الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سؤال من هارفارد: كيف نهزم القاعدة؟

سؤال من هارفارد: كيف نهزم القاعدة؟
4 أغسطس 2008 23:26
لقد كان آخر نشاط إلزامي لطلاب كلية جون كنيدي لشؤون الحكم بجامعة هارفارد، في الفترة الدراسية الأخيرة، حضور محاضرة عن تنظيم ''القاعدة''، قدمها'' بيتر برجن''، الصحفي البريطاني الذي أجرى أول حوار صحفي مباشر مع زعيم التنظيم أسامة بن لادن· وكان الطلاب العالميون الذين توافدوا إلى قاعة المحاضرة تلك، يمثلون شتى قطاعات الطلاب الأميركيين والأوروبيين والشرق أوسطيين، إلى جانب عدد من العاملين في الجيش الأميركي وأجهزة المخابرات، الذين يقضون عطلات مؤقتة حالياً· وقد منحني حضور تلك المحاضرة انطباعاً جيداً عن عقول نخبة الشباب، قادة الجيل المقبل في مكافحة الإرهاب الدولي· فكيف نظر هؤلاء إلى الحرب الطويلة المعلنة على الإرهاب؟ وهل هم على الاستعداد الذي يتطلبه الفوز بالحرب؟ والحقيقة أن الفترة الدراسية الأخيرة هذه، تعد خير مثال على مدى نضج رؤية النخبة الأميركية الشابة للحرب· والأسئلة المثارة أعلاه، هي من نوعية الأسئلة التي أثارها المحاضر ''بيتر برجن''، وهو يقطع قاعة المحاضرة جيئة وذهاباً، ويطلب من الحاضرين إبداء آرائهم وتوصياتهم بشأن الكيفية التي يمكن بها هزيمة تنظيم ''القاعدة''· والذي كشفت عنه المحاضرة، هو الانتقال الذي تم فيها، من الاعتقاد السائد الذي أعقب حالة الذعر التي أصيب بها الأميركيون جراء هجمات 11 سبتمبر، من شاكلة ''إنهم يكرهوننا بسبب حرياتنا''، إلى نظرة جديدة إلى تنظيم ''القاعدة''، باعتباره مؤسسة متصدعة من الداخل، وأنه أصبح ممكناً إلحاق الهزيمة به، عن طريق التلاعب بالخلافات الداخلية التي دبت فيه· وعليه فقد سادت في المناقشات، قضايا إصلاح الأجهزة الاستخباراتية وإعادة هيكلة المؤسسات البيروقراطية· فهناك من دعا إلى تجاوز النقص الحالي في عدد المحللين الاستخباراتيين، وقدم مقترحات عملية لكيفية هذا التجاوز، بينما هناك من رأى ضرورة النظر إلى الأميركيين المهاجرين العرب، باعتبارهم مصدر قوة وليس عبئاً على المجتمع الأميركي، وهي الصورة التي يكرسها عنهم ''برنامج براءة الذمة الأمنية'' في الوقت الحالي· ومن بين المقترحات المقدمة في هذا الشأن، ما اقترحه طالب لبناني مهاجر، بنشر الأجهزة الاستخباراتية شبكة من المخبرين المهاجرين الذين وفدوا إلى الولايات المتحدة الأميركية، واستفادوا من خيراتها، ما يلزمهم برد شيء من جميلها عليهم· ومن بين المشاركين دبلوماسي يرتدي ''تي-شيرت'' مختوماً بشعار الصداقة الأميركية-الكويتية، اقترح إعادة تعيين الجنود الذين تجاوزت مدة عملهم في ''البنتاجون'' 20 عاماً فما فوق، في وكالة ''سي آي· إيه'' ووزارة الخارجية بهدف ضخ خبرات جديدة فيها· إلى ذلك اشتط أحد الطلاب الأميركيين بتقديمه اقتراحاً يدعو الولايات المتحدة إلى مواجهة تنظيم ''القاعدة'' بسلاح ''التجاهل'' وحده، وذلك بمنع المسؤولين والناطقين الرسميين، من