السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجارب أميركية للصمود في وجه الركود

تجارب أميركية للصمود في وجه الركود
12 أكتوبر 2009 00:41
في غضون شهرين فقط، خسرت ولاية نيويورك لوحدها ما يربو عن 100 مليون دولار. ومن أصل 850 بنكا في الولايات المتحدة، اضطرت 343 إلى إغلاق أبوابها؛ وقفز معدل البطالة في صفوف الطبقة العاملة إلى 30 في المئة. وفي الأثناء، يتفق معظم المراقبين على أن هذا الانهيار المذهل إنما يعزى في المقام الأول إلى تشجيع البنوك والنظام السائد على المضاربة، والمبالغة غير المعقولة في منح الائتمانات والقروض على نحو يفوق القدرات المادية الحقيقية للمقترضين. فهل يبدو هذا الأمر مألوفا؟... ما سبق ليس وصفاً لما حدث العام الماضي، بل وصف لما حدث خلال «ذعر 1837» المأساوي والفظيع (يذكر هنا أن الخسائر التي منيت بها ولاية نيويورك وقتها قد تناهز ما يعادل 1.9 مليار من دولارات اليوم). ولئن كان ثمة الكثير من الدروس والعبر التي يمكن تعلمها من الانهيار في حد ذاته، فإن عملية الخروج من تداعياته والانتعاش خلال 1844 توفر دروساً مهمة للولايات المتحدة في 2009. ولنتأمل ما يلي: إن الأزمة الاقتصادية المأساوية أرست أسس المرحلة الثانية من الثورة الصناعية. وعلى سبيل المثال، فإن أحد أبرز وأهم الاختراعات التي حدثت خلال سنوات القرن التاسع عشر هي السكك الحديدية؛ ويمكن القول إن الثورة التي أحدثها الطيران في القرن العشرين وحدها تقريباً تضاهي التأثير الذي تركته السكك الحديدية على تاريخ الولايات المتحدة. لكن حقيقة أن توسيع صناعة السكك الحديدية حدث بتزامن مع الانهيار الاقتصادي لم يكن حدثاً استثنائياً، وإنما مؤشراً على أن الانتعاش يأتي عبر الاختراع والجرأة. فقد بدأت السكك الحديدية مثلا على شكل دائرة واحدة للسكك على يد جون ستيفنس في 1825، ثم تطورت وتوسعت إلى 2800 ميل بحلول 1840، ثم تضاعفت ثلاث مرات لتصل إلى أكثر من 9 آلاف ميل بين عامي 1840 و1850. وهكذا، تطابق «ذعر 1837» والسنوات الخمس التالية التي تميزت بالانكماش الاقتصادي بشكل كامل تقريباً مع نهاية منحنى النمو الاقتصادي الذي اتخذ شكل جرس؛ وكانت السكك الحديدية حافزاً قويا للسوق. وفي ظل هذا الأمر أسوأ ركود اقتصادي على الإطلاق في تاريخ الولايات المتحدة في ذلك الوقت بلغ النبوغ الأميركي أوجه. فبين عامي 1837 و1844 فقط، اخترع «صامويل كولت» المسدس الدوار، الأمر الذي غيّر تاريخ الأسلحة النارية إلى الأبد؛ ثم أحدث «جون ديري» ثورة في المجال الزراعي حين جاء بنوع جديد من المحراث؛ وتم استعمال مادة الأثير في التخدير لأول مرة في العمليات الجراحية؛ وتطورت صناعة الطباعة مع اختراع طابعات الصحف الدوارة؛ كما قام «تشالز جوديير» بتغيير الصناعة إلى الأبد بفضل تطويره المطاط المقوى - على سبيل المثال لا الحصر.ولكن بعد ذلك، وعلى غرار ما حدث في 2008، انهارت أبرز المؤسسات المالية أو أفلست نتيجة المضاربات. وإذا كانت مظاهر الدمار متشابهة إلى حد كبير بين الأزمتين، فإن الأمر نفسه يصدق على العلاج. ولكن الثابت أنه من «ذعر 1837 إلى الكساد الكبير خلال ثلاثينيات القرن الماضي، إلى صعوبات 1969 والسبعينيات حين قفزت مستويات المعيشة بـ15 في المئة، كان النبوغ الأميركي يتغلب دائماً على الكوارث الاقتصادية. وفي 1837، كان الأفراد الذين يتطلعون بأبصارهم إلى الأمام هم الذين ينجحون؛ وكانت الأوقات العصيبة تؤدي إلى الانتعاش. إن الوقت مواتٍ لصعود النبوغ الأميركي إلى الواجهة من جديد؛ ولكن علينا أن نتخلص من الفكرة التي تقول بأن حكومتنا تستطيع أن تُخرجنا من فترة الركود أو أن تستعمل، على نحو ما، تعرفة أو ضريبة جديدة من أجل تحفيز النمو الاقتصادي. وبدلا من ذلك، يجدر بنا أن نلجأ إلى نبوغنا والاستقلالية الجريئة التي تميز أمتنا حتى نغيّر مسار أميركا. ناثان فيسك مستشار سياسي واقتصادي مقيم في ولاية كولورادو الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©