نجاح أربع عمليات لزرع الكلى في مدينة الشيخ خليفة الطبية

معاناة عبد الرحمن الخطيب بعد إصابته بالفشل الكلوي انتهت من دون اضطراره الى السفر خارج البلاد، بل عبر برنامج استحدث في مدينة الشيخ خليفة الطبية لزرع الأعضاء داخل المستشفى، ليكون بذلك المريض الثالث الذي خضع لعملية زراعة كلية في المستشفى منذ 3 أشهر عاد بعدها ليمارس حياته بشكل طبيعي· مدينة الشيخ خليفة الطبية التي بدأت تديرها مؤخراً ''كليفلاند كلينيك''، باشرت بتطوير برنامج شامل ومتعدد لزراعة الأعضاء· وجاء هذا التطور تنفيذاً لاستراتيجية هيئة الصحة - أبوظبي وتحت إشراف شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة)· رواد الخطيب نجل عبدالرحمن البكر وواهب والده إحدى كليتيه يرفض أن يعتبر نفسه قدم تضحية أو عملا يشكر عليه ''فهذا أقل من واجب يقدم للأب والأم فهما يستحقان أكثر بكثير، وأنا فخور بما قمت به''، حيث إن والده كان يرفض بشكل قاطع أن يأخذ كلية فلذة كبده بقوله ''لأنني كنت أخاف عليه فهو شاب، لكن الطبيب أقنعني بأن ولدي لن يصيبه مكروه''· الخطيب الذي أجرى عملية زرع الكلية في 20 مايو الفائت، تبعه مريض آخر أجريت له عملية في مدينة الشيخ خليفة الطبية، وجميع العمليات الأربع ''تكللت بالنجاح''، إلا أن المريض في الحالة الثانية توفي نتيجة مرض نادر جداً يدعى ''جي في اتش دي'' أصيب به بعد شهرين الى جانب أربع حالات شبيهة في العالم· الخطيب الذي يعمل محاسباً وهو رب عائلة تتكون من تسعة أبناء، كان يعلم بحالة المريض الثاني لكنه أصر على إجراء العملية لأنه يؤمن بالله، وهو اليوم أي بعد ثلاثة أشهر عاد ليمارس حياته بشكل طبيعي· ويقول الخطيب إنه علم بإصابته بفشل كلوي في شهر يناير الفائت، بعد أن ذهب الى مستشفى دار الشفاء ليعرف سبب الخمول والتعب الذي يعاني منه· وبعد إجراء الفحوصات اللازمة تم اكتشاف أن حالته حرجة، ونقل الى مدينة الشيخ خليفة الطبية التي مكث فيها من 5 فبراير الى 25 من ذات الشهر، وخرج على أن يعود ثلاث مرات كل أسبوع ليغسل الكلى كون وظيفتها كانت منتهية· ويقول ابنه رواد الذي يعمل مهندس كمبيوتر في إحدى الشركات بدبي، ''كان الإقتراح بداية أن نجلب له كلية من إحدى الدول، لكن الأطباء اقترحوا علينا أن يتبرع بها أحد الأقرباء من الدرجة الأولى، فوقع الاختيار علي وعلى أخي الأصغر، لكنني رفضت أن يقوم أخي بالتبرع خوفاً عليه، على الرغم من أن الأطباء أكدوا لنا عدم وجود عوارض جانبية أو أي آثار سلبية على المتبرع''· ويضيف ''بعد أن أجرينا الفحوص اللازمة، وتقرر موعد العملية في 20 مايو الفائت، دخلت الى غرفة العمليات ومكثت فيها من الساعة الثامنة صباحاً حتى الرابعة بعد الظهر· خرجت من غرفة العمليات ومكثت في المستشفى أربعة أيام· لم أشعر إلا بأوجاع طبيعية في ظهري بسبب مكوثي في السرير لعدة أيام، وطبعاً ببعض الألم في الجرح''· يؤكد رواد أنه عاد الى حياته الطبيعية بعد عشرة أيام ''أصبحت أمشي لكن ببطء و(اشيش) وأخرج من المنزل· وبتاريخ 7 تموز عدت الى عملي''· وأضاف ''لم أشعر بأي فرق بعد استئصال كليتي، لكن الأطباء حذروني من حمل أوزان ثقيلة وأن اتلقى أي ضربة على معدتي والاستلقاء على جانبي والتوتر لفترة ثلاثة أشهر· كما منعوني من ممارسة الرياضة لمدة ستة أشهر ما عدا السباحة التي سمحوا لي بها من الشهر الثاني''· ويقول الوالد عبد الرحمن، ''لم أشعر بأي ألم بعد العملية، بل شعرت براحة كبيرة بسبب العناية المميزة والمتابعة على مدار الساعة التي تلقيتها في المستشفى وبعد خروجي''· ويضيف ''خرجت من المستشفى بعد خمسة أيام، نصحني الأطباء بالعودة الى العمل