الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان والهند: وحدة العدو وجهود الإعمار

أفغانستان والهند: وحدة العدو وجهود الإعمار
12 أكتوبر 2009 00:38
على نطاق أفغانستان كلها، يشارك مئات العمال والمهندسين الهنود في صيانة وتعبيد الطرق المدمرة، وإنشاء طرق المرور السريعة. كما تولت الهند مسؤولية بناء البرلمان الأفغاني الجديد. وتسهم عمالتها في البعثات الطبية، وتدريب ضباط الشرطة الأفغانية، فضلا عن تدريب الدبلوماسيين وموظفي الخدمة المدنية الأفغانية. ويأتي كل ذلك في إطار الجهود المكثفة التي تبذلها الهند كسباً لعقول وقلوب الأفغان، حرصاً منها على تعزيز علاقاتها التاريخية القديمة مع هذه الجارة التي عرفت باضطراباتها المستمرة. والهند شأنها شأن باكستان، كثيراً ما تنظر إلى أفغانستان باعتبارها عمقاً استراتيجياً لها في المنطقة. غير أن جهودها الرامية إلى تكثيف وجودها فيها، مرت بانتكاستين خلال مدة 15 شهراً، إثر وقوع هجومين انتحاريين استهدفا تقويض وجودها في الأراضي الأفغانية. وبطريقة أو بأخرى ظلت الهند وباكستان تخوضان حروب وكالة صامتة بينهما داخل الحدود الأفغانية. وفي رأي المراقبين والمحللين أن من شأن الهجوم الانتحاري الأخير الذي وقع خارج مبنى السفارة الهندية في كابول، يوم الخميس الماضي، أن يؤجج نيران تلك الحروب. ومعلوم أن لأجهزة المخابرات الباكستانية علاقات قوية بعناصر متعاونة معها داخل أفغانستان. لكن لنيودلهي كذلك عناصرها الاستخباراتية الهادفة إلى تنفيذ العمليات الاستخباراتية المضادة للنشاط الاستخباراتي الباكستاني، إلى جانب مراقبة مقاتلي «طالبان»، على حد قول خبراء أمنيين باكستانيين وأفغان: «في ساحة العمل الاستخباراتي تدور حروب الوكالة الحقيقية بين الهند وباكستان»، هكذا كان رأي أحمد رشيد، الكاتب الباكستاني ومؤلف كتاب «فوضى الصحراء: الولايات المتحدة الأميركية وفشل بناء الدولة في باكستان وأفغانستان وآسيا الوسطى». وتلقي وكالات الاستخبارات باللائمة على المخابرات الباكستانية بتحميلها مسؤولية الهجوم الذي استهدف مبنى السفارة الهندية في العام الماضي، وأسفر عن مقتل 58 من أفرادها وموظفيها، بمن فيهم الملحق العسكري. غير أن إسلام أباد سارعت إلى نفي تلك الاتهامات. ويذكر أن معارضة الهند النشطة لحركة «طالبان» تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، حين انضمت الهند إلى إيران وروسيا في دعم «التحالف الشمالي» المعارض لحكومة «طالبان». واليوم تنفق نيودلهي ما يصل 1.2 مليار دولار في مشروعات الرعاية الصحية وبرامج الأغذية ومشروعات البنية التحتية الأفغانية. ويعد هذا البرنامج أكبر برنامج للمساعدات الخارجية الهندية على الإطلاق. هذا وقد جاءت هجمات الخميس الماضي على السفارة الهندية في كابول، وسط أجواء التوتر المتصاعد بين نيودلهي وإسلام أباد إثر الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها مدينة مومباي في شهر نوفمبر الماضي. ويذكر أن عدد ضحايا تلك الهجمات فاق الـ170 قتيلا، بينما شلت العاصمة الاقتصادية الهندية تماماً لمدة ثلاثة أيام كاملة. من جانبها قالت نيودلهي إن الإرهابيين العشرة المشاركين في تلك الهجمات جميعهم باكستانيون. وبسبب الهجمات هذه تراجعت العلاقات الدبلوماسية بين نيودلهي وإسلام أباد لخمس سنوات على الأقل، قياساً بالتقدم الذي كانت قد أحرزته قبلها. وأما هجوم الخميس الأخير الذي خلف وراءه 17 من القتلى على أقل تقدير، فقد حدث بعد يوم واحد فحسب من إعلان وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي عن تحسن نسبي في العلاقات بين بلاده ونيودلهي، وأنهما ربما تبدوان أكثر استعداداً الآن لاستئناف التفاوض السلمي بينهما. إلى ذلك نسب متحدث باسم «طالبان» الهجوم الأخير إلى حركته قائلا إن السفارة الهندية في كابول كانت الهدف الرئيسي الوحيد لتلك الهجمات. غير أن نيودلهي لم تحمل المسؤولية لأي جهة حتى الآن. ويقول خبراء ومراقبون إن صدعاً كبيراً بدأ يتسع بين حكومة باكستان المدنية وجيشها. بل إن صدعاً مشابهاً بدأ يتسع بين الجيش وجهاز المخابرات الباكستانية ISI. ولم تغب هذه الفجوة عن نظر الدبلوماسيين الهنود الذين رأوا إمكانية تحقيق تقدم دبلوماسي في العلاقات مع إسلام أباد. فقد لاحظ الكثير من الدبلوماسيين في الهند مساعي باكستان للتعاون على نحو ما مع بلادهم. وهذا ما يؤدي إلى تحييد الجيش والمخابرات الباكستانية من مجال التعاون الدبلوماسي بين عاصمتي البلدين. غير أن هجمات الخميس الأخيرة التي استهدفت مبنى السفارة الهندية في كابول، سوف تلقي بظلالها الكثيفة على المحادثات المرتقبة بين نيودلهي وإسلام أباد، على حد تعليق عدي بهاسكار، مدير «مؤسسة علوم البحار الوطنية» في نيودلهي. والسبب هو وجود اعتقاد عام في نيودلهي بأنه لم يكن ممكناً لهذه الهجمات أن تنفذ دون تعاون مع أجهزة المخابرات الباكستانية. فهي ليست عمل مجموعة معزولة من مقاتلي «طالبان»، ولا هي مما يمكن أن تقوم به فئة مستقلة من المتطرفين. ويبدو أن نيودلهي وكابول تتعاونان على تعميق العلاقات بينهما. فهناك ما يزيد على 4 آلاف هندي يعملون في أفغانستان، بينما يوجد فيها 6 مستشارين هنود على أقل تقدير. ولمكتب الهجرة الرئيسي في نيودلهي قسم خاص بخدمات الأفغان الراغبين في الهجرة أو اللجوء السياسي في الهند. وبما تقدمه من مساعدات وتبذله من جهود في إعادة إعمار أفغانستان، تعتقد الهند أنها تحفز الاستقرار الإقليمي في المنطقة، إلى جانب موازنة النفوذ الباكستاني على كابول، كما يقول الخبراء. والحقيقة أن مخاوف حكومة إسلام أباد قد تزايدت كثيراً من اتساع النفوذ الهندي الاستراتيجي على كابول خلال السنوات الأخيرة الماضية. وتتضمن تلك المخاوف تعميق العلاقات بين نيودلهي وحكومة الرئيس الأفغاني حامد قرضاي الذي تلقى تعليمه في الهند مثل كثيرين غيره من القادة الأفغان. إميلي واكس: نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©