الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حوار استراتيجي بين أميركا والهند

4 يونيو 2010 23:35
تستضيف إدارة أوباما خلال الأسبوع الجاري حواراً على مستوى رفيع مع الهند كجزء من الجهود الأميركية المستمرة لإقناع عملاق جنوب آسيا بأن واشنطن تهتم بأكثر من محاربة الإرهاب في المنطقة، وأن انشغالاتها تمتد إلى قضايا أخرى ليس أقلها تأييد التطلعات الهندية بتبوء مكانتها الدولية. وفي هذا السياق يرأس الوفد الهندي الذي سيتوجه إلى واشنطن وزير الشؤون الخارجية، "س. إم. كريشنا" الذي سيلتقي يوم الخميس المقبل مع وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون ومستشار الأمن القومي، جيمس جونز، فضلا عن مسؤولين بارزين في الإدارة الأميركية. ويأتي هذا اللقاء في أعقاب "حوار استراتيجي" آخر أجرته واشنطن مع أفغانستان وباكستان خلال الفترة السابقة، بحيث من المنتظر أن يعقد مسؤولون في كلتا الحكومتين لقاءات ثنائية للتباحث في القضايا ذات الاهتمام المشترك. لكن وفيما تبقى القضايا الأمنية والحرب في أفغانستان حاضرة في أجندة اللقاء بين البلدين، أكدت الإدارة الأميركية أن الاجتماع سيشبه أكثر "الجلسات الحكومية" التي عقدتها الوزيرة كلينتون مع الصين والبرازيل خلال فصل الربيع الماضي. وتجدر الإشارة إلى أن البيت الأبيض بذل جهداً كبيراً لاستمالة الهند والتقرب منها، لا سيما وأنه ينظر إليها كشريك أساسي على الصعيدين التجاري والأمني. وكان الرئيس الأميركي قد أقام أول حفل عشاء على شرف رئيس الوزراء الهندي، مانموهان سينج، في شهر نوفمبر الماضي، وهو يعتزم القيام بزيارة إلى الهند في الخريف المقبل. ولعل ما يؤكد أكثر هذا التقارب الأميركي- الهندي وسعي واشنطن لتوثيق صلاتها بنيودلهي ما جاء في وثيقة استراتيجية الأمن القومي، التي صدرت في الأسبوع الماضي ويشير فيها الرئيس الأميركي إلى أن التحالف الأميركي- الهندي سيكون أحد الشراكات المحددة للقرن الحادي والعشرين، بالإضافة إلى العلاقات الأميركية مع باقي "القوى الناشئة". وفي خطوة رمزية لم يقدم عليها أوباما مع أفغانستان أو باكستان سيقوم الرئيس بزيارة مقر وزارة الخارجية في واشنطن يوم الخميس المقبل حيث تستضيف وزيرة الخارجية الأميركية الوفد الهندي للقاء به، والحقيقة أن الهند تحتفظ بذكريات طيبة من إدارة الرئيس بوش، التي وقعت معها اتفاقية تاريخية في المجال النووي لأغراض مدنية، والتي تعتبر لحظة حاسمة في العلاقات الثنائية بين البلدين. أما الآن وفي ظل إدارة أوباما، فيتعين على واشنطن إقناع الهند بأن الانخراط الأميركي مع الصين التي تعتبرها الهند منافسة لها وأحياناً خطراً يتهددها، فضلاً عن انشغال الإدارة الأميركية بما يجري في أفغانستان وباكستان، لن يكون على حساب نيودلهي. ويشار إلى أن المحاولات الأميركية لتوثيق علاقات واشنطن مع إسلام آباد التي تعد الخصم التقليدي للهند قد أزعجت المسؤولين الهنود الذين يعتقدون بأن التعهدات الباكستانية بقطع صلاتها مع الجماعات المتمردة كتلك التي كانت مسؤولة عن هجمات بومباي في العام 2008 ما هي سوى لعبة انطلت على أميركا، هذا في الوقت الذي تنظر فيه باكستان إلى محاولات الهند تعزيز تواجدها في أفغانستان كمحاولة لتطويقها. وفي هذا السياق صرح وكيل وزارة الخارجية الأميركية، وليام بيرنز، يوم الثلاثاء الماضي أمام "مجلس العلاقات الخارجية الأميركي" قائلاً: "نحن لا ننظر إلى العلاقات في آسيا على أنها معادلة صفرية إذا ربح طرف خسر الآخر، ذلك أنه لم تكتسب العلاقات الثنائية بين أميركا والهند في أي وقت مضى أهميتها الراهنة. فقوة الهند وصعودها على الساحة الدولية يصب في المصلحة الاستراتيجية للولايات المتحدة. وستبقى هذه الإدارة ملتزمة بمساعدة الهند ودعم صعودها العالمي". وهو ما أكدته صحيفة "ذي تايمز أوف إنديا" في مقال نشرته يوم الأربعاء الماضي رحبت فيه "بالدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لصعود الهند بعدما داعبتها لفترة فكرة مجموعة الاثنين بينها وبين الصين". ويتطلع مسؤولو البلدين خلال الاجتماع القادم إلى تطوير العلاقات السياسية والتجارية بينهما والتوقيع على اتفاقيات في مجالات مختلفة تتوزع بين الزراعة والطاقة وباقي الميادين. وضمن هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن الشركات الأميركية تقدمت بعرض لتزويد سلاح الجو الهندي بطائرات مقاتلة يصل عددها 126 طائرة بقيمة عشرة مليارات دولار، وهو ما يشكل حالياً أكبر عرض مطروح في مجال الدفاع على الصعيد العالمي. لكن بالرغم من النمو الذي حققه الاقتصاد الهندي تعاني البلاد من تقادم البنية التحتية وثقل الإجراءات البيروقراطية، فضلاً عن انتشار واسع للفقر. ويقدر الخبراء أن الهند في حاجة إلى استثمارات كبيرة بقيمة 7.1 تريليون دولار على مدى العقد القادم لاستغلال إمكاناتها الاقتصادية. وبحسب وكيل وزارة الخارجية الأميركية يخشى بعض الأميركيين من "التعامل الملتبس للهند نفسها مع مسألة صعودها العالمي، إذ مازالت منقسمة بين مجموعة 77 التي تضم دول عدم الانحياز وبين مجموعة العشرين، التي تعد امتداد لمجموعة الثماني وتضم بالإضافة إلى الدول الغنية بلدانا ناشئة مثل البرازيل والهند وقوى دولية أخرى". كارين دي يونج محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©