الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صغار فلاحي المغرب يواجهون تدهور الزراعة بالهجرة والاستدانة

صغار فلاحي المغرب يواجهون تدهور الزراعة بالهجرة والاستدانة
14 ابريل 2014 21:42
سكينة أصنيب (الرباط) يعاني صغار الفلاحين المغاربة من تزايد حجم استدانتهم، بسبب فشل برامج الدعم المخصصة لهم، وتأثر مزروعاتهم بضعف التساقطات وتفاوت مستويات المعيشة في أوساطهم، إضافة إلى ارتفاع نسبة الإعالة وتدني الدخول. ورغم أن أغلب المزارعين يقضون معظم وقتهم في ممارسة مهن شاقة بغية تلبية احتياجات الأسرة، فإن مردودية عملهم لا توازي حجم معاناتهم، بل إنها في بعض الأحيان لا تكفي لسد احتياجات الأسرة، لأن المردود الزراعي يظل مرتبطاً بأحوال الطقس وظروف الإنتاج والتسويق. وأثر تدهور القطاع الفلاحي في ارتفاع نسبة الهجرة القروية، حيث يعيش في ضواحي المدن المغربية فلاحون زحفوا على المدن بحثا عن حياة أفضل، وأقاموا مساكن مؤقتة مصنوعة من الخشب والصفائح المعدنية. وضع صعب دفع الوضع الصعب الذي يعيشه الفلاحون إلى دق ناقوس الخطر، محذرين من استمرار هذا الوضع وانعكاساته السلبية على الإنتاج الزراعي والقدرة الشرائية للمستهلك والاقتصاد الوطني بصفة عامة. وتؤكد الدراسات أن تجذر الفقر في أوساط الفلاحين يعود إلى الظروف السيئة التي يعانيها القطاع الفلاحي بسبب تأخر تساقط الأمطار خلال مواسم الزرع وسوء توزيعها، وتعثر زراعة الخضراوات وتراجع نسبة المساحات المزروعة في معظم المناطق الريفية، وعدم قدرة الفلاحين على تسويق منتوجاتهم. إلى ذلك، يقول الباحث إبراهيم السعيدي أن المجتمع مسؤول عما يعانيه المجتمع القروي خاصة السلطات، التي غضت الطرف عن مشاكل الفلاحين، وتركتهم عشرات السنين في واقع بائس للغاية، ما دفعهم إلى البحث عن حلول مختلفة، كالاستدانة وبيع الأراضي والهجرة إلى المدن هربا من عوامل الجفاف والتصحر، التي أهلكت مواشيهم ومحاصيلهم. ويضيف: إن رغم كل ما عاناه الفلاحون خلال السنوات الماضية من شظف العيش وقساوة الطبيعة، إلا أن غالبيتهم لايزال متشبثا بعمله وحياته في القرى، حيث تستفيد الأسر الممتدة التي تشمل الأقارب والأعمام من مساعدات في إطار التضامن والتآزر. لكن من الضروري وضع برنامج عاجل للتخفيف من معاناة الفلاحين جراء الجفاف وارتفاع الأسعار، ومنح الذين فقدوا أراضيهم بفعل الاستدانة قطعاً صالحة للزراعة. ويشير السعيدي إلى أن حل مشاكل المزارعين كعدم قدرة السوق على استيعاب الإنتاج، وانهيار أسعار المحاصيل، ورداءة الطرق، وارتفاع أسعار النقل، وشدة المنافسة بين المنتجين، كفيل بتحسين الظروف المعيشية لسكان القرى. مطالبات مشروعة عن ظروف معيشته، يقول المزارع محمد العياشي: إن سوء الظروف الإنتاجية أسهم في تأصل عقليات الاتكالية والعزوف عن العمل، وارتفاع معدلات البطالة والفقر بين القرويين لأن الكثيرين لم يعودوا راغبين في القيام بنشاط لا أحد منهم يثق في جدواه. ويطالب العياشي بتحسين الظروف المعيشية لسكان الأرياف، ودعم زراعات صغار الفلاحين، وبناء طرق ثانوية لفك العزلة عن القرى الريفية، وتوفير منشآت حيوية ووحدات صحية وقاعات دراسية. ورغم الجهود التي تبذلها الدولة لتطوير الفلاحة، إلا أن المستثمرين وكبار الفلاحين هم الأكثر استفادة من برامج الدعم، بينما اتسمت باقي برامج الإصلاح والدعم الموجهة لصغار الفلاحين بقدر كبير من الارتجالية ولم تعتمد على خطة تنموية واضحة الملامح. ويوفر قطاع الفلاحة في المغرب نحو 4 ملايين وظيفة، ويعتبر أحد أهم دعامات الاقتصاد المغربي، حيث يمثل نسبة 14 في المئة من الناتج الداخلي الخام. ويقدر عدد سكان المجتمع القروي في المغرب بنحو 18 مليون شخص، وهو ما يعادل 49 في المئة من مجموع الأسر المغربية. وتمثل الواردات الزراعية ما بين 14 و24 في المئة من الواردات الإجمالية للمغرب، في حين تمثل الصادرات الفلاحية ما بين 15 و21 في المئة من مجموع الصادرات. استراتيجية متكاملة أطلق المغرب مؤخرا مخطط “المغرب الأخضر” كاستراتيجية متكاملة ومندمجة لتنمية القطاع الفلاحي، تهدف إلى إعطاء القطاع الفلاحي دينامية متطورة ومواكبة التحولات، التي يعرفها قطاع الصناعات الغذائية للاستجابة لمتطلبات السوق، من خلال انخراط القطاع الخاص في استثمارات جديدة، ودعم الفلاحة التضامنية من خلال محاربة الفقر في العالم القروي عبر تحسين دخل الفلاحين الصغار. ويأمل المغرب في أن يسهم هذا المخطط في نمو الاقتصاد، برفع الناتج الداخلي الخام، وخلق فرص العمل، ومحاربة الفقر، ودعم القدرة الشرائية للمستهلك المغربي، وضمان الأمن الغذائي على المدى الطويل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©