بعد شهر، لكنني حصلت على شهر أضافي إجازة للاستجمام بعد العملية''· ونصح الأطباء عبد الرحمن بعدم حمل أوزان ثقيلة لمدة ستة أشهر وممارسة الرياضة ما عدا السباحة، ويمكنه تناول كل أنواع الأطعمة ما عدا العسل الطبيعي (لأنه ليس معقماً) والجريب فروت (لأن فيه مواد تمنع تفاعل الدواء المختص بتقبل الكلية مع الجسم)· عبد الرحمن يحمد الله لأن عمراً جديداً كتب له، ويوجه الشكر الجزيل الى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله'' والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة''· البرنامج الوحيد في الإمارات ويتميز برنامج زرع الكلى في مدينة الشيخ خليفة الطبية بإدارة كليفلاند كلينيك بأنه الوحيد في الإمارات العربية المتحدة الذي يضم فريقا دائما ومتخصصا بزراعة الأعضاء· وقد جرت عمليات لزرع الأعضاء في أواخر الثمانينات بأبوظبي لكنها توقفت في أوائل التسعينات· ويقول الدكتور ابرار خان مدير برنامج زراعة الأعضاء وجراحة الكبد في المستشفى ، ''هذا النوع من العمليات معقد جداً وهو يحتاج الى دقة عالية ومتابعة دائمة· وحكومة أبوظبي بحكمتها وبعد نظرها تعمل على تأمين كل ما نحتاجه لانجاح هذا البرنامج''· ويضيف ''أمنت شركة أبوظبي للخدمات الصحية - صحة وإدارة مدينة الشيخ خليفة الطبية كل ما نحتاج اليه من عاملين ومنسقين وصيادلة وعاملين في المجال الاجتماعي إضافة الى أحدث المعدات والاحتياجات ذات الكلفة العالية جداً· واضحت الخدمة التي نقدمها ونوعية الاهتمام الذي يتمتع بها المريض من الأفضل في العالم، وهي تتساوى وإن لم يكن أفضل مما يتم تقديمه في الولايات المتحدة وبريطانيا''· ويوضح خان ''أن هذا البرنامج لن يتوقف عند زراعة الكلي بل سيتطور ليشمل زراعة الكبد وباقي الأعضاء كالقلب والرئتين والبنكرياس في المستقبل القريب''· ويكشف أنه ''يتم التخطيط لإجراء أول عملية لزرع الكبد في بداية العام المقبل''، مشيراً الى أن ''الفريق العامل في البرنامج يحضر لهذه العملية منذ شهرين''· قانون وهب الأعضاء الجزء الأهم في عملية زرع الأعضاء هي ''الوهب''، يقول خان الذي يتمنى أن يتم تطوير القانون الى أن يصل الى مرحلة يمكن من خلالها التبرع بالأعضاء· ويوضح ''يمكن تعريف الموت بطريقتين: الأولى توقف القلب والثانية الموت الدماغي· في حالة الموت الدماغي يستمر القلب بالخفقان، وعلى القانون أن يساوي بين الحالتين كي يتم التمكن من الحصول الى أعضاء موهوبة''· ويؤكد ''أن هذا القانون معتمد في معظم دول العالم وهو المصدر الأول للأعضاء الموهوبة، وتطبقه المملكة العربية السعودية منذ عدة سنوات، وصدرت عدة فتاوى في المملكة تحلل وهب الأعضاء''· ويشير خان إلى ''أن الحكومة في أبوظبي تتفهم وتساعد في التقدم في هذا الأمر، وأنه إذا تم اعتماد هذا القانون فسيتم إجراء من 10-40 عملية في العام الأول على أن يزيد العدد كل عام''· ويشكر الدكتور خان كلا من هيئة الصحة - أبوظبي وشركة أبوظبي للخدمات الصحية - صحة وكليفلاند كلينيك لدعمهم المتواصل لبرنامج زراعة الأعضاء، وسعيد لوجوده في الدولة وخدمة المرضى· وسيصدر عن برنامج زراعة الأعضاء نشرة كل عدة أشهر توضح ما حققه من تقدم، وسينضم جراح جديد لزراعة الأعضاء وإداريون إلى الفريق العامل قبل نهاية العام· يشار الى أن أول عمليتين جراحيتين لزراعة الكلى أجريتا في الثالث والخامس من فبراير الفائت على يد الدكتور ابرار خان، المعين حديثاً كمدير لزراعة الأعضاء وجراحة الكبد وهو جراح وعالم متخصص في زراعة الأعضاء المختلفة· ووصل الى دولة الإمارات العربية المتحدة قادماً من الولايات المتحدة في نهاية شهر أكتوبر الفائت·