الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ساحل العاج... بداية انفراج الأزمة

ساحل العاج... بداية انفراج الأزمة
6 ابريل 2011 22:30
ربما تكون ساحل العاج على بعد ساعات من انتهاء صراع لم يكن من المفترض أن ينشأ أبداً، حيث يتفاوض ممثلو الرئيس المنتهية ولايته لوران جباجبو على الاستسلام بحسب المتحدث الرسمي باسمه. وكان أكبر ثلاثة جنرالات يعملون في خدمة جباجبو قد سلموا أنفسهم لقوات الأمم المتحدة بعد أن هاجمت الطائرات المروحية التابعة لتلك القوات مستودعاً للأسلحة وعدداً من المواقع العسكرية التي كانت تحت مسؤولية هؤلاء الجنرالات. وتشير الأنباء إلى أن "جباجبو" نفسه كان يختبئ لحظة كتابة هذا التقرير في قبو يقع أسفل المقر الرئاسي الذي احتلته القوات المناوئة بالفعل. وكان المئات في ساحل العاج قد لقوا مصرعهم الأسبوع الماضي، وذلك عندما شنت قوات الرئيس المنتخب"الحسن واتارا" هجوماً مباغتاً ضد قوات جباجبو بعد مرور 4 شهور كاملة في انتظار حل سياسي للأزمة لم يأت أبداً. ولكن السؤال هنا هو: كيف تطورت الأمور إلى هذا الحد؟ كان من المفترض إخراج جباجبو منذ وقت طويل، وذلك بعد القيام بجهد منسق من أجل الحيلولة بينه، وبين تلقي الأموال التي يحتاجها لتمويل القوات العسكرية المساندة له. وعندما رفض جباجبو الاعتراف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية في 28 نوفمبر من العام الماضي، مفضلاً بدلًا من ذلك اللجوء إلى حشد جنوده ومليشياته في شوارع مدينته الرئيسية أبيدجان، كان بإمكان الرئيس المنتخب واتارا أن يقوم، رداً على ذلك، بطلب المساعدة من الجماعات المسلحة المتمردة على حكم جباجبو والمتركزة في شمال البلاد، ولكنه لم يفعل ولجأ بدلاً من ذلك وهو الخبير الاقتصادي السابق في صندوق النقد الدولي، إلى طلب المساعدة من البنك المركزي في بلاده. كانت خطة واتارا تعتمد على حشد المجتمع الدولي، لقطع التمويل عن ساحل العاج، كي لا يجد جباجبو الأموال الكافية للإنفاق على القوات والمليشيات التابعة، فيضطر إلى الاستسلام. وكان من المقرر أن يقوم البنك المركزي الإيفواري، بموجب هذه الترتيبات التي كان يسعى إليها "واتارا"، بالحيلولة بين "جباجبو" وبين اقتراض الأموال، أو تمويل حكومته، وهو ما كان سيجبره على الاعتماد فقط على تحصيل ضرائب الكاكاو، وعلى الإتاوات التي يقوم جنوده بالحصول عليها عنوة من الناس. وكان من المفترض وفقاً لتلك الترتيبات، أن تقوم سفن دولية بالمرور من أمام موانئ ساحل العاج، التي تعتبر أكبر دولة مصدرة للكاكاو في العالم دون أن ترسو فيها كما كانت العادة، ثم تتجه بعد ذلك إلى موانئ غانا المجاورة لشراء الكاكاو من هناك، وهو ما كان سيدعو "جباجبو"، كما كان مفترضاً، للتخلي عن نظام لم يعد يستفيد من التجارة. وكان من المفترض أيضاً اتخاذ إجراءات لدعم هذه الخطوة ومن بينها الإيعاز إلى كبار مصانع الشيكولاته الأوروبية بالالتزام بعدم إدخال أي مكونات مستوردة من ساحل العاج في منتجاتهم. كان من المفترض أن تحول هذه الإجراءات بين ساحل العاج وبين الانزلاق إلى نموذج الحرب الأهلية الطاحنة التي دارت في هذا البلد عامي 2002 ـ 2003 ، وتحافظ في الآن ذاته على السلطة الأخلاقية لواتارا، إلا أن ذلك لم يحدث وهو ما يرجع إلى الخلل الذي شاب تنفيذ تلك الخطة. فالبنك المركزي تأخر شهرين، ثم قام في النهاية بفصل محافظه، الذي كان صديقاً حميماً لجباجبو لفترة طويلة قبل أن يختلف معه، وخلال تلك الفترة كان جباجبو قادراً على سحب الأموال يومياً من البنك. ولم يقتصر الأمر على هذا وإنما حدثت عقبة أخرى في موضوع منع تصدير الكاكاو، وذلك عندما تقاعس اتحاد"كوابيسكو" وهو أكبر اتحاد لمصنعي الكاكاو في أوروبا، عن تنفيذ قرار الحظر، وكان من الواضح أنه يهتم بمصالح المساهمين فيه، أكثر من اهتمامه بالعنف الممول من أموال تصدير الكاكاو، وهو عنف كان الاتحاد يرى أنه سيقع في جميع الأحوال. وبعد ذلك جاء دور روسيا، الدولة التي كانت تنظر إليها الكثير من الدول الأفريقية باعتبارها العملاق الحامي إبان الحرب الباردة. فهذه الدولة هي من كبار المشترين للغاز والنفط الإيفواري الذي يدر على جباجبو عوائد تفوق تلك التي كان يحصل عليها من الكاكاو. وعندما ذهب جيران ساحل العاج إلى مجلس الأمن الدولي للحصول على إذن للتدخل الدولي للإطاحة بجباجبو فإن روسيا عارضت ذلك. وقبل ذلك، منعت روسيا إعلان بيان، يعترف بواتارا رئيساً شرعياً لساحل العاج. وظلت حتى هذا الأسبوع تدين أي مجهود عسكري لإطاحة جباجبو. على الرغم من ذلك الخلل والعيوب، فإن العقوبات نجحت في النهاية في خنق حكومة جباجبو ودفعت جنوده لاقتحام البنوك، وسوق أبيدجان للأوراق المالية لتحصيل رواتبهم. وفي شهر فبراير الماضي بدأ المحيطون بجباجبو يكشفون معلومات عن حدوث حالات هروب جماعي في جيشه. وعندما بدأت القوات الموالية لواتارا في الزحف جنوباً في هجومها النهائي الأسبوع الماضي على أبيدجان، لم يكن هناك من يتصدى لها سوى بعض المرتزقة، وبعض الجنود الموالين له، والذين ظلوا متشبثين بمواقعهم. "لقد قام جباجبو بتجنيد المرتزقة للقتال بجانبه"، كان هذا ما قاله "سيدو واتارا" المتحدث الرسمي باسم المتمردين (ليست له علاقة بالحسن واتارا) لمندوب وكالة الاسوشيتد برس. وقال الرجل أيضاً:"لقد قام بتجنيد المليشيات بعد أن قال لقادة الجيش إنه لم يعد لديه ثقة فيهم ... ولقد تمكنا من تحويل ذلك لصالحنا حيث كنا نقول للجنود في كل مدينة ندخل إليها أنتم إخوة لنا، ونريد منكم أن تتعاملوا معنا على هذا الأساس". من سوء حظ المئات من المدنيين الإيفواريين الذين قتلوا في الأيام الأخيرة، أن الجهود التي بذلت من أجل شل نظام جباجبو قد احتاجت في النهاية إلى عمل عسكري لإجباره على الاستسلام. درو هينشاو داكار - السنغال ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©