الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصراع في عصر التكنولوجيا على العناصر الأرضية النادرة

الصراع في عصر التكنولوجيا على العناصر الأرضية النادرة
30 ابريل 2018 22:09
ميونيخ (د ب أ) رغم أهميتها البالغة بشكل لا يكاد يصدق، إلا أن كثيرا من الناس لا يعرفونها تقريباً، إنها العناصر الأرضية النادرة. وكانت الصين قررت منع تصديرها إلى أميركا واليابان وبعض الدول الأوروبية عام 2012، ويوجد 99% من هذه المواد تقريباً في الصين ما يجعلها المحتكر الوحيد في العالم، ودارت حروب وخلافات خفية بين بكين وطوكيو على هذه المواد التي تتحكم في الاقتصاد الياباني، التي أعلنت مؤخرا اكتشاف مصادر للمعادن النادرة قبالة جزيرة ميناميتوريسيما. وأشارت الاكتشافات الأولية أن منطقة مساحتها 2500 كيلومتر مربع يمكن أن تحوي 16 مليون طن من هذه العناصر، ما يكفي العالم باستهلاكه الحالي مدة 730 عاما. وصدر حديثا كتاب ألماني غني بالمعلومات عن المعادن النادرة وأصلها وأهميتها، وهو الجزء العاشر في سلسلة كتب «تاريخ المواد» عن دار نشر «أوكوم» الألمانية. ويقدم كماً كبيراً من المعلومات المثيرة والخلفيات، ويلقي الضوء على تطور لا يكاد يمكن إدراك عواقبه المستقبلية. وركز لويتجارد مارشال وهايكه هولدينج هاوزن في كتابهما «العناصر الأرضية النادرة» على 17 عنصراً كانت مثار حديث وسائل الإعلام في العقدين الماضيين «لأنها ليست مهمة فقط للهواتف الذكية والحواسيب، بل لا يمكن الاستغناء عنها أيضاً في قطاع الطاقة والسيارات الكهربائية، إن تغاضينا عن أهميتها بالنسبة للتقنيات العسكرية». وربما لا يعرف أسماء هذه العناصر سوى عدد قليل جدا من الناس، وهي «سكانديوم، إتريوم، لانثانوم، السيريوم، برازيوديميوم، نيوديميوم، بروميثيوم، سماريوم، يوروبيوم، جادولينيوم، تيربيوم، ديسبروسيوم، هولميوم، إربيوم، ثوليوم، إيتربيوم، لوتيتيوم». ولا يركز المؤلفان في كتابهما على الجوانب التقنية والاقتصادية بقدر ما يركزان على الجوانب البيئية والسياسية لهذه العناصر، وأيضا «توضيح آفاق الاستخدام المستديم لهذه العناصر المهمة». وتطرقا إلى تاريخ استخدامها واستخراجها وتوزعها الدقيق في أنحاء العالم، وكذلك البحث عن بدائل وسبل للاستخدام المستديم. وقال المؤلفان، إن لهذه المعادن الـ 17 أهمية استراتيجية كبيرة، «رغم أنها لا تستخدم غالباً سوى بأصغر الكميات، ورغم أن مجموع الإنتاج العالمي السنوي منها يمكن أن يوضع في ناقلة بحرية عملاقة». ويرى المؤلفان أن تسمية هذه العناصر مضللة، لأن العناصر الأرضية النادرة ليست نادرة بالضرورة، «بل إن بعضها موجود في القشرة الأرضية أكثر من الزرنيخ والرصاص». إلا أن هذه العناصر لا توجد أيضاً بشكل مركز في مكامنها، بل توزع على مساحات واسعة بتركيز ضئيل للغاية وتوجد دائماً مرتبطة بعناصر أخرى. وأوضح الباحثون أنه «عندما يقال عن منجم حديد إنه جيد، فإن ذلك يعني أن نسبة خام الحديد به تبلغ نحو 70%، أما فيما يتعلق بالعناصر النادرة، فإن علماء الطبقات الأرضية يتحدثون عن وجود مخزون من هذه العناصر عندما تزيد نسبتها في الأرض عن 0.1%، أي أن كل طن من الصخور يحتوي على كيلوجرام واحد فقط من هذه العناصر». وأوضح المؤلفان في كتابهما المنتجات التي تحتاج هذه العناصر وأي المعادن تستخدم كمواد إضاءة، أو في المغناطيس الدائم في المحركات الكهربية الصغيرة على سبيل المثال. وقال المؤلفان، إن هناك ما يصل إلى 200 من هذه المحركات الصغيرة داخل السيارات اليوم، «بل إن المقاعد القابلة للضبط داخل السيارات أصبح بها محركات كهربائية أكثر من عدد المحركات الكهربية في السيارة كلها قبل 20 عاماً». وقال المؤلفان، إن العناصر النادرة هي التي تمكن منتجات بعينها من العمل، ولا بديل عنها في فروع صناعية بأكملها حيث «توجد في منتجات لا حصر لها بسبب صفاتها الخاصة، فهي موجودة في الهواتف والحواسيب، وفرش الأسنان الكهربائية، وطواحين الرياح، والسيارات الهجين والكهربائية، وتدخل في أنظمة الليزر ووسائل الإضاءة بدءاً من اللمبة الموفرة للطاقة وصولاً للقلم المضيء». كما أن هذه العناصر لا غنى عنها في مسار الكثير من عمليات الإنتاج خاصة صناعة النفط والصناعات الكيماوية، وحسب تعبير الكاتبين «هي تدير شؤون حياتنا اليومية من الصباح وحتى المساء بدون أن نلاحظها». وأشار الباحثان إلى أن الصين تحتكر هذه العناصر، ما أدى إلى تشوه في السوق. ولا يزال استخراج هذه العناصر مكلفاً جداً «فهي لا توجد منفصلة عن غيرها، لذلك فعلى كل من يريد استخراجها أن يفصلها عن أخواتها، وأن يبذل في سبيل ذلك كمية كبيرة من الطاقة والكيمياء». لذلك، فإن التعامل الواعي مع هذه العناصر يصبح أكثر أهمية، لكن مؤلفي الكتاب يريان أن ذلك غير متوافر «حيث تناثر نحو 110 آلاف طن من إجمالي الإنتاج العالمي عام 2010 الذي بلغ 123 ألفاً، ما يعني أن 90 إلى 100% من هذا الإنتاج ضاع في الطبيعة بشكل لا رجعة فيه من خلال الاستهلاك الآدمي، على سبيل المثال، من خلال إضافته للأسمدة أو العلف الحيواني أو الأدوية، أو نتيجة لاحتكاك داخل الأجهزة التكنولوجية»، وهو ما رآه الكاتبان «تبذيراً، يمكن أن تكون له عواقب لا يدرك مداها على البيئة والبشر». وأوضح المؤلفان كيف حاولت الصين ولا تزال تحاول الدفاع عن سيطرتها على سوق العناصر النادرة، وكيف أن معالجة هذه العناصر تتسبب في تلوث المياه والبيئة لتزايد السعي وراء هذه العناصر التي تستخدم حتى في تسمين الخنازير، لتصل من خلال ذلك للبيئة بشكل واسع، «ولا يمكن استعادة هذه المواد من التربة مرة أخرى».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©