من الغرب». وتضيف «الأجواء الرمضانية في قمرة الطائرة تشعر الصائم بالراحة والسكينة في الشهر الفضيل»، مبينة أن وجبتها الرمضانية غالباً ما تحتوي على التمر والبروتين وبعض من حبات الموز والتفاح وسلطة خاصة بها مليئة بالفوائد الصحية التي تمد الجسم بالطاقة والحيوية والنشاط، وهذا أفضل جداً لكابتن الطائرة في رمضان، لافتة إلى أن أجمل ما يضاف إلى خبرات كابتن الطائرة، وهو يقود الطائرة التي على متنها ما يقارب 500 راكب، أنه يتعرف إلى عادات وتقاليد وطقوس الكثير من الدول التي يحط رحاله فيها، مثل اليابان والصين، حيث وجد فيها الطقوس الرمضانية المتنوعة للمسلمين. لبن وتمر النجاح حلم وقرار يمتزجان بالإرادة لتظهر عصا سحرية تحول المستحيل إلى حقيقة، وأحياناً يحاول كثيرون تعطيل نجاحك، لكن عبد العزيز النقبي طيار ومدرب طيارين في طيران العربية، بدأ مسيرته في أكاديمية الفجيرة للطيران، وأكمل دراسته في الولايات المتحدة، ثم التحق بدورات مدربي الطيران في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، مما ساهم في تكريمه وضمه إلى قائمة الطيارين المرموقة في الهيئة الفيدرالية للطيران المدني في الولايات المتحدة، ليكون أول إماراتي في هذه القائمة. هذه النجاحات جعلته من الطيارين المتميزين، حيث حلق فوق الكثير من دول الشرق والغرب، وعلى ارتفاعات شاهقة من الأرض، من أجل تحقيق أمنياته التي لا تتوقف، لكن رغم ذلك يبقى أحد شهور السنة مختلفة له عن بقية الشهور الأخرى وهو شهر رمضان الكريم. وعن تجربة القيادة في الشهر الفضيل يقول «القيادة في رمضان قد تختلف قليلاً عن شهور السنة، من حيث التركيز والانتباه أثناء القيادة فوق السماء، لكن بالنسبة للرحلات القصيرة فلا يشكل ذلك بالنسبة لي أي عائق، بل بالعكس أقود الطائرة بسلاسة وأنا صائم، لكن يختلف الوضع أحياناً عندما تتعلق الرحلات لمسافات طويلة للدول الأوروبية نظراً لفارق التوقيت، حيث إن كانت عدد الساعات أكثر مثل 14 ساعة، فإني أضطر للإفطار من باب سلامة الركاب في الطائرة والقيادة بكل حذر مع التركيز والانتباه دائماً. اجتهادات شخصية حمد الحمادي من طيران الإمارات قائد طائرة بوينج 777 وأنواعاً أخرى من الطائرات.. فمنذ 5 سنوات يقود الطائرة، محلقاً بأحلامه في الكثير من دول الشرق والغرب، اكتسب الكثير من الخبرات في كل رحله، لكن تظل أهداف وطموحاته بلا حدود. وكقائد طائرة بوينج يتطلب الأمر منه الكثير من الانتباه أثناء قيادة الطائرة خاصة في رمضان، فبالإضافة إلى مسؤولية القيادة، فإنه كذلك يتطلب منه إبلاغ الركاب بتوقيت الإفطار، للقضاء علي أي لبس أو جدال أثناء الرحلة سواء عند السفر إلى أوروبا أو أفريقيا، حيث يستعين بجداول للحسابات الفلكية بما يتناسب مع كل رحلة، وهناك ملحوظة مهمة يتم مراعاتها، وهي أن موعد الشروق والغروب يختلف حسب الارتفاع، فكلما زاد ارتفاع الطائرة يتأخر غروب الشمس والعكس عند بزوغ الفجر، حيث يستمر ضوء الشمس في السماء فوق السحاب بينما تغرب الشمس على الأرض والنظام الأمثل في هذه الحالات هو الإفطار على توقيت البلد التي سافر منها حتى لو كانت الشمس ساطعة أمامه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©