الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإعلام.. بين هذا وذاك!

الإعلام.. بين هذا وذاك!
19 يوليو 2016 23:10
ليس صحيحاً في المطلق أن الإعلام الورقي في طريقه إلى الزوال، على الرغم من المساحات الواسعة، حتى يتربع عليها إعلام التواصل الاجتماعي، بل الصحيح أن الإعلاميين المبدعين في معظمهم إلى زوال وأن القارئ النهم في طريقه إلى مجال آخر من مجالات الرصد والاطلاع. وليس صحيحاً أيضاً أن الحرية الإعلامية المطلقة حاجة أساسية في مجتمع تأخذه الحرية إلى حيث لا يجب أن يكون، أو إلى حيث لا يستطيع أن يوفق بين المسموح والمحظور أو في أفضل الأحوال إلى حيث تتحول الحرية سلاحاً تدميرياً يضرب الوطن في الداخل أكثر مما يتلقاه من الخارج. الحرية في المجتمعات الخارجة من الظلمة تقتل أهلها، تماماً كالثورة التي لا تجد من يقودها فتأكل أولادها، والحرية في المجتمعات الغارقة في التناقضات والتباينات تحرق أعرافها ودساتيرها ومحرماتها، تماماً كالشرارات الزاحفة التي لا تجد من يخمدها حين تدنو الحرائق من البشر والحجر معاً. والحرية الإعلامية التي تجيز كل شيء خارج الضوابط الأخلاقية وخارج الوعي الإنساني الشامل والإدراك الوطني المسؤول ليست إلا محرقة لا توفر شيئاً، فتحوّل الأطفال إلى قنابل موقوتة، والشباب إلى بنادق برسم الإيجار، والحكماء إلى جمع من العجزة لا حول لهم ولا قوة.. والدولة إلى حارس لا أنياب له ولا مخالب، والتقاليد إلى صدى زمن بائد لا أساس له ولا جذور. والتعتيم المطلق ليس أفضل حالاً في زمنٍ تحوّل العالم إلى قرية صغيرة لا حدود لها ولا تأشيرات، والرأي العام الذي كان قبل عهد الإنترنت يقرأ ما يُكتب له ويسمع ما يُتلى عليه ويرى ما يُبان له، بات في مكان آخر تتوافر فيه كل الأخبار وكل الأسرار وكل الخيارات، وبات المتلقي والمرسل في آن معاً، وبات التعتيم الذي تتبعه بعض الأنظمة العربية سلاحاً بائداً يزيد الظلامة ولا يلغي الظلمة. وفي الاختصار، لابد من قليلٍ من كل شيء في مجتمع لابد أن يتغير في عالم يتغير كل يوم، ولابد من تعاون بين القلم والسلطة بحيث لا يكون الأول خنجراً وتكون الثانية سجناً أو منفى أو قبراً.. ولابد من استنهاض للإعلام الورقي بحيث يتحول إلى منبر للحقيقة التي تتوخى تنوير الناس لا تحريضهم، وتعمل لتصويب المهارات العوجاء، إذا وُجدت لا لجر المجتمعات إلى ضلالٍ يشوّه الأديان أو إلى جنون يدمر ما كان ويمنع ما يمكن أن يكون. وأخيراً، إن الإعلام الذي يتولى «السلطة الرابعة» يمكن أن يكون في ظل إعلاميين احترافيين وسلطة انفتاحية استيعابية وقارئ واعٍ يقرأ بعقله لا بعواطفه، سلطةً أولى لا تنبت فيها الفتنة ولا تُدفن فيها الحقيقة. مريم العبد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©