الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شيكات الرعاية الاجتماعية··· ورقة براون الجديدة

شيكات الرعاية الاجتماعية··· ورقة براون الجديدة
5 أغسطس 2008 23:14
بعد أربع كوارث انتخابية متتالية خلال موسم الصيف الحالي، لا يزال رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون يواصل البحث عن فكرة كبيرة جديدة، علها تعينه على إقناع الناخبين وحزبه العمالي معاً، بأنه لا يزال يملك ما يقدمه لهم· وهذه هي إحدى أفكاره الجديدة: إعادة أكبر عدد ممكن من المستفيدين من امتيازات الرعاية الاجتماعية، خاصة الآباء والأمهات العزاب، ومن ذوي الإعاقات البسيطة، إلى مزاولة العمل تارة أخرى· وليست هذه الفكرة جديدة كل الجدة على أية حال· فعلى امتداد الأحد عشر عاماً الماضية، زعم حزب ''العمال'' تمكنه من مساعدة مليون من المستفيدين من مزايـــا الرعايـــة الاجتماعيــة على العـــودة إلى العمـــل من خــلال حزمة متنوعــة من برامج العصــا والجزرة، خصصت لمجموعات الشباب والعاطلين عن العمل لفترات طويلة· لكن وعلى رغـــم ذلك، لا تزال نسبـــة 10 في المائة من إجمالي القـــوة العاملــة البريطانيــة، تعيش على المساعــدات التي يقدمها لها نظام الرعاية الاجتماعية· ولا تزيد نسبة الأمهـــات والآباء العزاب العاملين على 57%، قياساً إلى نسبـــة 80% من العاملين من أفراد الفئة نفسها في دول أخرى مثل السويد والدنمارك· وكان تقرير رسمي قد صدر العام الماضي، كشف فيه النقاب عن أن نسبة تقل عن ثلث الـ2,7 مليون شخص المنتمين إلى فئة المعاقين المستفيدين من مساعدات الرعاية الاجتماعية، تعد حالات إعاقتها مُقنعة وتستحق المساعدة بالفعل· وهذا ما عزز قناعة الحكومة البريطانية اليوم بضرورة تطبيق العدالة الاجتماعية، ما يعني تزايد قناعتها بأن يكون التصدي لهذه القضية أساساً لإقناع الناخبين واجتذاب أصواتهم· غير أن من المتوقع أن تروق إجراءات الحب القاسي الحازم الجديدة هذه، التي تعتزم الحكومة اتخاذها قريباً، للكثير من دافعي الضرائب البريطانيين، الذين شرعوا في مغادرة صفوف حزب ''العمال'' زرافات ووحداناً، تعبيراً عن رفضهم لعيوب نظام الرعاية الاجتماعية المطبق في بلادهم، ومن قبل حكومة الحزب الذي ينتمون إليه بالذات· لكن وعلى الصعيد الآخر، فإن من شأن هذه الإصلاحات المتوقعة، أن تنفّر من الحزب الحاكم كتلاً رئيسية من الناخبين، لا تزال على قناعة راسخة بأن على حزب ''العمال'' مواصلة مساعدته للفئات الاجتماعية الدنيا المستضعفة، بدلاً من أن ينقلب عليها ويعاقبها· ذلك هو ما عبر عنه ''جون ماكدونيل''، العضو البرلماني المنتمي إلى الجناح ''اليساري'' من حزب ''العمال'' بقوله: ''في ظل تفاقم مشكلة البطالة في الوقت الراهن، فإنه ليس متوقعاً لإجراءات متوحشة كهذه أن تأتي بنتائج عكسية سلبية للحزب فحسب، إنما ترقى إلى وصفها بأنها ليست أقل من العار، كونها تقوم على إرغام المستفيدين من نظام الرعاية الاجتماعية على العمل، ومضايقة أعداد أكبر من المعاقين''· وبعين تستقصد الحد من ميزانية الرعاية الاجتماعية المتضخمة من جهة، وأخرى تخشى على الحزب التدني المريع الذي حدث لشعبيته مؤخراً من الجهة المقابلة، أعلنت حكومة جوردون براون في الأسبوع الماضي، خططاً جديدة مثيرة للجدل، بشأن تشجيع الأمهات والآباء العزاب، وكذلك المرضى الذين يعتمدون اعتماداً كلياً على مساعدات نظام الرعاية الاجتماعية، على العودة إلى سوق العمل مجدداً· بهذا المعنى أكد مسؤول حكومي على صلة بهذه الخطط، أن المقصود هو عدم تجاهل أي مواطن بريطاني· فمما لا ريب فيه أن الجميع يريد أن يعمل· وفي الإمكان انتشال أعداد أكبر من الأطفال البريطانيين من دائرة الفقر فيما لو حصلت الأمهات على العمل· زد على ذلك أن البطالة والاعتماد الكامل على نظام الرعاية الاجتماعية، يلحقان الضرر بالعائـــلات ومجمــل المستفيدين من نظام الرعاية الاجتماعية، بذات الدرجة من الضرر الذي يلحق بجهاز الدولة· وعلى أية حال، فقد تعززت قناعة الكثير من الوزراء والمسؤولين الحكوميين اليوم، بأن في إمكانهم استعـــادة الآلاف ممن هجروا وظائفهم ومهنهم واعتمدوا كلياً على نظام الرعاية الاجتماعية إلى العمل· يذكـــر أن هـــذه القناعـــة قد استلهمت من إطــلاع الوزراء والمسؤولين الحكوميين على تجـــارب عديـــدة في هـــذا المجال، تمتد من تجارب ويسكونسين وحتى تجارب الدول الإسكندنافية· لكن وكما سبق القول، فقد دب الخلاف والتباين في وجهات النظر حول هـــذه المقترحات التي يتوقع لها أن توفر مليارات الجنيهات الإسترلينية لخزانة ما أحوجها اليوم إلى كل جنيه، علاوة على ما قد تمثله من وسيلة جذب جديدة لأصوات الناخبين المؤيدين لحزب ''العمال''، الذي أصبح مستقبله عرضة للتهديد أكثر من أي وقت مضى في الانتخابات العامة المقبلة· والفكرة التي تقوم عليها الخطط المعلنة هذه، هي الوفاء بالمتطلبــات اللازم توفرهــا لبــدء أعداد كبيرة من المعتمدين كليـــاً على نظام الرعاية الاجتماعية في البحث الجدي عن العمل، أو أن يواجه من لم يف بتلــك المتطلبات خطر خسارة شيك الرعاية الاجتماعية المخصص له شهرياً· ولن يستثنى من هـــذه الإجراءات إلا الآبـــاء الذين تقـــل أعمـــار أطفالهم عن 7 سنـــوات ومرضى الحـــالات المزمنـــة· وإلى هاتين الفئتين يضاف المدمنون شريطـــة التزام كل واحــد منهـــم بالخضـــوع لبرامج معالجــة الإدمان· وفيمـــا عدا هذه الفئات الثــــلاث، يطالــــب جميـــع المستفيدين الآخرون ببدء البحث الجاد عن الوظيفة··· وإلا الحرمان من شيكات الرعاية الاجتماعيــة· مارك رايس أوكسيلي- لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©