الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أنت حر ومراقَب!

أنت حر ومراقَب!
4 أغسطس 2008 23:50
لا يختلف اثنان على أهمية الشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت)، بوصفها أداة للبحث، باتت معتمدة في مجال البحث العلمي والدراسات، والمخاطبات والمعاملات الرسمية، إضافة إلى كونها أسرع أداة للتواصل غير المكلف اخترعتها البشرية حتى هذه اللحظة، كما وفرت فرصة أمام المبدعين والكتاب لنشر أعمالهم وإيصالها للقراء بطريقة أسرع مما تفعله الصحيفة أو المجلة الورقية، ودون رقيب أو حسيب، حتى بات لدينا منشورات ومطبوعات إلكترونية مسجلة في أقسام الملكية الفكرية· وفي الوقت ذاته، لا يختلف اثنان على حقيقة أن هذه الشبكة وفرت الغطاء لكثير ممن يودون توصيل أفكار معينة والحفاظ على سرية أسمائهم ومواقعهم، كما أتاحت الفرصة لكثيرين من ذوي النفوس المريضة لاستغلالها بأساليب مسيئة، متخفين خلف أسماء مستعارة، لنشر معلومات مشوهة، وصور مركبة، تكون نتيجتها خلق مشاكل تستعصي على الحل· إن عالم الإنترنت هو عالم افتراضي في كثير من جوانبه، خاصة في المجالات التي تتيح ممارسة (حرية شخصية)، ورغم افتراضيته، إلا أنه يعكس حقيقة دامغة، تتعلق بالشعب العربي من أقصاه إلى أقصاه وذلك من خلال الأمور التالية: أولا: يعكس تعطش الإنسان العربي لممارسة مبدأ حرية التعبير السياسي والثقافي والفكري والاجتماعي، وممارستها بوسائل مضمونة تجنبه المحاسبة والمساءلة والاعتقال والملاحقة من قبل أي طرف من الأطراف· ثانيا: يعكس عالم الإنترنت ضيق الإنسان العربي من الرقابة الرسمية أحادية النظرة، والتي لا تزال تحاكم الأفكار وفق معايير أكل عليها الدهر وشرب، ولا تراعي الثورة المعلوماتية والانفتاح العالمي وثورة الاتصالات والتواصل· ثالثا: يعكس ميلاً كبيراً نحو الزعامة ( وهذا لا يتناقض ظاهرياً مع الأمر الأول)، ويتجسد في عشرات الآلاف من المواقع والمجموعات الإلكترونية والمجموعات البريدية، التي تدعو الآخرين للانضمام إليها، ولكن تحت سيطرتها وقيادتها، ويمكن أن نستثني فئة من المبدعين والفنانين الذين يعجزون عن فتح دار نشر أو صحيفة أو مرسم للتعريف بأعمالهم ونشرها على نطاق واسع· رابعا: يجسد رغبة كبيرة في التواصل، وهذا لا يتنافى مع كل ما سبق· خامسا: يظهر وجود فئة تؤكد أن بعض بني البشر يغلب عليهم النزوع نحو إيقاع الأذى بالآخرين، ومراقبتهم والتجسس على خصوصياتهم· وأخيرا، ساهمت الإنترنت في تعزيز بعض الأوهام بشأن النتاج الإبداعي والفني للشباب، وغياب غالبية النقاد والمثقفين عن هذا العالم، فتح الطريق لمجاملات تدمر أكثر مما تبني· بقيت حقيقة غير مدهشة، وهي أن هذا العالم الافتراضي، الذي يتيح كل هذه الحرية، مراقب بإحكام، وإن ادعت بعض المواقع أنها غير مسؤولة عن المادة المنشورة ولا تتحمل تبعاتها· وتجاهل هذه الحقيقة لا يلغيها أبداً· akhattib@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©