الإشارة إلى التنظيم باسمه· وكان من رأيه أن من شأن حرمان التنظيم من الانتشار الإعلامي، أن يدفع قادته إلى الموت بين جدران العزلة والصمت· لكن وما أن سأل المحاضر الطالب عما إذا كان ينبغي لإدارة بوش منع ناطقيها ومسؤوليها عن الإشارة إلى اسم التنظيم، حتى تأتأ الطالب وتردد في إجابته، ما أغرق صالة القاعة في موجة من الضحك عليه· والحق أنه ليس في وسع مثل هذه الحلول الشكلية، أن تجعل سياسات واشنطن مستساغة لدى شعوب الشرق الأوسط، ولا أن تسهم في تحسين صورة أميركا في المنطقة· وفي ''قناة الحرة'' العربية التي تمولها وزارة الخارجية الأميركية مثال عملي على هذا· بيد أن هذا النوع من التفكير يجد له رواجاً واسعاً حتى في أوساط كبار قادة إدارة بوش· وعلى سبيل المثال، فقد ورد في حديث لوزير الدفاع الحالي ''روبرت جيتس'' في شهر نوفمبر المنصرم، عبّر فيه عن شعوره بالحرج من تفوق تنظيم ''القاعدة'' على الولايات المتحدة الأميركية، من ناحية قدرته على البث والتواصل عبر شبكة الإنترنت· غير أن الحقيقة التي غيّبها ''جيتس'' عن الشعب الأميركي، هي أن الرسالة المعادية للغرب ولأميركا التي يبثها تنظيم ''القاعدة'' عبر الشبكة، هي التي تجد لها صدى أكبر في نفوس شعوب المنطقة الشرق أوسطية والعالم الإسلامي، بسبب ما ترى فيه تدخلاً من جانب الغرب وأميركا في شؤون بلدانها· وما يزيد من وقع هذا الصدى، التغطية التلفزيونيــة الإخبارية اليومية لمشاهــد الاحتلال الأميركي لكل من العراق وأفغانستان، مصحوبة بالدعم الذي تقدمه واشنطن للأنظمة البغيضة في بلدانهم، في مقابل محاربة الحركات السياسية ذات الشعبية الواسعة، مثل ''حماس'' و''حزب الله''، في حال انتخابها إلى مواقع الحكم والقيادة ديمقراطياً· غير أن طالباً أوروبياً واحداً في تلك القاعة، انفرد برأي مغاير لم يجد استجابة من الحاضرين، سوى صمت مطبق على كل ما قال؛ ذلك أنه رأى أن في إحداث واشنطن تغييراً جذرياً، على حد وصفه، لسياساتهــا المتبعــة حالياً إزاء الشرق الأوسط، ما يعينهـــا على إحراز نصر حاسم في حربها على الإرهاب· وضمن التغيير المطلوب، أن تكف واشنطن عن صمتها وتفاديها لتوجيه أي انتقادات لسياسات إسرائيل وممارساتها بحق جيرانها العرب والفلسطينيين· فذلــك هو السبيــل الذي مــن شأنــه أن يغير صورة أميركا في عيون العرب والمسلمين، ويحفزهم على النظــر إليها باعتبارهـا وسيطاً نزيهاً في عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين· ولكي تكون هناك نخبة أميركية شابة، قادرة على مواصلة الحرب المعلنة على الإرهاب، فلابد من التخلص قبل كل شيء من الصلف القائل إن أميركا تقف في جانب الحق المطلق، ضد باطل الإرهابيين الإسلاميين المطلق··· بمعنى أن تعيد أميركا النظر إلى ذاتها وسياساتهـــا بعين النقـــد، لا الإطراء والرضا· لاسون أثانسياديس اصل على زمالة نيمان بجامعة هارفارد وصحفي متخصص في شؤون الشرق الأوسط ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©